مؤتمر القوى المدنية بالقاهرة.. قبلة حياة مصرية جديدة للسودان؟

كشفت مصر عن استضافتها قريباً مؤتمراً للقوى المدنية السودانية، فيما تبقى التساؤلات حول جدوى هذه اللقاءات.

ذكرت وزارة الخارجية المصرية أنه في إطار حرص جمهورية مصر العربية على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان الشقيق على تجاوز الأزمة التي يمر بها، فإنها تستضيف في نهاية شهر يونيو/حزيران 2024 مؤتمراً يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين.

وأوضح بيان الخارجية المصرية أن الهدف هو التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني – سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة، حيث تأتي الدعوة المصرية انطلاقاً من إيمان راسخ بأن النزاع الراهن في السودان هو قضية سودانية بالأساس.

واندلع الصراع بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان في مواجهة قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في 15 أبريل/نيسان 2023، في حرب خلفت قرابة 14 ألف قتيل ونحو 8 ملايين نازح ولاجئ، فيما تشهد الفترة الماضية تصاعداً غير مسبوق للمعارك، وسط انشغال دولي بتطورات الأوضاع في قطاع غزة.

شروط للنجاح

لا يتوفر وصف.

يقول عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مؤتمر القوى المدنية السودانية في مصر مهم للغاية، ويأتي في وقت حساس ورغم أنه تأخر لكن أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي، معتبراً أن هذه القوى يمكن أن تشكل اختراقاً كبيراً في الأزمة السودانية وتؤثر على قرار القوتين العسكريتين المتحاربتين.

ويؤكد ميرغني أن هذه القوى يمكنها التأثير بشرط الاتفاق في الرؤى والأهداف العليا، لا سيما أن مصر لديها اتصال مع كافة الأطراف وتقف على مسافة واحدة من الجميع، خاصة كذلك أن الغالبية العظمى من تلك القوى موجودة في الأراضي المصرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبالتالي إمكانية التأثير عليهم لصالح الأجندة الوطنية.

ويرى الكاتب الصحفي السوداني أنه إذا اجتمعت كل هذه القوى فإنها ستسحب البساط من تحت أقدام التدخلات الأجنبية لصالح خلق إرادة سودانية من أجل السلام ومن الداخل السوداني، أي أن نكون أمام حل سوداني، مشيراً إلى أن القاهرة تلعب هنا دور الميسر فقط وتترك لهم الأجندة، كما أن انعقاد المؤتمر لديها فرصة نظراً لأن هناك قوى لا تستطيع السفر إلى السودان، وبالتالي نحن أمام مكان مناسب من أجل لقاء سوداني – سوداني، وفقاً له.

وكالة فرات للأنباء سألت ميرغني حول قدرة القوى المدنية على التأثير في قرارات القوتين العسكريتين المتحاربتين (الجيش والدعم السريع)، فكان رده أن هذه القوى المدنية بالفعل قادرة على فرض أجندتها بسهولة، على حد قوله، مبرراً ذلك بأن الحرب بين الدعم السريع والجيش سياسية وليست عسكرية، وما حدث كان استقطاب للقوى العسكرية على ضوء الخلافات السياسية.

وأضاف أنه في ضوء ذلك إذا اتفقت القوى السياسية المدنية على رؤية واحدة لحل الأزمة السودانية، فإنها ستفرض رؤيتها على القوى العسكرية، التي سيكون عليها أن ترضخ لأنه في هذه الحالة تكون القوى المدنية سحبت الشرعية من القوى المتحاربة، وفقاً له.

واستضافت القاهرة قمة دول الجوار، في يوليو/تموز من العام الماضي، بحضور واسع وتم خلالها الاتفاق على تشكيل آلية وزارية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار تعقد اجتماعها الأول في تشاد، من أجل وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن حلولا عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة.

لا جديد؟

لا يتوفر وصف.

وعلى عكس ميرغني، لم يبد السفير محمد الشاذلي سفير مصر الأسبق لدى السودان تفاؤلاً بشأن ما قد يخرج عن هذا المؤتمر، قائلاً، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن أصحاب البلد أنفسهم يحرقونه، والأطراف المتحكمة في الصراع لا ترى إلا مصلحتها فقط، حتى لو قاموا بحرق السودان كله.

وأضاف الشاذلي أن البرهان وحميدتي كلاهما لا يبحثان إلا عن مصلحتهما وهما المتحكمين في المشهد، وقد أجرما في حق السودان وشعبه، مشدداً على أنه طالما لا يزالان على رأس القيادة في السودان، فلن يكون هناك أي نتائج إيجابية لأي مؤتمر يعقد، ويجب أن يرحلا الاثنان لأنهما لا يريدان إلا الحصول على الغنائم، وفقاً له.

ويراهن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية على أن الشعب السوداني هو وحده صاحب الكلمة وهو القادر على حل وحسم هذا الصراع، بعيداً عن أي تدخل خارجي، والأخير ندد به الدبلوماسي المصري السابق إذ قال إن أي تدخل خارجي في بلد عربي مرفوض، كما أن تلك التدخلات لم تحل أي أزمة مشيراً إلى سوريا والعراق واليمن وليبيا.

وهناك نحو 18 مليون سوداني يعانون نقصاً حاداً في الغذاء من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليوناً، في وقت تشير تقديرات إلى أن مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعاً، وسط غياب أطروحات فاعلة نحو الحل السياسي للصراع الذي أتى على الأخضر واليابس.