هل نجحت كارثة إعصار دانيال في تجاوز الإنقسام السياسي الليبي؟
استطاع إعصار دانيال المدمر تحطيم الانقاسم الليبي السياسي والشعبي لتتوحد الحكومتان وتتكاتفان لمواجهة التبعات الكارثية للإعصار، فهل نجح الإعصار في تحقيق ما عجزت عنه السياسة الليبية؟
استطاع إعصار دانيال المدمر تحطيم الانقاسم الليبي السياسي والشعبي لتتوحد الحكومتان وتتكاتفان لمواجهة التبعات الكارثية للإعصار، فهل نجح الإعصار في تحقيق ما عجزت عنه السياسة الليبية؟
كشف عادل عبد الكافي المستشار العسكري والإستراتيجي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، أن كارثة الإعصار أدت لتكاتف الجهود بالنسبة لليبيين، ولجميع القوى السياسية في الشرق والغرب وخاصة حكومة الوحدة الوطنية التي لديها صلاحيات كاملة لدعم كل من تضرر من الإعصار، ولكن المشهد الإجتماعي كان الطاغي على الأوضاع الكارثية التي حدثت في المنطقة الشرقية وخاصة مدينة درنة، فأرسلت القوافل عبر جميع مدن ليبيا من مصراته ومن الخمس ومغدامس وسبها والزاوية وغريلان وزوارة، وطرابلس وجميع مدن ليبيا، حيث كانت مجهودات إجتماعية من ألأهالي والأعيان.
وأكد عبد الكافي في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه من أشكال هذا التكاتف أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس قدمت الدعم للمتضررين في شرق البلاد، والقوى الأمنية التي حمت البعثات المختصة بالبحث والتنقيب من الوصول من غرب البلاد لشرقها، حيث ادت الكارثة لنسيان كل ألأطراف في ليبيا خلافاتهم من أجل توحيد الجهود.
وأضاف المستشار العسكري والإستراتيجي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، أن حكومة الوحدة الوطنية خصصت مبلغ 2 مليار دينار ليبي لإعادة الإعمار الجزئي في المنطقة الشرقية، وكل من هو متضرر من الإعصار وهدمت منازلهم وفقدوا ممتلكاتهم، وحكومة الوحدة الوطنية أرسلت للصندوق الدولي أن يتولي من خلال مختصين رعاية ومتابعة عملية أعمار ليبيا، نظرًا لحالة الفساد في ظل الميزانيات التي صرفت لترميم السدود في مدينة درنة، وشاب تلك الميزانيات فساد مالي كبير في معالجة الخلل الموجود في السدود، ولذلك ستتولى الجهات الدولية لصرف الميزانيات في مكانها الصحيح حتى لا تطالها أيدي الفاسدين.
وبين عبد الكافي، أن الإتجاه الآن لمحاولة إعادة الإعمار ولو بشكل جزئي من أجل رفع الأعباء عن كاهل المواطنين المتضررين جراء هذا الإعصار، من خلال المتابعة الدولية وصندوق النقد الدولي الذي سيشرف على إعادة الإعمار الجزئي في المنطقة الشرقية لتوفير المسكن الملائم للمتضررين من هذا ألإعصار.
وأوضح المستشار العسكري والإستراتيجي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، أن المساعدات الدولية تأتي من أجل رفع العبء عن الشعوب المتضررة سواء كانت أعاصير أو زلازل، ولذلك كان هناك مجهود بذل من جميع دول العالم بشكل إنساني سواء كانت دول عربية أو غربية وهي بعيدة عن التجاذبات السياسية ولا تخدم المصالح السياسية لبعض هذه الدول في الأراضي الليبية.
وأشار عبد الكافي، إلى أن إعادة الإعمار سيكون عمل شاق قليلاً وخاصة الجانب الإنساني الخاص بالمواطنين، ولكن على صعيد الحكومة لديها إمكانيات مادية محدودة، وفي ظل الوضع الحالي سيكون هناك بعض العقبات أمامها ولكن سيتم تجاوزها لأن عملية إعادة الإعمار ستكون محددة بمدينة درنة وبعض أجزاء المنطقة الشرقية، ولكن حال وجود مجلس نواب جديد وحكومة مستقرة تستطيع أن تعمل في جميع ربوع ليبيا، سيكون من السهل عملية إعادة الإعمار خاصة أن ليبيا تمتلك المقدرات المالية والمساحة الشاسعة التي تمكنها من إقامة بنية تحتية صحيحة وتذليل الصعاب أمام المواطن الليبي.
وأوضح المستشار العسكري والإستراتيجي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي، أن الكارثة التي حلت بليبيا وأبناءها أدت إلى تكاتف الجهود ومحاولة رفع الأعباء عن كاهل المواطن في المنطقة الشرقية، ولكن نجاح الإعصار في الدفع بالأطراف نحو العملية السياسية فهو غير ممكن لأنه لا تزال معظم الأطراف تسعى بكل الطرق للإستفادة حتى من الكارثة، التي يحاول البعض توظيفها لصالحه.
وأردف عبد الكافي، أن التكاتف السياسي الذي شهدته ليبيا بعد الكارثة لن يندرج على العملية السياسية لوجود بعض الشخصيات تحاول الإستفراد والهيمنة على الوضع السياسي في ليبيا وفرض أنفسهم، مشيرا إلى أن تلك الشخصيات حاولت سابقا القيام بذلك بقوة السلاح من خلال العمليات العسكرية تجاة العاصمة طرابلس، وكذلك الأطراف في غرب ليبيا لا يزالون يرفضون كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي وخليفة حفتر قائد الجيش الليبي كشركاء في النظامين السياسي والعسكري.
بينما كشف عياد عبد الجليل، الإعلامي والمحلل السياسي الليبي، أنه لم يتجاوز اللييبون خلافاتهم السياسية بعد، ولكن الحقيقة أنه أصبح الوضع كارثي ووضع الحكومتين أصبح سيئاً جدًا أمام الشعب، ولذلك اضطر الجميع لإقرر وصرف ميزانيات إعادة إعمار، مبينا أن تلك الميزانيات سيكون مصيرها في جيوب المسؤولين.
وأكد عبد الجليل في تصريح خاص لوكالة فرات، أن التضامن الشعبي كان تضامنا كبيرا ونجح في كسر جميع الحواجز التي وضعت لمدة ١٠ سنوات في الصراع الليبي مما وضع المسؤولين في وضع محرج، حيث اسقط الإعصار ورقة التوت عن عمل الحكومتين، ولذلك سيكون هناك حوار جديد مرتقب نهاية العام في شهر ديسمبر.
وأضاف الإعلامي والمحلل السياسي الليبي، أن مجلس النواب قرر بالإجماع صرف ميزانية ١٠مليار دينار من أجل إعمار مدينة درنة المنكوبة، مشيرا إلى أن المساعدات الدولية كانت ممتازة وإيجابية، خاصة مع وصول فرق إنقاذ من كل دول العالم بكامل عتادها.
وأثنى عبد الجليل على المساعدات المصرية مبينا أنها وصلت في الوقت المناسب والهلال الأحمر المصري عمل بكل جدارة في مهمة إنتشال الجثث والبحث عن ناجين.
وأوضح أن الشعب الليبي أيقن أن الأموال التي صرفت على الميليشيات والحروب، وتلك التي تم اختلاستها خلال السنوات الماضية، كان يمكن أن تشكل فريق مدرب يتعامل مع الكارثة بشكل ممتاز وسريع.
بينما يرى إبراهيم بالحسن، مدير جهاز الإسعاف والطواري في مدينة الكفرة، أنه لازال الانقسام كما هو، وما قامت به الحكومتين تجاه الكارثة هو دورهم لأنه من واجب كل حكومة دعم أي مدينة ليبية متضررة، أما المواطنين فهم وحدة واحدة ولا يوجد أي فرق بينهم والكل يحب الآخر، وكانت المساعدات الشعبية على قدر الحدث وأكثر، لأن كل الليبيين ساهموا بما يستطيعون.
وأكد بالحسن في تصريح خاصة لوكالة فرات، أن المساعدات الدولية كفت وأوفت خاصة المساعدات المصرية، رغم أن بعض تلك المساعدات الدولية وصلت متأخرا.
وأضاف مدير جهاز الإسعاف والطواري في مدينة الكفرة، أن الاثار النفسية المترتبة على الإعصار أكثر صعوبة من إعادة بناء ما دمره الإعصار، لأن صدمة سكان درنة كانت كبيرة، ولذلك الناس تحتاج لإعادة تأهيل، خاصة وأن ما حدث في درنة كارثة بكل المقاييس، مشيرا إلى أن السؤال الرئيسي هل ستنجح الحكومة في توفير دعم نفسي لكل ضحايا الإعصار؟
بينما كشف أحمد شرتيل، المحلل السياسي الليبي، أن الكارثة وحدت الليبيين على الجانب السياسي والشعبي، ولكن السؤال الذي يطرح هل سنرى ليبيا الجديدة بعد هذه الكارثة، وهذا لن يحدث مع وجود أيادي خارجية لا تريد استقرار لليبيا خاصة وللوطن العربي عامة، مشيرا إلى أن هناك شخصية سياسية واعلامية مدعومة من الخارج هدفها عدم خلق تناغم سياسي أو اجتماعي في ليبيا.
وأكد شرتيل، أن المساعدات الدولية هي شيئ طبيعي، لأن ما حدث في درنة كارثة طبيعية يتوجب من العالم مساعدة الليبيين فيها، مبينا أن الدعم الأكبر كان الدعم الشعبي الذي أثبت أن الليبيين في قمة التآزر.