رغم ذكريات "العشرية السوداء".. "إخوان الجزائر" يضعون أعينهم على الرئاسة
تنظيم الإخوان في الجزائر يقرر خوض انتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل، رغم أن ذكريات "العشرية السوداء" لا تزال حاضرة في الأذهان.
تنظيم الإخوان في الجزائر يقرر خوض انتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل، رغم أن ذكريات "العشرية السوداء" لا تزال حاضرة في الأذهان.
جاء إعلان حركة مجتمع السلم "حمس"، التابعة لتنظيم الإخوان الدولي، تقديم رئيسها عبد العالي حساني شريف كمرشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية ليفتح كثيراً من التساؤلات والتكهنات حول هذا القرار، لا سيما أن الجزائريين ورغم مرور سنوات طوال لا تزال جرائم الإسلاميين في "العشرية السوداء" حاضرة في أذهانهم.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة يريد منها الإخوان نوعاً من المناورة السياسية، محاولين الاستفادة من حالة الحماس الشعبي لما يجري في قطاع غزة وهم يعرفون كيف يدغدغون مشاعر الشعوب بهذا الملف، وإن كان في الوقت ذاته فإن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون يهمه أن يكون هناك عدد كبير من المرشحين في هذا السباق ومن ثم خروج المشهد الانتخابي بشكل تعددي.
مناورة سياسية؟
يقول محمد مصطفى عبد الرؤوف مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط السابق بالجزائر إن تنظيم الإخوان في الجزائر يدرك جيداً ضعف فرصته في أي استحقاق انتخابي في البلاد، فالجزائريين لا يزالون يذكرون العشرية السوداء وما فعله بهم وصول الإسلاميين إلى الحكم.
وأضاف عبد الرؤوف أن الإخوان يلعبون دائماً على قضايا تلهب مشاعر الناخبين الجزائريين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لكنهم لا يقدمون حلولاً لمشاكل الحياة اليومية للمواطن الجزائري وفي مقدمتها القضايا الاقتصادية، التي هي التي تشغل المواطنين بصفة أساسية.
ولفت الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الجزائري إلى أن إعلان حزب حركة مجتمع السلم "حمس" الذراع السياسية الرئيسية لإخوان الجزائر ترشيح رئيسها عبد العالي حساني للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 7 سبتمبر/أيلول المقبل، ما هو إلا مناورة الهدف منها ابتزاز النظام الحالي برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون لانتزاع مزيد من الحقائب الوزارية حال فوز الأخير.
وقال عبد الرؤوف إنه رغم أن حركة "حمس" لم تقدم مرشحا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2019، إلا أن عبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني (المنشق عن حمس) خاضها، ودعمته حمس سراً، ورغم ذلك حل ثانياً بعد أن حصل على 17.3%، بفارق كبير خلف الرئيس تبون الذي حصل على 58.15%.
ويدلل بمثال ثان، إذ أنه خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد الانتخابات الرئاسية الماضية، لم تستطع الأحزاب الإسلامية ومن بينها الإخوان تحقيق الأغلبية، بل فازت بنسب ضئيلة من المقاعد البرلمانية في مؤشر على رفض الشارع الجزائري لتلك الأحزاب.
وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أعرب الكاتب الصحفي المصري عن اعتقاده أن تقديم مرشح إخواني للانتخابات الرئاسية الجزائرية، يصادف هوى في نفس النظام الجزائري الحالي، الذي يرغب في تعدد المرشحين لينفي عن نفسه أي شبهة لاحتكار السلطة.
شعبية متآكلة
لكن مصادر جزائرية تؤكد أن هناك حالة من الخلاف داخل تنظيم الإخوان حالياً أو حركة حمس بشأن الآلية التي تم وفقاً لها اختيار عبد العالي حساني لخوض سباق الرئاسة، بدليل أن الرئيس السابق للحركة عبد الرازق مقري خرج بتصريحات يبدو تحمل انتقاداً لقرار مجلس شورى الحركة.
في هذا السياق يقول أحمد أبو داوود الكاتب الصحفي الجزائري، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه يجب الأخذ في الاعتبار أولاً أن حركة مجتمع السلم فقدت كثيراً من شعبيتها خلال الفترة الماضية من خلال حالة التخبط الداخلي والانشقاقات التي ضربت التنظيم أو الحركة.
وأضاف الكاتب الصحفي الجزائري أن الحركة فقدت كثيراً من شعبيتها خلال الفترة الماضية على نحو يتضح من خلال الانتخابات التشريعية التي فشلت فيها، كما أنها في انتخابات الرئاسة الماضية دعت أكثر من مرة لمقاطعة الانتخابات لكن نسب المشاركة تؤكد فشل دعواتهم.
ويرى الكاتب الصحفي الجزائري أنه ربما يكون في ضوء ذلك قد رأت حركة حمس أن طريقتها في التعامل مع الأحداث السياسية خاطئة، ومن ثم أعادوا النظر في المسألة وقرروا المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبل، مشيراً إلى أن آخر مرة قد شاركوا فيها كانت عام 1995.
ويلفت أبو داوود إلى نقطة مهمة وهي أن المرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة المحسوب على الإسلاميين أعلن دعمه لترشيح عبد المجيد تبون لانتخابات الرئاسة المقبلة، وبالتالي أن يكون هناك جزء من التيار الإسلامي يدعم ترشح الرئيس الحالي فإن هذا يعزل حركة حمس ويسحب البساط من تحت أقدامها، وبالتالي تخسر مزيداً من الشعبية الضعيفة بالأساس.
ويرى أبو داوود أنه ربما يكون قيادات حركة مجتمع السلم فكروا في مسألة خوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة للأسباب السابقة، مؤكداً، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن اعتقاده أن الإخوان لن يحققوا أي شيء يذكر في انتخابات الرئاسة، نظراً لتراجع شعبيتهم خلال الفترة الماضية والذي اتضح في أكثر من مناسبة كما سبق وتمت الإشارة إليه.
ويبدو أن إخوان الجزائر يتجاهلون ليس حالة الرفض الشعبي لهم في الجزائر فقط، وإنما في منطقة الشرق الأوسط ككل بعد أن سقطوا من الحكم ولفظتهم الشعوب.