سقوط مدن دارفور الكبرى بيد الدعم السريع..هل يغير خارطة الصراع بالسودان

سقطت خلال أيام قليلة المدن الكبرى في إقليم دارفور بيد قوات الدعم السريع ولم يتبقى سوى مدينة الفاشر، مما يمكنه أن يغير من موازين الحرب في السودان ويضع إمكانيات الإقليم تحت سيطرة قوات الدعم، كما يضع سكانه من القبائل الغير عربية هدفاً لتلك الميليشيات.

شهدت الأسابيع الأخيرة تقدم سريع لقوات الدعم السريع في دارفور، حيث سقطت تقريباً كل المدن الرئيسية في الإقليم تحت سيطرتهم عدا مدينة الفاشر في تحول دراماتيكي في الحرب المستعرة بالسودان، مما يفتح باب التساؤلات حول مستقبل المعارك بعد هذا التغير الكبير.

التقدم من الخرطوم إلى دارفور

كشف محمود إبراهيم، مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، أن كل الشعب السوداني يتعجب من انسحاب قوات الدعم السريع بأفواج كثيرة ومتجهة إلى غرب السودان وخاصة دارفور، ومن دارفور إلى مدن نيالا وزالنجي والجنينة وإسقاط المدن الكبرى والحميات التي كانت تمثل السند والدعم القوي لشعب دارفور.

وأكد إبراهيم في تصريح خاص لوكالة فرات، أن مرور تلك الآليات والجنود من الخرطوم واتجاههم عبر مدن عديدة حتى يصلون إلى تلك المناطق يعد اختراق وعدم كفاءة وعدم مقدرة في الحرب المفتوحة،  وعدم قدرة على حسم المعارك في المناطق المكشوفة، إن لم تكن بتنسيق كامل بين الجيش والدعم السريع وأي إنسان سوداني مدرك للأحداث في الساحة السودانية يقول أن المسافة لا تقل عن ألف ونيف من الكيلو مترات والمناطق سهول مكشوفة ويستطيع الطيران حسم أكبر قوة يمكن أن تتحرك في تلك المناطق مثلها مثل الصحراء التي تفصل بين السودان وليبيا.

وأضاف مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، أنه من هذا المنطلق تعتبر الأحداث التي أدت إلى انسحاب الدعم السريع من الخرطوم ومرورها بكردفان ووصولها إلى دارفور، وإسقاط نيالا وزالنجي وصولا إلى إسقاط معسكر اردمتا في الجنينة، فهو أمر لا يمت للقيادة العسكرية الرشيدة بصلة إذا استبعدنا وجود تنسيق مباشر بين قيادة الجيش السوداني والدعم السريع.

وأوضح إبراهيم، أن الجيش السوداني يمكنه أن يحسم كل المعارك التي تمت مع قوات الدعم السريع، وهنا تطرح عدة أسئلة، لأن انسحاب الدعم السريع من الخرطوم كان ظاهرا واضحا، وهناك تسريبات من داخل العاصمة المثلثة وسيارات كبيرة حملت جنود وحاجاتهم من أدوات نهبوها من منازل المواطنين السودانيين، ويتجهون بها غربا كملاذ آمن، كما أن تمركز قوات الجيش في الحاميات التي سقطت ساعدت في إسراع عملية سقوطها، مما يوضح أن قيادة الجيش لم تكن تدير المعارك باحترافية، ولم تكن هي القيادة التي يعول عليها في حسم المعارك.

حصار الفاشر

وبيّن مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، أنه يجب على قيادة الجيش إذا كانت غيورة على الوطن ومصلحة المواطن أن تجيب على تلك الاسئلة التي تضع المواطن السوداني في حيرة عن ماذا يجري في قيادة الجيش وقيادة المعارك في الخرطوم، وكيف سقطت المدن الكبرى في دارفور ما عدا الفاشر، والآن الفاشر في حصار كامل من قوات الدعم السريع، حصار كامل من كل الاتجاهات إما الاستسلام أو الهزيمة المتوقعة، والطيران محيد تماما عن إدارة معاركه في المناطق المكشوفة للطيران، والتي يمكن لكل أنواع الطائرات حتى الطيران الانتينوف حسم تلك المعارك.

خطوة لسقوط باقي مدن السودان

وأشار إبراهيم إلى أن تلك الانتصارات يتدفع الجنجويد للتطهير العرقي باحترافية وتهجير المناطق، والتي هجر بعضها بالفعل فمثلا الجنينة مهجرين في معسكرات تشاد، واخيراً سمعت أن هناك حامية عسكرية هربت باتجاه تشاد كملاذ أمن للقيادات العسكرية بالحامية، وهي روح انهزامية وغير قتالية وليست جزء من العقيدة العسكرية لدى الجيش السوداني.

واستبعد مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، أن الانتصارات الأخيرة للدعم ليست ورقة ضغط على الجيش ولكنها مكاسب للقوة المتمردة وأنها قد تمارس ما تريده وتستخدم تلك الأراضي للهجوم على مدن السودان عبر طيران ومنصات ومسيرات وصواريخ.

وأردف إبراهيم، أن السهولة التي سقطت بها دارفور يمكن الهجوم على باقي مدن السودان من دارفور، لن تسلم أي مدينة لتوافر الدعم اللوجستي، مبيناً أن هناك دولة خليجية تدعم المتمردين عبر مطار أم جرس، وواحدة من فرق الجيش التشادي تمرد على السلطة الشرعية في تشاد وقام بضرب مطار أم جرس وتعطيله وإخراجه عن العمل، وصادر كل الأسلحة والعتاد الموجود في مطار أم جرس.

وحمل مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، دولة الإمارات بمساعدة التمرد ودعمهم دعم لوجستي كامل.

جرائم حرب في دارفور

بينما كشف منصور أرباب، رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة، أنه استمراراً لنهجها الدموي البربري تصر قوات الدعم السريع بارتكاب المزيد من جرائم الحرب والتطهير العرقي وجريمة الإبادة الجماعية ضد سكان ومواطني ولاية غرب دارفور وخاصة في مناطق مستري، مورني، كرينك، الجنينة واردمتا المنكوبة.

وأكد أرباب في تصريح خاص لوكالة فرات، أن قوات الدعم السريع بعد احتلالها للفرقة 15 مشاة بأردمتا، وفي سلوك بربري مشين طوقت قوات الدعم السريع مدينة اردمتا واستباحت بيوت المواطنين ومراكز ومعسكرات النازحين واختطفت المئات من المواطنين العزل، حيث شاهد العالم كيف أذلت وعذبت قوات الدعم السريع وأهانت كرامة المواطنين الذين اختطفتهم بمن فيهم الأطفال، وقامت بتصفية وذبح المئات منهم وألقت بجثث القتلى المدنيين في شوارع وطرقات مدينة اردمتا وفي المزارع.

وأضاف أرباب، أنه توجد معلومات وتقارير مؤكدة تفيد بأن قوات الدعم السريع لا تزال تحتجز المئات من المدنيين من بينهم أطفال في أعمار دون العشر سنوات اختطفتهم من مدينة اردمتا في يومي الرابع والخامس من شهر نوفمبر الجاري، حيث تحتجزهم في مكاتبها ومراكزها وسجونها بمدينة الجنينة.

تغيير موازين القوى على الأرض

كما كشف محمد حسن حلفاوي، الصحفي والإعلامي من الخرطوم، أن التقدم لقوات الدعم السريع حدث في ثلاثة ولايات من أصل خمسة في دارفور، حيث أحدثت التقدم في ثلاثة ولايات من أصل خمسة، والرابعة لم تشهد معارك لأن هناك اتفاق أهلي مع الجيش والدعم السريع على عدم مهاجمة أي طرف.

وأكد حلفاوي في تصريح خاص لوكالة فرات، أن تلك الولايات أنها مهمة لأنها حدودية مع تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، تقصد أن الدعم السريع أصبح يمتلك المواصلات مع تلك الامتدادات وأصبحت فكرة حصاره مستحيلة، حيث أن الدعم السريع بسبب تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا لم يتعرض إلى قطع الإمدادات.

وأضاف الصحفي والإعلامي من الخرطوم، يمكن أن تحدث فيها جرائم للدعم السريع وتطهير عرقي على غرار الجنينة، الدعم السريع غير مسيطر على قواته، لأنها عبارة عن مليشيات قبلية.

ولم يغفل حلفاوي الثمار الاقتصادية للتقدم الأخير، مثل مناجم الذهب في جنوب دارفور وهي عاصمتها نيالا، وأصبحت تحت سيطرة الدعم السريع، كما قام الدعم بعمليات نهب وسلب واسعة لتلك القبائل بعد سيطرته وخاصة في زالنجي، لأن الدعم السريع إذا لم ينهب لا يحارب اساساً.

مصير الفاشر

وبين حلفاوي، أن الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا في مدينة الفاشر ولاية شمال دارفور وهي تحت سيطرة الجيش، وتعد الولاية الوحيدة التي في يد الجيش في إقليم دارفور حالياً، وأغلب تلك الحركات متحالفة بشكل او بآخر مع الجيش ومنتشرة في الفاشر، بينما حركة عبد الواحد محمد النور موقفهم حتى الآن في انتظار الوضع في الفاشر، لأن معركة الفاشر معركة اصطفاف في إقليم دارفور وقد تكون معارك قبلية، ربما لن تحاول الدعم السريع دخول الفاشر، تجنباً لمعارك هو في غنى عنها ضد الحركات.