رئيس "تجمع الصف الليبي": التدخل التركي في ليبيا دوافعه اقتصادية ويجب إخراج المرتزقة

تشهد الأزمة الليبية مخاضاً عسيراً في إطار الجهود المتواصلة من أجل إنهائها ووضع حد لمعاناة الليبيين، حيث تجري المباحثات من أجل إنجاز الانتخابات، فإذا يعد هذا مهمة رئيسية فإن إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من هذا البلد ربما تكون الخطوة الأكثر أهمية.

أجرت وكالة فرات للأنباء حواراً مع السياسي والوزير الليبي السابق الدكتور سلامة الغويل رئيس تجمع الصف الوطني الليبي، والذي أكد أنه يجب إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا ودعم الجهود الرامية إلى ذلك ضمن عملة اللجنة العسكرية.

وشدد السياسي الليبي البارز على أن التدخل التركي في ليبيا مبني علي أساس اقتصادي، حيث أن تركيا كانت تتمتع بمجموعة كبيرة من عقود الإعمار في فترة حكم العقيد معمر القذافي ضمن مشروع ليبيا الغد، وهنا فإن الأتراك يسعون من خلال تدخلهم في ليبيا إلى الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية.

نص الحوار:

*بداية، ما أبرز ملامح رؤيتك لحل الأزمة الليبية؟

- إن إيجاد الصيغة المناسبة لحل أي أزمة يتطلب تشخيصاً وتحليلاً موضوعياً لكل مسببات الأزمة والعمل على وضع الحلول لها، وليبيا تعاني من أزمة معقدة ومتداخلة ولها عدة أبعاد يجب أن يتم تناولها والعمل عليها بالتزامن. وتتمثل هذه الأزمة في البعد الأمني وهو ما يجب العمل على دعمه من كل القوى الوطنية الداخلية لتحقيق الاستقرار الأمني في البلاد وإيقاف التدخلات الخارجية السلبية. ولدينا في الوقت الحالي لجنة عسكرية مشتركة تعمل برعاية أممية نجحت في المحافظة على وقف إطلاق النار وهي تعمل على توحيد المؤسسة العسكرية ومعالجة القضايا الأمنية الشائكة، ونحن ندعم هذه اللجنة ونحث الأطراف الخارجية على دعم توافقاتها.

*ماذا عن الأبعاد الأخرى لهذه الأزمة؟

- بالنسبة للبعد السياسي فإن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هي مفتاح الحل، إذ أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة كفيل بوضع البلاد في حالة من الاستقرار السياسي تنطلق منها الدولة الليبية لمرحلة البناء، وهذا ما تعمل عليه اللجنة المشكلة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث تعمل اللجنة على إيجاد صيغة توافقية للتشريعات والقوانين الانتخابية. ثم لدينا البعد الاجتماعي، الذي يتطلب مصالحة شاملة حقيقية بين مكونات المجتمع الليبي والعمل على مكافحة خطاب الكراهية ونشر خطاب الود والتسامح. أما ما يخص البعد الاقتصادي، فهو متوقف على الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي حتى يعمل الاقتصاد يجب أن يكون المناخ العام للدولة في حالة من الاستقرار الدائم وهو ما سيتحقق من خلال معالجة الأبعاد التي تم ذكرها.

*كيف يمثل المرتزقة الموالون لتركيا معضلة لحل الأزمة الليبية؟ وما المطلوب للتعامل معهم؟

- إن وجود المقاتلين الأجانب والمرتزقة في الصراع الليبي كان نتاج صراع سياسي واقتصادي بين القوة الخارجية في فترة سابقة ومع التغيرات العالمية والإقليمية المتسارعة وانتشار بؤر التوتر، أدرك الجميع أن ازدياد الصراعات المسلحة لا يخدم الاستقرار العالمي، فنحن اليوم نرى تغيراً في المواقف ولغة الخطاب للدول المتدخلة في الأزمة الليبية، وهذا يعطي مؤشراً أن الدول المعنية تبنت سياسات أكثر مرونة تجاه الأزمة الليبية، ودليل ذلك فتح قنوات تواصل دبلوماسية بين مختلف القوة الداخلية والخارجية المتصارعة. والمطلوب هو دعم الجهود الوطنية للمحافظة على وقف إطلاق النار ودعم أعمال اللجنة العسكرية المشتركة في خططها الرامية لتوحيد المؤسسة العسكرية وإخراج المقاتلين الأجانب والمرتزقة وإيقاف التدخلات الخارجية السلبية.

*ما الذي يريده أردوغان برأيك من ليبيا؟ وهل يتراجع عن سياسته؟

- التدخل التركي في ليبيا مبني علي أساس اقتصادي، حيث أن تركيا كانت تتمتع بمجموعة كبيرة من عقود الإعمار في فترة حكم العقيد معمر القذافي ضمن مشروع ليبيا الغد، ومع بدء أحداث شباط/ فبراير سنة 2011 دخلت الدولة الليبية في حالة فوضى عارمة، حيث انتشر السلاح والعنف في كل أرجاء البلاد، وأصبحت مصالح الشركات العاملة في ليبيا في خطر وتعرض كثير منها للخسائر، ومع زيادة حدة الصراعات وتطورها تشكلت تحالفات بين قوى خارجية وداخلية كل منها تبحث عن مصالحها ويمكن أن نفسر حقيقة  التدخل التركي من وجهة نظرهم بأنه كان يهدف لضمان تركيا في الحفاظ على مصالحها في المنطقة الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط المتنازع عليها مع دولة اليونان وللحفاظ على استثمارات الشركات التركية العاملة في ليبيا. وأعتقد أن الأوضاع والعلاقات الدولية في ذلك الوقت بين الدول المتداخلة في الأزمة الليبية كانت في قمة التوتر والتصعيد.

*وهل اختلف ذلك الوضع؟

- اليوم نجد أن الأوضاع تختلف، ها نحن نرى تقارب مصري تركي وعودة في العلاقات، ونلاحظ هدوء نسبياً في لغة العداء بين تركيا و اليونان وتقارب تركي دبلوماسي مع إقليم برقة في ليبيا، كل هذه المؤشرات تدل على اختلاف كلي في سياسة التعامل مع الأزمة الليبية من قبل هذه الدول و اتباع سياسات جديدة تتسم بالدبلوماسية والدعوة للحلول السلمية.

*هل يريد أردوغان تكرار ما فعله في سوريا مع ليبيا؟

- إن الأزمة السورية بالنسبة للأتراك أعمق من الأزمة الليبية، فاشتعال الحرب في سوريا والعراق أرغم الدولة التركية على الانزلاق في هذا المستنقع، فوجود صراع مسلح على حدود الدولة التركية أجبرها على الدخول في هذا الصراع من منظور الأمن القومي، وللأسف ها نحن اليوم نرى نتائج هذه الحرب الكارثية على الشعب السوري وانعكاسها على دول الجوار ومنها تركيا. أما بخصوص الأزمة الليبية في نظر الأتراك هي المحافظة على المصالح الاقتصادية وهنا الاختلاف كبير ومع التوافق الذي نراه بين دول المنطقة وعودة العلاقات السياسية، استبعد عودة الصراع المسلح في ليبيا من جانب هذه الأطراف بل ستكون الجهود السياسية من قبل هذه الدول رامية لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. والواقع يقول إن الخطر الحقيقي الآن على ليبيا هو الصراعات الجديدة في دول وسط أفريقيا.

*لماذا كلما اقتربنا من الانتخابات في ليبيا نجد أنفسنا نبتعد؟

- إن التدخلات الخارجية السلبية هي السبب الرئيسي لعدم وصول الفرقاء الليبيين للتوافق، ومن ثم الوصول للانتخابات، وهي العامل الأول لعدم استقرار الدولة الليبية ولكل المنطقة. ويجب أن ندرك أن حلول الأزمات دائماً تبدأ من الداخل عن طريق تقديم المصلحة العامة وتقديم التنازلات الشجاعة التي تخدم السلم والاستقرار.