وأتت الهجمة الأخيرة من قبل عناصر الإخوان والنظام التركي ضد النظام في تونس في أعقاب إقرار الاتحاد الأوروبي تقديم حزمة مساعدات إلى تونس للمساعدة في جهود الحد من الهجرة غير الشرعية، إذ اعتبر رافضوا القرار أنها لن تساهم في حل مشكلة الهجرة غير الشرعية، زاعمين أنها تحمل دعماً لنظام سياسي متهم بارتكاب انتهاكات حقوقية.
وفي هذا السياق، حاورت وكالة "فرات" للأنباء عمرو فاروق الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية للحديث عن تلك التحركات وما يريده النظام التركي من تونس، والذي أكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لديه أجندة استعمارية عثمانية، ويمارس ضغوط كبيرة على السلطات في تونس لتحقيق مصالحه بالتعاون مع الإخوان.
وفيما يلي نص الحوار:
*كيف ترى تحركات تركيا والتنظيم الدولي للإخوان ضد السلطة في تونس؟
- تلك التحركات التي يقوم بها أتباع التنظيم الدولي للإخوان ومن خفلهم تركيا ضد الرئيس التونسي قيس سعيد تحركات طبيعية، لأنهم يريدون مواصلة الضغط على النظام في تونس باستمرار، مثلما فعلوا من قبل مع مصر عندما تمت الإطاحة بحكم الجماعة عقب ثورة 30 يونيو. الإخوان في إطار التحرك ضد مصر خلقوا جماعات ضغط في أوروبا وصنعوا ما يسمى بالبرلمان الموازي والحكومة الموازية ومؤسسات حقوقية تصدر بيانات ضد الحكومة المصرية، وكذلك الحال بالنسبة لتونس، فنجد أن الإخوان لديهم منظمات في بريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي تصدر بيانات من وقت لآخر الغرض منها الضغط والتدويل للقضية التي يدافع عنها.
*ماذا تعني هذه التحركات في استراتيجية عمل جماعة الإخوان؟
- الإخوان يلعبون على ما يمكن تسميته بـ"صناعة الصورة"، والصورة التي يريدون صناعتها هنا طوال الوقت هي أن الغنوشي مظلوم ومضطهد، وأن ما يجري في تونس نوع من الممارسة الديكتاتورية من قبل الرئيس قيس سعيد، وهذه أحد أهم أدوات الإخوان، الضغط المستمر على الحكومات، ومحاولة صناعة صورة كاذبة عن الحكومات سواء لخداع بعض الجهات الخارجية، أو لمحاولة الضحك والتلاعب بالمواطنين الذين قد ينطلي عليهم هذا الخداع الإخواني.
*هل يمكن للرئيس التونسي أن يخضع لتلك الضغوط؟
- هذا الأمر في رأيي يعود لتقديرات ومصالح السلطة في تونس، فلو رأت أن هناك مصلحة في التفاوض مع الإخوان، أو الإفراج عن راشد الغنوشي سيفعلوا ذلك، فهذا أمر يعود للسلطة في تونس أولاً، لكن في الوقت ذاته نحن نرى أن الرئيس قيس سعيد شخص مضاد للإخوان ويسعى ألا يكون لهم وجود في دائرة الحكم. وهذا توجه واضح للغاية، وتونس تقوم في الوقت الحالي بتنقية مؤسسات الدولة من عناصر جماعة الإخوان، وهذا سيأخذ وقتاً طويلاً، لأنهم تمكنوا من اختراق المؤسسات بشكل كبير واستمروا تقريباً حتى 2021، ولك أن تتخيل أنه في مصر حكم الإخوان لسنة واحدة فنرى كم الوقت الذي احتاجته الدولة المصرية لتنقية مؤسسات الدولة من الإخوان، وبالتالي فإن هذا الأمر سيأخذ وقتاً في تونس، وكذلك تغيير توجهات الرأي العام في تونس من الإخوان ستأخذ وقتاً.
*وماذا عن ردود أفعال الإخوان ضد هذه التحركات؟
- أي رد فعل سيتم اتخاذه من قبل السلطة في تونس، بالتأكيد سيقابله على الفور ردود أفعال من قبل تنظيمات الإخوان من خلال الضغوط والبيانات، وعمل اللجان الإلكترونية ضد الدولة بما تروج من أكاذيب وشائعات، وهو نفس ما حدث في مصر في ظل ما قامت به الدولة من تطهير للمؤسسات من الإخوان، ولهذا أرى أن معركة تونس مع الإخوان طويلة وستستمر لفترة طويلة، خصوصاً أن لديهم تغلغل كبير في الشارع التونسي.
*ما هو الدور التركي في هذه التحركات؟
- تركيا دولة ذات نظام استعماري منذ بداية الدولة العثمانية، والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عنده أهداف وأحلام باستعادة السيطرة والهيمنة على الدول التي كانت ذات يوم تتبع الدولة العثمانية، وبالتالي النظام التركي يمارس نوع من النفوذ السياسي داخل تونس والذي يحرص عليه ليحقق بعض المصالح الخاصة به. وعندما سيعجز "أردوغان" عن القيام بذلك سيدخل في تفاوض كما تفاوض مع النظام في مصر، وهذا الأمر مرتبط بالأوضاع الاقتصادية، فسبب رئيسي لتفاوض النظام التركي مع مصر كان انتهاء كل الاتفاقيات الاقتصادية بين مصر وتركيا بحلول 2020 و 2018، ولهذا اختلف الوضع وتم التفاوض. "أردوغان" يريد الحصول على مكاسب اقتصادية في تونس وهناك مصالح كبيرة بالفعل منها على سبيل المثال الاستثمارات التركية في قطاع النفط التونسي. وهذا يأتي في إطار التوجه الاستعماري التركي، ولذلك تجد أن لها وجود في مختلف مناطق أفريقيا والشرق الأوسط، لأن أجندته قائمة على فكرة النفوذ الاستعماري وممارسة الضغط على السلطات في تلك الدول.