في هذا السياق، تحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF) مع المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور ماهر صافي لقراءة بعض مما ورد في تلك المقابلة حول العلاقات السعودية – الإسرائيلية والذي يرى أن اتفاق التطبيع بين الرياض وتل أبيب ورقة مهمة يجب أن تستثمر لصالح القضية الفلسطينية، مبدياً مخاوفه من أن يتم الاتفاق في الوقت الذي يواصل الاحتلال الإسرائيلي ممارساته القمعية.
وإلى نص الحوار:
كيف تابعت تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن التطبيع مع إسرائيل؟
أعتقد أن مسألة تطبيع المملكة العربية السعودية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي قرار ليس في أوانه، والسبب في ذلك الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والإعدامات العشوائية التي تقودها عصابات الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا التي ترجح دائماً كفة الاحتلال، وبالتالي مسألة التطبيع أو الإشارة إليها بمثابة رسالة للمحتل الإسرائيلي بأن العرب مستعدون للجلوس على طاولة المفاوضات والحديث عن الحقوق الفلسطينية في الوقت الذي يقوم الاحتلال بهذه الممارسات، لهذا أقول ليس أوانه لكن يمكن أن يكون هناك تطبيعاً غير مباشر.
ماذا تقصد بتطبيع غير مباشر بين السعودية وإسرائيل؟
أقصد أنه لا يشترط في الوقت الحالي أن تبرم الرياض مع تل أبيب اتفاقاً علنياً لتطبيع العلاقات، وإنما يمكن الاكتفاء بتطبيع يمكن تسميته بـ"تطبيع من تحت الترابيزة"، لأن الاتفاق العلني يؤثر في رأيي على نفسية الشعب الفلسطيني بل وعلى الشعوب العربية التي ترفض مسألة التطبيع، حتى الشعب المصري رغم الاتفاق مع إسرائيل الذي مر عليه عقود لكن لم نرى لهذا التطبيع أية ملامح وأصبح مجرد اتفاق وهذا سواء على المستوى الشعبي أو المستوى الرسمي، ونرى الشارع المصري يلفظ كلمة إسرائيل ودائماً مصر تقف إلى جوارنا.
هل نحن أمام مرحلة جديدة من السياسة الخارجية السعودية يمكن تلمسها من خلال تلك التصريحات؟
بالفعل، إن ما يحدث الآن هي مرحلة جديدة من السياسة الخارجية السعودية، ولكن ربما حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن التطبيع مع إسرائيل المقصود منه رسائل موجهة إلى الدول الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن التطبيع بصفة عامة السعودي الإسرائيلي ليس له أية فائدة حالياً بالنسبة لدولة لها ثقلها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي كالسعودية بما تملك من ثقل بين الدول العربية. ونلاحظ أن دولة الإمارات العربية المتحدة أجرت اتفاقاً علنياً لتطبيع العلاقات مع تل أبيب اقتصادياً وسياسياً وقد كان له أثراً سلبياً على الشعب الفلسطيني، في ظل استمرار سياسات القتل والاغتيالات التي يقوم بها الاحتلال والعمل على السيطرة على القدس، وهذه المؤشرات تعطينا إيضاحات للجميع كما قلت بأن التطبيع ليس في أوانه سواء الفترة الحالية أو المقبلة، قد يكون هناك تطبيعاً غير معلن، لكن التطبيع المعلن له تأثير سلبي.
البعض يرى أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ربما يكون إحدى أهم الاوراق لدى الجانب الفلسطيني وإن تم دون شروط تحقيق المصلحة الفلسطينية ستكون خسارة كبيرة، ما تعليقك؟
بالفعل نحن نعتبر التطبيع بين السعودية وإسرائيل ورقة مهمة يجب أن تستثمر لصالح الشعب الفلسطيني، لأن الرياض صاحبة مكانة كبيرة سواء في الشرق الأوسط أو على الصعيد الدولي وقد بقيت لفترات طويلة عصية على مسألة التطبيع مع تل أبيب، وبالتالي التطبيع هنا إن لم يقترن بالحل العادل للقضية الفلسطينية لا أتصور أن الفلسطينيين سيكون لديهم أوراقاً بعد ذلك يمكن من خلالها المساومة والبحث عن مكاسب إلا المقاومة المستمرة. أما أن يكون هناك تطبيعاً دون أية شروط فإن هذا سيكون على حساب الشعب الفلسطيني، لكن في كل الأحوال نحن لا نعلم ما يجري ويدور في الكواليس، ويجب أن يكون هناك إجماع عربي على أنه لا تطبيع بين الرياض وتل أبيب دون وقف الممارسات الإسرائيلية التي تحاول السيطرة على كافة منابع الحياة للشعب الفلسطيني ولا تتوقف انتهاكاتها القمعية، ونحن لا نريد أن يكون قرار التطبيع السعودي منحة مجانية.
هل تتصور أن السعودية يمكن أن تقوم بذلك دون شروط عادلة للشعب الفلسطيني؟
لا أعتقد ولكن يجب الحذر، المملكة العربية السعودية من أوائل الدول الداعمة للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ولكن اتفاقات التطبيع التي جرت خلقت حالة من الترقب بين الشعب الفلسطيني، ونحن كفلسطينيين نرى أن التطبيع السعودي مع إسرائيل ورقة مهمة يجب استثمارها بما يحقق المكاسب للشعب الفلسطيني.