مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: أفكار عبد الله أوجلان وصلت العالم كله

لا تزال ردود الأفعال المنددة للمثقفين والسياسيين المصريين والعرب تتواصل بشأن العزلة التي تفرضها تركيا على القائد عبد الله أوجلان، لا سيما في ظل إطلاق حملة الحرية المطالبة بإنهاء العزلة المناقضة لأدنى متطلبات حقوق الإنسان.

في هذا السياق تحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF)، مع السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، والذي أكد بشكل قاطع أن ما يقوم به النظام التركي بحق القائد عبد الله أوجلان يأتي من أجل إضعاف معنوياته وتهميش دوره في القضية الكردية، لكن هذا لن يفيد ولن يمنع أفكاره، مؤكداً أن أفكار "أوجلان" وصلت إلى العالم كله.

وانتقد الدبلوماسي المصري المواقف المتناقضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فبينما يؤكد دعمه للنضال المسلح للشعب الفلسطيني نجده يقمع بكل الطرق نضال الشعب الكردي، مشدداً على أن القضيتين الفلسطينية والكردية متلازمتان، فالمنطقة لم تشهد مداً صهيونياً إلا وكان مرتبطاً بقمع المشروع الكردي في المنطقة.

نص الحوار:

*كيف ترى إجراءات تركيا بحق القائد عبد الله أوجلان وتجريده وعزلته بهذا الشكل؟

- بالطبع هذه الإجراءت المقصود منها الضغط النفسي والمعنوي على الزعيم عبد الله أوجلان بالدرجة الأولى من أجل إضعاف معنوياته، وبالتالي تهميش دوره في القضية الكردية أو مكانه ومكانته لدى الشعب الكردي ولدى حزب العمال الكردستاني، وبالتالي هذه الإجراءات تعبر عن النظام الاستبدادي التركي الذي يقوده حاليا رجب طيب أردوغان، فمن المعروف أن مثل هذه النوعية من الإجراءات لا يقوم بها إلا نظاماً استبدادياً من أجل عزل أو إضعاف القيادات التاريخية أو القيادات الكاريزمية التي يلتف حولها المواطنون وتعطيهم الأمل بإمكانية تقدم قضيتهم إلى الأمام وصولاً للنصر المنشود، فالتطور الطبيعي لأي قضية أن تأخذ مجراها من الكفاح المسلح والنضال السياسي وصولاً إلى تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الكردي.

*إلى أي درجة ترى ما يقوم به النظام التركي بحق القائد عبد الله أوجلان مخالفاً لمباديء حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني أو القوانين ذات الصلة؟

- من الطبيعي حين يقوم أي نظام سياسي بمثل هذه الممارسات فهو ينتهك حقوق الإنسان، بل وما يجري في حالة عبد الله أوجلان هو انتهاك لأبسط الحقوق التي يجب أن يتمتع بها أي محتجز، وأنا أقصد هنا حقه الطبيعي في التواصل مع المجتمع الخارجي، كي يعرف ما الذي يجري وحقه في أن يعبر عن نفسه من خلال كتابات أو الإدلاء بتصريحات، وإذا كان هناك نظام ما يعتبر أن الإدلاء بتصريحات نوع من الإخلال بنظام الاعتقال أو القيد، أي غير متاح للتصريحات، فإنه يكون هناك على الأقل نوع من التواصل حتى لو بقدر صغير، وكذلك الحق في الرعاية الطبية، وألا يكون هناك حبس انفرادي، لأن الحبس الانفرادي يسبب نوعاً من الأذى المعنوي والنفسي الذي يضر بالصحة النفسية للمعتقل، وهذا من أبسط الأشياء التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، والتي يقوم بها النظام التركي في حالة القائد عبد الله أوجلان.

*دعنا ننتقل إلى محور آخر، كيف ترى تدخلات تركيا في شمال وشرق سوريا وكذلك شمال العراق والإصرار دائماً على فكرة المباراة الصفرية مع الكرد؟

- المسألة ليست مباراة صفرية بقدر ما هي رغبة في السيطرة التامة وإسكات أي صوت يعارض التوسع التركي أو الهيمنة التركية في المنطقة، ونحن كما نعلم فإن تركيا لديها دور إقليمي نشط وتسعى إلى إبرازه من خلال تواصلها مع الأطراف العربية وإبراز أن لها دور نشط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لتحسين صورتها، في الوقت الذي تقمع فيها مطالب الشعب الكردي العادلة في التعبير عن نفسه، أو أن يكون مكوناً من مكونات المنطقة ككل، لأن الطبيعي أن تحصل جميع مكونات المنطقة على حقها الطبيعي في العيش في أمن وسلام والتعبير عن نفسها وإبراز ثقافتها ولغتها، وهذا من شأنه تأكيد وحدة المنطقة والنسيج الواحد للمنطقة وهذا أولاً، بالإضافة إلى أن هذا الأمر يعزز المناعة والقوة لدى المنطقة ضد أي مشروع للهيمنة الخارجية وبالذات المشروع الإسرائيلي للهيمنة على فلسطين.

*أعتقد أنه هنا يأتي الربط بين القضيتين الفلسطينية والكردية، أليس كذلك؟

- بالفعل، أي تطور يضر بالقضية الكردية بالطبيعي سنجده يضر بالقضية الفلسطينية، فهما قضيتين متلازمتين ومن أقدم القضايا في العالم منذ اتفاق سايكس – بيكو ووعد بلفور في سنة 1917، والمنطقة لم تشهد مداً صهيونياً إلا وكان مرتبطاً بقمع المشروع الكردي في المنطقة. وإذا استطعنا الوصول إلى معادلة لحل قضية الشعب الكردي بما يتوائم مع دوره وطبيعة تكوينه العرقي والثقافي في المنطقة، فإن ذلك سيؤكد وحدة هذه الأمة وقدرتها على التعامل مع الأخطار التي تتهددها. وقد رأينا عبر التاريخ أن الدور الكردي كان دوراً إسلامياً قوياً في وقف المشروع الاستيطاني الصليبي في المنطقة وتحرير بيت المقدس، وكان المكون الكردي مكوناً أساسياً في هذا المجتمع الإسلامي الذي كان يضم عديداً من العرقيات، ولكنها كانت تتناغم تحت مظلة الراية الإسلامية.

*أعود بك مرة أخرى إلى القائد عبد الله أوجلان، هل تعتقد تركيا أنه يمكنها القضاء على أفكاره من خلال العزلة؟

- لا يمكن أن يحدث ذلك، لأنه لا يمكن للأفكار أن تموت، وأفكار القائد عبد الله أوجلان تم التعبير عنها في كتابات وفلسفات والكتب التي صدرت عنه تم تداولها عبر العالم كله، أي أن أفكاره وصلت إلى العالم كله، وتلك الأفكار والفلسفة آمنت بها المنطقة وآمن بها الشعب الكردي. والآن أصبح الدور على الجانب التركي في أن يبدي قدراً من المرونة والتعاطي مع هذه القضية، لأننا نرى في الفترة الأخيرة تناقضاً كبيراً في المواقف، فكيف تعلن أنقرة دعمها للكفاح المشروع للشعب الفلسطيني وفي نفس الوقع تقمع بكل الطرق الشعب الكردي، وهذا التناقض لا يحل إلا عندما لا تكون هناك ازدواجية في المعايير، كما أن الفكرة لا يمكن أن تحارب إلا بفكرة مثلها ولم يحدث أبداً أن فكرة تمت محاربتها بالقهر، بل على العكس تماماً محاربة الفكرة بالقهر والقمع سيؤدي إلى اننشارها أكثر.