خلال 25 سنة للقائد أوجلان في السجن كانت اللقاءات له مع ذويه ومحاميه مسموحاً بها فقط خلال أول 11 سنة تقريباً، ومنذ هذا العام الآن يمنع المحامين من اللقاء به، ويتم وضع كثير من العراقيل أمامهم، فاللقاءات شبه معدومة باستثناء لقاءات سمح بها عام 2019 عندما كانت هناك إضرابات داخل تركيا وخارجها بنحو 5 لقاءات، وبمجرد انتهاء تلك الاحتجاجات وهدوء الأوضاع تم منعها مرة ثانية.
أعنف انتهاك لحقوق الإنسان في العصر الحديث
في هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري عبده مغربي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه لا يمكن للمنظمات الدولية أن تطنطن بالحديث عن القيم الديمقراطية، فنقبل منها ذلك، بينما في الناحية الأخرى نراها قد عجزت عن مجرّد الحديث بما يليق عن اعتقال وعزل الزعيم الكردي المناضل عبدالله أوجلان، الذي يواجه أعنف وأكثر انتهاكات حقوق الإنسان شراسة في العصر الحديث.
وأضاف أنه في غمرة الظلام وتحت قباب العزلة، يخوض القائد عبدالله أوجلان نضالاً من أجل السلام، فبينما يتمتع كل سجين بحقه في التواصل مع محاميه وأسرته، نجد أن هذا الحق غائباً عندما يتعلق الأمر بالسيد عبدالله أوجلان، حيث تتطرف الدولة التركية أشد مظاهر التطرّف وهي تتفنن في تشديد العزلة عليه، بل وتزداد معاملتها سوءاً مع مرور الزمن ضد رجل دعى ويدعوا لوحدة الشعوب والسعي نحو السلام والوحدة.
ويقول عبده مغربي إنه على مدى حياته، سعى القائد عبدالله أوجلان بإصرار منقطع النظير، لتحقيق السلام بين الشعوب والوحدة بينها، ورغم أنه مرّ ما يقرب من ربع قرن على احتجازه في سجن جزيرة إيمرالي، إلا أنه استمر في بناء عديد من المشاريع التي ستعود بالفائدة على العالم أجمع، وإلى جانب ذلك، قفز القائد أوجلان في وجه المظالم التي يتعرض لها الشعب بشجاعة وإصرار فقدم مفتاح الحل لأزمة واضطراب الشرق الأوسط من خلال نظام الأمة الديمقراطية الذي صاغه.
وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، قال الكاتب الصحفي المصري إن مفتاح الحل لأزمات الشرق الأوسط موجود في إيمرالي، وينبغي على جميع الأمم والمكونات أن تتحمل مسؤولية الالتزام بقيم وأفكار القائد أوجلان كسبيل للخروج من كثير من الأزمات الإثنية والعشائرية والعرقية، فمفتاح الحل لكل تلك الأزمات عند أوجلان.
ولا يسمح للقائد أوجلان بلقاء زملائه في السجن إلا لمدة ساعة واحدة في اليوم، وبقية الوقت يكون في السجن الانفرادي وهذا الحال مستمر لنحو 25 عام تقريباً، وخلال 15 عاماً لم يكن مسموحاً له إلا بمحطة راديو واحدة تتبع الدولة التركية، وحتى عندما كانت تصله صحف أو مجلات تكون قديمة، بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى قص بعض الموضوعات من تلك المجلات، بحسب ما صرح أحد أعضاء فريق دفاعه من قبل.
النظام التركي يرتكب جريمة مكتملة الأركان
بدوره، يقول الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن السلوك التركي تجاه القائد عبدالله أوجلان سلوك يرفضه كل المجاهدين وكل أحرار العالم، فمن حقه أن يقابل محاميه وأهله وإن كان الأتراك يتشدقون بالديمقراطية فإنه من حق الكرد أن يقرروا مصيرهم وقد أكدنا مراراً أن للكرد حقهم في تقرير مصيرهم سواء في المنطقة العربية أو في تركيا.
وأضاف "الرقب"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن سلب حقوق القائد أوجلان واعتقاله حتى هذه الفترة الطويلة دون أن يكون له الحق على الأقل في لقاء محاميه هي جريمة مكتملة الأركان من قبل النظام التركي الذي عليه الكف عن ذلك، وبالتالي فإن موقفنا يرفض بالكامل ما يتم اتخاذه ضد القائد أوجلان، والجميع يجب أن يندووا بتلك الممارسات غير الإنسانية.
وشدد القيادي السياسي الفلسطيني أن ما يجري مع "أوجلان" أمر يتجاوز القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، والأخيرة تعطي له الحق في أن يقابل محاميه وأن يلتقي ذويه وأن يتلقى العلاج والغذاء باعتباره سجين سياسي ويعبر عن رأيه، لكن هو محروم من كل ذلك على نحو لم يحدث حتى مع السيد نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا خلال نظام الأبارتاهيد، إذا كانت الفرصة تترك لمانديلا ليقابل محاميه ويقابل بعض وسائل الإعلام.
وقد أكدت كثير من المنظمات والهيئات الدولية عدم قانونية الأفعال التي يقوم بها النظام التركي تجاه السيد عبدالله أوجلان، لكن نظام أردوغان يضرب عرض الحائط بكل ما يصدر عن تلك المنظمات، إذ أنه لأكثر من عامين ونصف انقطعت جميع الأخبار عن "أوجلان" ولا أحد يعرف عنه شيء لا عائلته ولا محاميه.