وتذهب التوقعات إلى أن "تل أبيب" لن تكتف بهذا العدد، بل ربما تتعاقد على مزيد من تلك الطائرات والتي على الأقل ستحقق لها التفوق العسكري لنحو 12 سنة قادمة، خصوصاً في ظل القلق الإسرائيلي إزاء التقارب الخليجي الإيراني، ومساع إسرائيل الدائمة لتأمين تفوقها الجوي في المنطقة.

تفاصيل الصفقة

وبحسب التفاصيل التي أعلنتها وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن السرب الثالث من مقاتلات إف – 35 الأكثر تطوراً في العالم يتضمن 25 طائرة ترفع بذلك إجمالي ترسانة إسرائيل الجوية من هذا النوع من الطائرات إلى 75 طائرة، في وقت لا تملك أي من دول المنطقة هذا النوع من الطائرات، الذي كانت إسرائيل أول دولة تمتلكه بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وستصنع الطائرات شركة "لوكهيد مارتن"، كما أنه سيتم تمويل الصفقة من خلال المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي، والأخطر أنه في مايو 2018، قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي إن إسرائيل ستكون أول دولة تستخدم تلك الطائرة في الأعمال القتالية، وتُعرف تلك المقاتلات أيضا باسم "جوينت سترايك فايتر" وفي إسرائيل باسمها العبري "أدير".

وبين بنود الصفقة أيضاً أن شركتي "لوكهيد مارتن" و"برات أندويتني"، المصنعة للمحركات، وافقتا على إشراك شركات دفاع إسرائيلية في إنتاج مكونات تلك الطائرات، وفق ما أعلنت كذلك وزارة الدفاع الإسرائيلية.

تعديلات خاصة من أجل إيران

في سياق متصل، ذكر موقع "بولغاريان ميليتاري"، المهتم بالشؤون العسكرية، أن إسرائيل تدخل بعض التعديلات على نظام طائرات إف – 35 والتي تزود قدراتها الاستراتيجية، والتي صممت خصيصاً للتعامل مع التهديدات الإيرانية عبر دمجها بالتكنولوجيا الخاصة والابتكارات التي توصلت إليها وزارة الدفاع الإسرائيلية.

ولفت الموقع كذلك إلى أن إسرائيل تزود الطائرات بتصميمات إلكترونية تتعامل مع طبيعة التهديدات التي تواجهها والتنقل بينها، في إشارة إلى التهديدات الإقليمية التي تمثلها إيران وكذلك حزب الله اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية حتى لو كانوا لا يشكلون تهديدات من حيث الطيران لإسرائيل.

وذكر الموقع أنه في مسرح الشرق الأوسط المضطرب، يستعد سرب طائرات F-35 الإسرائيلي لإرساء هيمنة جوية بسرعة، إذ أنه لا أحد من خصوم إسرائيل الإقليميين، بما في ذلك إيران، يشغل حالياً طائرات من الجيل الخامس، مما يمنح تل أبيب ميزة لا مثيل لها.

وقال جوشوا شاني، الرئيس التنفيذي لشركة  لوكهيد مارتين إسرائيل إن الشركة "تشرفت بإعلان الحكومة الإسرائيلية عن نيتها شراء طائرات F-35 إضافية"، مضيفاً أن سلاح الجو الإسرائيلي أثبت قدراته في العمليات الحاسمة لأسراب سابقة، ونحن نتطلع إلى البناء على هذا الأداء القوي.

وتابع أنه "مع مزيج من التخفي ودمج أجهزة الاستشعار والحرب الإلكترونية، سيضمن الجيل الخامس من طائرات F-35 بقاء سلاح الجو الإسرائيلي على أتم الاستعداد للتعامل مع التهديدات الحالية والمتطورة لحماية حدودها ومواطنيها لعقود قادمة".

روسيا في الصورة

في هذا السياق، يقول الدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية، لوكالة "فرات" للأنباء، إن هناك روايات وتقارير غربية تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجه إلى منح إسرائيل تلك الطائرات لمكافئة طائرات أخرى متطورة ستحصل عليها إيران من روسيا.

وأوضح أن "موسكو" ستمنح هذه الطائرات إلى "طهران" كنوع من التعبير عن الامتنان للموقف الإيراني المساند للروس خلال الحرب في أوكرانيا، لا سيما وأن إيران صدرت طائرات مسيرة إلى روسيا يتم استخدامها داخل الأراضي الأوكرانية خلال الحرب التي بدأت في فبراير من العام الماضي.

وقال "سمير" إن الأمر في حصول "تل أبيب" على هذا النوع من الطائرات يرتبط أيضاً بالتزام أمريكا الدائم لضمان تفوق إسرائيل في سلاح الجو على جيرانها الشرق أوسطيين، أي أن التفوق الإسرائيلي لا يكون على الدول العربية فقط، بل على كل دول الشرق الأوسط، ولهذا تركيا التي هي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" كل ما تأمله أن تحصل على طائرات إف 16 وتجد صعوبة في ذلك.

العدد مرشح للزيادة

ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن إسرائيل تحصل على ما تريد من أسلحة بسهولة من الولايات المتحدة، نظراً لوجود اللوبي الإسرائيلي القوي في أمريكا والذي يساعد في تمرير أي اتفاقية عسكرية لصالح تل أبيب.

إضافة إلى ذلك، قال "سمير" إن إسرائيل لديها قدرات كبيرة على الحفاظ على أسرار الصناعات العسكرية الأمريكية، إذ أنها ومعها بريطانيا أكثر دولتين تتشارك معهما "واشنطن" أسرار صناعاتها العسكرية، ولهذا فشلت صفقة حصول الإمارات على هذا النوع من الطائرات، خوفاً من قدرة الصين على معرفة أسرار تلك الصناعة، لأن الإمارات تعتمد بشكل كبير على شبكات الجيل الخامس للاتصالات الصينية.

ولفت الدكتور أيمن سمير إلى أن إسرائيل ربما تحصل على دفعات جديدة من تلك الطائرات، ليكون لديها أكثر من 75، لأن هذا النوع من الطائرات لديه القدرة على تحقيق التفوق الجوي لإسرائيل على الأقل حتى عام 2035 المقبل.

إسرائيل أول دولة تستخدمها عملياً

وكانت إسرائيل قد وافقت في السابق على شراء 50 طائرة مقاتلة من طراز F-35 من شركة لوكهيد مارتن، يتم تسليمها على دفعات ثنائية وثلاثية حتى عام 2024، واعتباراً من نوفمبر 2022، تم تسليم 36 طائرة من طراز F-35i.

وقد وصلت أول طائرتين من طراز F-35 لسلاح الجو الإسرائيلي في ديسمبر 2016، وبعد عام تقريبا، تم الإعلان عن تشغيل المقاتلة الشبح - المعروفة في إسرائيل باسم Adir - وبعد عدة أشهر، كشف قائد سلاح الجو أن الطائرة قد شن غارات جوية، مما جعل إسرائيل الدولة الأولى التي اعترفت باستخدام الطائرات عملياً.

وقد تمت الإشادة بالجيل الخامس من طراز F-35 باعتباره "مغيراً للعبة" من قبل جيش إسرائيل، ليس فقط لقدراته الهجومية والتخفية، ولكن لقدرته على ربط أنظمته بطائرات أخرى وتشكيل شبكة لتبادل المعلومات.