تلويح بفرضها.. هل تنجح عقوبات أوروبا في تهدئة الوضع بالسودان؟

لوحت مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الأفريقي بأن الاتحاد يدرس فرض عقوبات على ممولي الحرب في السودان، في تصريح أثار جدلاً كبيراً حول إمكانية تنفيذ تلك العقوبات، وما يعنيه بالنسبة للأوضاع هناك والتي تلاشى الاهتمام بها لصالح تطورات غزة.

يعيش السودان أوضاعاً مأساوية منذ اندلاع الصدام المسلح بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في مواجهة قوات الدعم السريع التي يقودها السيد محمد حمدان "دقلو" نائب رئيس مجلس السيادة منذ 15 أبريل\ نيسان من العام الجاري، وقد تفاقمت المعاناة مع غياب اهتمام المجتمع الدولي بما يجري في هذه الدولة العربية الأفريقية في ظل الانشغال بما يجري في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب الانقلابات التي تشهدها عدة دول أفريقية أخرى.

وفي اهتمام يبدو نادراً، قالت المبعوثة الأوروبية إلى القرن الأفريقي إن الحرب الحالية ليست باسم السودانيين، وأن الفظائع والانتهاكات لحقوق الإنسان لا يمكن أن تمر دون عواقب، كاشفة أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات بشكل تدريجي ووقف الإمدادات المالية على الهيئات والمنظمات التي تؤيد وتمول الحرب.

علامات استفهام

في هذا السياق، يقول رامي زهدي الخبير في الشأن الأفريقي، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن فكرة فرض عقوبات على من يتم وصفهم بممولي الحرب في السودان من حيث الشكل مقبولة، ولكن واقعياً فإن هذا الأمر يصعب للغاية تطبيقه، لأن هناك صعوبات بشأن تحديد من تم وصفهم بممولي الحرب في السودان، وهل هم قادة القوات المسلحة السودانية أم قادة قوات الدعم السريع، أم الاثنين معاً.

وأضاف "زهدي" أنه كذلك هناك تساؤلات حول هل يقصد بذلك الداعمين والممولين لهذه العملية مالياً سواء داخل السودان أو خارجه، أم الداعمين لوجيستياً على الأرض، وإذا كان الأمر يتعلق بداعمي هؤلاء خارجياً سواء أشخاص أو مؤسسات، فإن هذا يتوقف على مجموعة من الأمور، أولها مدى امتلاك الاتحاد الأوروبي أدلة على تورط هؤلاء الأشخاص أو المؤسسات، وثانياً مدى امتلاك الاتحاد الأوروبي آليات لفرض وتنفيذ تلك العقوبات، في حالة كان هناك متورطين خارجياً.

أما على الصعيد الداخلي، يقول "زهدي" إننا نتحدث عن دولة تشهد بالتأكيد انهياراً للنظام الاقتصادي والمالي في السودان، وهؤلاء الأشخاص الذين يراد معاقبتهم عادة لا يخضعون لأي نظام معاملات مالية دولية، فكالمعتاد تكون المعاملات كاش أو غير رسمية، والدعم يكون غير معلن، وبالتالي يصعب إثبات تقديم الدعم أو التورط في الحرب بشكل مباشر، أو تطبيق العقوبات.

ويرى رامي زهدي أنه كان من الأحرى بأي مسؤول في الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد بصفة عامة أن يتحدث عن القيام بتحقيقات في مدى ارتكاب جرائم حرب بالسودان، أو أن يكون هناك حديث عن إثبات الجرائم التي يتحدث عنها الاتحاد، معتبراً أن مثل هذه التصريحات تعبر عن حالة عدم الجدية في المجتمع الدولي أو لدى الدول الأوروبية بشأن حلحلة الأزمة السودانية، وتظهر تلك التصريحات من وقت لآخر عندما تجد تلك الدول نفسها في فراغ من الأحداث التي تجري، فالملف السوداني تقريباً مهمل.

وانتقد الخبير في الشأن الأفريقي المواقف الدولية، وكذلك حتى الأطراف داخل السودان، قائلاً إن بينهم من لا يشعر بأهمية الدولة وليس لديهم إحساس بمفهوم الدولة الوطنية، ولا إعلاء لمصلحة الوطن وإنما الكل يدافع عن مصالح شخصية، وبالتالي هناك غياب تام لمفهوم الدولة الوطنية، وكذلك غياب الزعيم الوطني السوداني الذي يستطيع لم شمل كافة الأطراف حوله.

عقبات أمام عودة السلام إلى السودان

وقد تحدثت المبعوثة الأوروبية عن العقبات التي تحول دون عودة السلام إلى السودان، حيث أكدت أن انعدام الرغبة من كلا الطرفين يعد من أبرز التحديات أمام جهود السلام الحالية في الملف السوداني، مؤكدة أن كل طرف يشعر أنه يمكنه أن يكتسب مزيداً من الأرض بالقوة العسكرية والنفوذ، فهناك صراع بين الطرفين وهما يأخذان البلد بأكمله معهما نحو الأسفل.

تعليقاً على ذلك، يقول السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية إن مشكلة السودان لن تحل بالعقوبات، مؤكداً أنه من الضروري أن يكون هناك مزيداً من الاهتمام من قبل المجتمع الدولي بالسودان، لكن لا يجب أن يكون الاهتمام متعلقاً بمسألة فرض عقوبات أو الحديث عنها، لأن العقوبات يثبت الواقع أنها لن تحل المشكلة.

وأضاف "صلاح حليمة"، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أننا نتفق مع حديث المبعوثة الأوروبية بشأن موقف الأطراف والقوى السودانية، إذ أن المسافات تبدو متباعدة وكل طرف يتمسك بموقفه، ولكن يجب أن يكون هناك دعم للقوات المسلحة التي تشكل ضمانة لاستمرار الدولة السودانية.