وإلى جانب المؤسسين الأوائل الذين كانوا من أعمدة تأسيس الدولة المصرية الحديثة، وهي الأسرة الكردية التي تعود أصولها إلى أحدى قرى جنوب كردستان ، وهو ما ينعكس على مدفن الأسرة والذي تمتلئ بالعديد من الآلئ المضيئة المدفونة في ارض هذا المدفن ويعلوه شواهد ممهورة بقطع أدبية من ابداع نجوم الأسرة ، جادت بها قرحيتهم لتتوج دار الحياة الأبدية لمن احبوهم، فتحولت لأعمال فنية خالدة.
وفي الصدد، كشفت درية عوني، الباحثة المصرية الكردية، والتى عملت فى وكالة الأنباء الفرنسية لمدة أربعين عاماً، أنه تنحدر الأسرة التيمورية من الجد محمد تيمور كاشف وهو ضمن القادة الذي استعان بهم محمد على باشا في إدارة مصر وهو ينحدر من سلالة كردية، كانت تسكن بلدة قرة جولان في جنوب كردستان ، واعتمد عليه محمد على في العديد من الأمور الهامة مثل مذبحة القلعة ١٨١١, وتولي إمارة المدينة المنورة لمدة ٥ سنوات وعين في منصب كاشف الشرقية مما أعطاه لقب تيمور كاشف.
اسماعيل رشدي باشا
وأكدت عوني في كتابها "الكرد في مصر عبر العصور"، أنه يلي المؤسس تيمور كاشف في أعلام الأسرة هو اسماعيل رشدي باشا، وهو نجل تيمور كاشف وبرع في العلوم والآداب وخاصة في الإنشاء التركي، وأصبح كاتبا لمحمد على باشا، ثم عينه وكيلا لبعض المديريات مثل مديرية الشرقية والغربية، وتراس جمعية الحقانية في عهد الوالي ابراهيم باشا، ثم وكيل ديوان كتخدا في عصر عباس حلمي، ورئيس لديوان في عصر ابنه محمد سعيد باشا، ثم ناظر لخاصة الخديو محمد توفيق باشا.
أحمد تيمور باشا
ولا يمكن إغال العلامة أحمد تيمور باشا عند الحديث عن الأسرة التيمورية،هو أحمد بن إسماعيل بن محمد بن اسماعيل علي تيمور الكوراني الكردي أديب لغوي باحث مؤرخ مولده ووفاته بالقاهرة حيث تولى والده إسماعيل باشا منصب رئاسة ديوان الخديوي وعندما توفى ترك احمد صغيرًا فربته أخته عائشة التيمورية الشاعره المعروفه حيث تلقى تعليمه في مدرسة مارسيل الفرنسية وكان مولعا أشد الولع بالادب العربي ثم تعلم على يد مدرسين خصوصيين العربية والفرنسية والتركية.
كان ثريا و شغوفا بالمطالعة مكنه ثرائه من اقتناء المخطوطات والكتب النادرة حتى بلغت حوالي 19000 مجلدا آلت بعد وفاته الى دار الكتب المصرية.
شجع الجهود العلمية وإحياء التراث وكان يكره المناصب الحكومية ورغم ذلك عين عضوًا في مجلس الشيوخ المصري منذ انشائه عام 1924 الى 1930 ميلادية واستقال منه لانحراف صحته ومنح رتبة الباشوية 1919 وأصبح عضوا في لجنة الآثار المصرية والمجمع العلمي في دمشق و القاهرة والمجلس الأعلى لدار الكتاب المصري لأكثر من مرة تزوج من إبنة وزير الداخلية أحمد رشدي باشا ورزق بثلاثة أبناء إسماعيل ومحمد ومحمود حتى دعي بأبي النابغين وهم محمود ومحمد.
ويعد من كتبه التصوير عند العرب ونظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة وتصحيح لسان العرب لابن منظور و تصحيح القاموس المحيط اليزيدية ومنشأ نحلتهم وتاريخ العلم العثماني وضبط الأعلام والبرقيات والمقاله ولعب بالعرب وابو علاء المعري وعقيدته والالقاب والرواتب ومعجم الفوائد.
وتتضمن مؤلفاته البارزة كتب الآثار النبوية و أعيان القرن الرابع عشر والأمثال العامية والكتابات العاميه وتراجم المهندسين ونقد القسم التاريخي من دائرة معالم فريد وجدي و التذكرة التيمورية مجلدان والسماع والقياس وابيات المعاني والعادات والمنتخبات في الشعر العربي وتاريخ الأسرة التيمورية وأسرار العربية وأوهام شعر العرب في المعاني وذيل طبقات الأطباء ومفتاح الخزانة فهرس لخزانة الأدب للبغدادي وذيل تاريخ الجبرتي والألفاظ المصرية و قاموس الكلمات العامية ستة أجزاء رسائل بين العلامة أحمد تيمور باشا والأب انستاس الكرملي وصناعة الكتاب في علم الحروف ومخارجها وأعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث وعلي بن أبي طالب شعره وحكمه و أوهام شعراء العرب في المعاني والموسيقى والغناء عند العرب والحب والجمال في الاستانة ونوادر المحفوظات العربية وأماكن وجودها والأسلحة النارية في الجيوش الإسلامية و التذكرة التيمورية وتراجم أعيان القرن الثالث عشر والرابع عشر أسماء الأطعمة.
توفي بالقاهرة يوم 26 أبريل نيسان 1930 وكان مثال التواضع وعزة النفس والوفاء ومفخره العظماء من الرجال علما وحلما وكرما وفيه انقباض على الناس توفيت زوجته وهو في 29 من عمره فلم يتزوج بعدها مخافة ان تسيء الثانية إلى أولاده محمد ومحمود.
عائشة التيمورية
تعتبر درة تاج العائلة التيمورية هي الشاعرة عائشة التيمورية، واسمها عائشةعصمت بنت اسماعيل باشا ابن محمد كاشف تيمور شاعرة وأديبة من نوابغ مصر رائدة النهضة الأدبية النسوية في العصر الحديث كانت تنظم الشعر بالعربية والتركية والفارسية مولدها ووفاتها في القاهرة في 15 من عمرها حيث تزوجت بمحمد توفيق بك الاسلامبولي سنة ١٨٥٤ ورزقت بولدين محمود وتوحيده التي توفيت في ربيع العمر وبقيت عائشة تبكيها سبع سنوات متواصلة فانتقلت معه إلى الأستانة 1271 هجرية وتوفى والدها عام 1882 وبعده زوجها سنه 1885 وعادت الى مصر على الأدب ونشرت مقالات في الصحف وعلت شهرتها وهي شقيقة العلامة أحمد تيمور باشا.
قرضت الشعر ولها من العمر 13 سنة وكتبت باللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية وأول من قرأ شعرها والدها القوي المتحرر الذي سهر عليها وشجعها لتتفتح براعمها الشعرية حيث لها أربع دواوين هي "حلية الطراز" وهو ديوان شعرها العربي الذي يحمل توقيع عائشة وتحمل مجموعتها التركية والفارسية توقيع عصمت 1886 ونتائج الأحوال في الأقوال والأفعال-:ط " في الادب 1888 وشكوفه= وردة" ديوان شعرها التركي 1894 هو ديوان اشعارها التركيه فقط، إلا أنه يشتمل على بعض ابيات فارسيه قالتها الشاعرة مع مراثيها التركية في ابنتها توحيدة فمن هنا ذهب بعض الناس إلى ان هذا الديوان هو ديوان فارسي تركي.
وتتحدث الحقيقة خلاف ذلك اذ ان الشاعرة صرحت في مقدمة ديوانها التركي بأن اشعارها الفارسية والتي قالتها في أوان صباها وقد كانت محفوظه لدى ابنتها توحيدة احرقت مع ما أحرقت من مخلفاتها الخصوصية فيتبين من ذلك ان ليس لها ديوان فارسي مستقل لا مخطوط ولا مطبوع غير أن علو كعبها في الفارسية وآدابها يظهر من نماذج شعرها الفارسي الموجود في الديوان التركي ومن الترجمه المذهبة التي كتبتها بقلمها لنفسها في مقدمة الديوان التركي المطبوع بالقاهرة بمطبعة المحروسة لعزيز الياس سنة 1315 الى 1818 وورد في كتاب الدر المنثور في طبقات ربات الخدور.
للسيدة زينب فواز ان الديوان التركي المسمى بشكوفة تحت الطبع الآن 1212 الى 1894 بالآستانة فلعله طبع مرتين مرة في القاهرة ومره في الاستانة.
توفيت في القاهرة في 25 مايو أيار 1902 قال عنها نيبال الحاج لم يعرف الأدب العربي خلال القرن التاسع عشر أديبة شجاعة تحملت مسؤولية الدفاع عن المرأة العربية كعائشة التيمورية وكانت رائدة في الأدب النسائي الحديث ودعوتها إلى تحرير المرأة العربية من عادات فرضت عليها لتكون للزينة فقط بحجة صون عفافها.
وكانت عائشة التيمورية سيدة اجتماعية تعاشر نساء البلاط وكانت سيدة البلاط تدعوها الى القصر في الحفلات والمناسبات وتعتمد عليها في الترجمة للزائرات الأجنبيات وقد ظلت عائشة غريبه بفكرها وروحها وتطلعاتها عن تلك البيئة إذ تفوقت على نساء عصرها وشعرها متنوع بين المجاملة والغزل والمواعظ و الاخلاقيه والدينيه والابتهالات واصدق شعرها مراثيها خصوصا مرثاه ابنتها توحيدة التي ارتقت فيها إلى مرتبة عالية قالت نادية نويهض هذه هي التيموريه الشاعرة الرائدة التي امتزج في حياتها الفرح بالحزن والشهرة بالضيق والنشوه بالمرارة واجمل الشعر يزهو بالمجد في حقول العذاب والاحزان.
الأديب محمد تيمور
محمد بن احمد بن اسماعيل باشا تيمور هو شاعر وممثل ومؤلف مسرحي ومن أشهر مؤسسي الادبي والقصصي والمسرحي في مصر، له العديد من المسرحيات مثل عبد الرحمن رشدي منيرة المهدية وعزيز عهد، وعدة كوميديات اجتماعية، كانت أشهرها العشرة الطيبة التي لحنها سيد درويش.
كان من رواد القصة القصيرة وعلى يديه ولدت القصة العربية الحديثة مع قصته الأدبية في القطار، كما أنه أجاد نظم المونولوجات التمثيلية والقاءها.
الاديب محمود تيمور
وهو محمود بن احمد بن اسماعيل تيمور ويعد امير القصة في العالم العربي، وولد بالقاهرة وبدا كتابة قصصه بالعامية ١٩١٩، ثم أتقن الفصحي وكتب بها، وصور في قصصه أبناء الشعب والطبقة الكادحة.
اختير عضوا في مجمع اللغة العربية في القاهرة ١٩٤٩، وعضوا مراسلا بالمجمع العلمي العراقي عام ١٩٦١ وتزيد أعماله الروائية عن ٥٠ رواية، ترجم بعضها للعديد من اللغات، ومنها الشيخ سيد العبيط ١٩٢٥، كيلوباترا في خان الخليلي ١٩٤٦ وسلوي في مهب الريح ١٩٤٧، ومسرحيات مثل، حواء الخالدة ١٩٤٥ واليوم خمر ١٩٤٩، وصقر قريش ١٩٥٦.
وحصل على العديد من الجوائز مثل جائزة مجمع اللغة العربية عام ١٩٤٧, وجائزة الدولة الاداب ١٩٥٠.
القيمة الأثرية والفنية للمقابر
بينما كشف السيد محمد عوني، الباحث الكردي المصري الملقب بـ"جسر الحضارات"، أن المقابر تضم العديد من أعلام الأسرة التيمورية الذين لهم باع في التاريخ مثل الأديب محمود تيمور والأديبة عائشة التيمورية والقاص محمد تنيمور والعلامة أحمد تيمور، والشاعر اسماعيل رشدي باشا ابن محمود تيمور شواهد قبور الأسرة الكائنة في مقبرتها الخاصة في قرافة الإمام الشافعي في القاهرة، تتضمن قطعاً شعرية فيها ذكر لمناقب المتوفين، وشيئاً من معالم حيواتهم، وتواريخ وفياتهم أما رقماً أو من خلال حساب الجُمَّل، وهو أن تحسب القيمة العددية لمجموع حروف شطر بيت التاريخ.
وأكد عوني في كتابه "الرسالة العونية في أنساب العائلة التيمورية"، أنه أستعان بتلك الشواهد في التأريخ للأسرة ومعرفة أعمال أصحابها خلال رسالته عنها.
وأوضح أن في شواهد قبور الأسرة في الإمام الشافعي، 3 من أعضاء الأسرة كتبت أشعارها بالفارسية الشاعرة عائشة التيمورية، وإثنين كتبهما الشاعر والسياسياسماعيل رشدي باشا، والتي تحمنل الكثير من المراثي بلغة رقيقة، وجميع الشواهد عبارة عن أبيات رقيقة من الشعر..
كشف رأفت النبراوي، عميد كلية الأثار الأسبق وأستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة ، أن مقبرة الأسرة التيمورية هي من المقابر ذات القيمة الفنية والتاريخية العالية نظراً لمساهمة الأسرة التيمورية في التاريخ المصري وإسهامهم في نهضة الأدب العربي ، ولذلك يجب ترميمها وإصلاحها والاهتمام بها وعدم المساس بها او بالاحرى عدم وجود مشروعات تعرضها للهدم أو الخطر.
وأكد النبراوي ، في تصريح خاص لوكالة فرات أن المقابر تتميز بأهمية أثرية نادرة وذلك بسبب أن أديبة ذات باع هام في الأدب العربي وهي الشاعرة عائشة التيمورية هي من كتبت ابيات الشعر المحفورة على شواهد القبور الخاصة بهذا المدفن مما يجعل منه سجل فني وتاريخي هام ، مطالباً بتوثيق هذا التراث النادر وتجميع ما كتبته عائشة التيمورية في ديوان شعر.
كشف الدكتور سمير غريب، رئيس جهاز التنسيق الحضاري الأسبق، أنه رافض لفكرة هدم أو التعدي على التراث الأثري والحضاري في جبانة الأمام الشافعي والتي تضم مقابر العائلة التيمورية بعد المشروع الذي أطلقته رئاسة الوزراء والذي يعرض 1700 مقبره للهدم، مبيناً أن هذا المشروع كان قديم واثير في وقت الوزير محمد المغربي وكان رئيس الوزراء الحالي مصطفي مدبولي رئيس لجهاز التخطيط. وتم الهجوم على المشروع حتى تم إيقافه.
وأكد غريب في تصريح خاص لوكالة فرات أن للمقابر الكثير من الأهمية السياسية والاثرية والحضارية، ومدفون بها الكثير من الشخصيات التي أسهمت في تاريخ مصر الحديث، مثل طه حسين ، وإسماعيل باشا صدقي ، مشيرا إلى أن النزاع الأخير سلط الضوء على أهمية هذه المقابر وقيمتها الفنية والأثرية.