محاولة انقلاب بوركينا فاسو.. هل أراد المجلس العسكري توجيه رسالة ما للغرب؟

في بيان مقتضب ودون تفاصيل واضحة، أعلن المجلس العسكري في بوركينا فاسو، قبل أيام، نجاح قوات الأمن وأجهزة المخابرات في إحباط محاولة انقلاب ضد سلطة الأمر الواقع وعلى رأسها إبراهيم تراوري التي أدارت البلاد قبل نحو عام إثر اتقلاب.

لتفاصيل الغامضة لمحاولة الانقلاب التي أعلن إحباطها، دفعت بعض المراقبين للشأن الأفريقي إلى التكهن بأنها قد تكون مختلقة؛ لجس نبض الداخل والخارج وتوجيه رسائل ما، في ظل الضغوط الكبيرة – لا سيما الغربية – التي يتعرض لها قادة الانقلاب في النيجر والغابون الذين دعمهما "تراوري".

محاولة لقطع الطريق أمام مناوئي المجلس

يقول رامي زهدي الخبير المتخصص في الشأن الأفريقي، لبوابة العين، إن المعلومات المحدودة عن محاولة الانقلاب التي أعلن المجلس العسكري في بوركينا فاسو إحباطها ربما تكون مختلقة لتحقيق هدفين أحدهما داخلي والآخر خارجي.

وأوضح "زهدي" أن الهدف الداخلي يتمثل في التأكيد على أن المجلس العسكري قادر على ضبط الأمور، ولديه ظهيراً شعبياً رأيناه في المسيرات التي خرجت لدعمه، والنقطة الثانية، قطع الطريق أمام أية أطراف داخلية قد تفكر في التخطيط لأمر ما مناويء.

ولفت الخبير السياسي المصري إلى أنه على الصعيد الخارجي، فإحباط المحاولة – سواء كانت حقيقية أو مختلقة – يحمل رسالة للدول الغربية وتحديداً فرنسا بأن سلطات الأمر الواقع في بوركينا فاسو يقظة ومتنبهة لأي محاولات من هذا النوع، وبالتالي يقطع أيضأ الطريق أمام أي جهات خارجية قد تفكر في دعم بعض الأطراف الداخلية ضده.

وكانت باريس أعلنت مؤخراً تعليق مساعداتها التنموية إلى "واجادوجو" بعد تضامنها مع قادة الانقلاب العسكري في النيجر، وإعلانها إلى جانب مالي أن أي تدخل عسكري ضد "نيامي" سيكون بمثابة إعلان حرب ضد الدول الثلاثة.

ما الذي يجب أن تعلمه باريس؟

بدوره، يقول بيير لوي ريمون الأكاديمي والمحلل السياسي الفرنسي، في اتصال هاتفي لبوابة العين، إن فرنسا ليست معنية بأن تفكر في التدبير لمحاولة انقلاب على سلطات الانقلاب في بوركينا فاسو، بل هي في الوقت الحالي ربما في طور المراجعة لكثير من سياساتها التي وصلت بها في نهاية المطاف إلى انقلابات متتالية في مناطق نفوذها التاريخية.

ويضيف "ريمون" أن باريس حين تدخلت في هذه الدول الأفريقية كانت تتدخل بتنسيق مع قادة ورؤساء هذه الدول، والأولويات التي كانت توجه السلطات الفرنسية المتعاقبة دعمها إليها كانت تحدد بالأساس من قبل هؤلاء القادة الذين تم الانقلاب عليهم.

واعتبر أن بلاده ربما أخطأت في وسيلة دعم نفوذها في أفريقيا، لكن في كل الأحوال هذا النفوذ والتواجد لم يكن على حساب شعوب تلك الدول، منتقداً محاولات شيطنة باريس، التي يرى أن خلفها بروباجاندا روسية.

عمليات بحث جارية

وكان المجلس العسكري البوركينابي ذكر في بيانه أنه قد تم اعتقال بعض الضباط، وما زالت عمليات البحث جارية عن آخرين من الضالعين في محاولة الانقلاب المزعومة التي قال إنها تهدف "لزعزعة الاستقرار بنية خبيثة عبر مهاجمة مؤسسات الجمهورية وإدخال البلاد في حالة من الفوضى".

وشهدت شوارع العاصمة واجادوجو، يوم الثلاثاء، مسيرات استمرت لساعات لإعلان الدعم للمجلس العسكري بعد أنباء جرى تداولها عن محاولة انقلاب أو تمرد ضد المجلس العسكري. وكان من المقرر إجراء انتخابات في يوليو 2024، لكن يبدو أن الكابتن إبراهيم تراوري لم يعد يعر هذا الملف أهمية بحسب أحدث تصريحاته.

وكثير من الاحتجاجات التي خرجت في دول النيجر وبوركينافاسو كانت توجه ألسنة النقد القاسية ضد فرنسا، في وقت يرى بعض الساسة الفرنسيين أن هذه العبارات التي يرددها محتجون ضد باريس ما هي إلا نوع من البروباجندا التي تقف خلفها أجندات روسية.