حرب غزة.. سيناريوهات ما بعد أول قرار لمجلس الأمن بوقف إطلاق النار؟

يأتي قرار مجلس الأمن الأول بشأن وقف إطلاق النار بغزة خلال شهر رمضان، كمنعطف كبير بلا شك في مسار الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وبتأييد 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، اعتمد المجلس القرار 2728، الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وافساح المجال وإتاحة الممرات أمام وصول كافة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وإلى جانب كون هذا هو أول قرار يصدر بوقف إطلاق النار حتى ولو لأسبوعين، فإن التحول الأهم كان امتناع مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي تقدمت به العشر دول غير دائمة العضوية، عكس كل المرات السابقة، على نحو فجر على الفور أزمة علنية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية.

أهمية القرار

No description available.

في هذا السياق، أعرب الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن اعتقاده بأن إسرائيل لن تلتزم بقرار مجلس الأمن، مبرراً ذلك بأن القرار يرتبط بالمفاوضات التي تُجرى في العاصمة القطرية الدوحة.

وأوضح "الرقب" أن القرار لا يستند إلى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي تحمل إلزاماً بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بالقوة، وبالتالي يُضاف القرار إلى 89 قرارا آخر بشأن القضية الفلسطينية، ومن ثم فإنه مجرد "حبر على ورق"، حسب تصريحه.

لكن القيادي بحركة فتح استدرك قائلًا إنه على الرغم من ذلك، فنحن نرحب بالقرار، لأنه عبر عن تغير في الموقف الدولي، والموقف الأمريكي الذي لم يستخدم الفيتو في الحديث عن عدم إدانة حركة حماس بشكل مباشر، وإنما أدان الأحداث التي جرت بصفة عامة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

ويرى الدكتور أيمن الرقب أن القرار يمكن أن يكون فرصة لأن يُبنى عليه، وأن يكون دافعاً في مباحثات الدوحة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف لإطلاق النار بشكل دائم، لكنه يلفت إلى أن القرار دعا إلى هدنة خلال شهر رمضان، أي لمدة أسبوعين وبحد أقصى 3 أسابيع.

وقال إن القرار تحدث عن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ولم يتحدث عن إطلاقاً عن الأسرى الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم نحو 13 ألف أسير فلسطيني، وبالطبع لا يتحدث عن مشروع سياسي يفضي إلى تحريك الملف السياسي، وإنما هدنة إنسانية لإدخال المساعدات، ومن ثم فإننا أمام "أنسنة للصراع".

وفي ختام تصريحاته، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أكد القيادي بحركة فتح أنه رغم كل السلبيات، فإن القرار موضع ترحيب، لا سيما مع عدم استخدام واشنطن لحق الفيتو، وهذا يدفع باتجاه ترتيبات مستقبلية للضغط باتجاه إنهاء هذه الحرب المسعورة على الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى ترقب ما قد تسفر عنه مباحثات الدوحة، التي ستعتمد على قرار مجلس الأمن الأخير.

وفور إصدار مجلس الأمن الدولي قراره، أعلن على الفور "نتنياهو" إلغاء زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن، إذ كان من المقرر أن يعقد جلسة مباحثات بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح، القرار الذي اعتبرته الولايات المتحدة، في المقابل، مخيباً للآمال.

نقطة التحول

No description available.

بدوره، اعتبر الدكتور أيمن سلامة ضابط الاتصال السابق بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذا القرار تكمن أهميته في أنه أول قرار يأتي لوقف إطلاق النار من قبل مجلس الأمن، كما أنه عبر عن نقطة تحول رئيسية في مسار العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، التي استفحل فيها الخلاف على مدار الفترة الماضية.

وشدد "سلامة" على أن الواقع يقول إن إسرائيل لن تلتزم بتطبيق وقف إطلاق النار، لأنه ببساطة هذا الموقف من شأنه إتاحة الفرصة بالنسبة لحركة حماس أن تعيد ترتيب أوراقها العسكرية، والمناورة عبر شبكة الأنفاق الكبيرة التي تمتلكها، مؤكداً أنه لا يمكن أن تسمح تل أبيب للحركة الفلسطينية بهذه الفرصة.

وأشار الخبير في القانون الدولي، كذلك، إلى أن مشروع القرار لم يحمل إدانة مباشرة لإسرائيل، كما أنه لم يكن موجهاً لإسرائيل فقط، بل موجه لكافة الأطراف، أي أنه خاطب تل أبيب وحماس بوقف إطلاق النار، كما يخاطب جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالالتزام بهذا القرار، طالما أنه صدر عنه، وفق المادتين (24) و(25) من الميثاق الأممي.

وكانت الولايات المتحدة تؤكد دائماً على ضرورة إدانة حركة حماس، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لديها من أجل الموافقة في مجلس الأمن على وقف إطلاق النار، لكن امتنعت عن التصويت، في خطوة أثارت غضب "نتنياهو" الذي اعتبر هذه الخطوة تخلياً من واشنطن عن دعم الجهود الحربية الإسرائيلية في مواجهة حماس، وكذلك جهود استعادة المحتجزين.