لا تزال تضرم نيران الحرب في الخرطوم بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع، ولعل أبرز تحولات هذه الحرب هو تعيين الفريق مالك عقار رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال كنائب لرئيس مجلس السيادة في مرحلة حرجة من عمر السودان والحرب تشتعل في شوارع الخرطوم، ولذلك أجرت وكالة فرات حوار مع محمود إبراهيم مدير مكتب الحركة في الشرق الأوسط، ليفتح العديد من الملفات الشائكة من بداية الحرب والكثير من كواليسها، وإلى نص الحوار:
كنتم حضوراً للورشة الأمنية التي كانت السبب المباشر في إشعال الحرب؟ فماذا حدث؟
بالفعل وما فاقم المشكلة هو أن محمد حمدان دلقو اشترط من أجل ضم قوات الدعم السريع في الجيش السوداني شروط، وهي استبعاد المنتمين للحركة الإسلامية من الجيش وإلغاء الاتفاقية الأمنية بين الجيش المصري والسوداني، وإلغاء استغلال والتدريب المشترك المصري السوداني في قاعدة مروي العسكري، وهو ما رفضه الجيش السوداني ولذلك بدأ فتيل الأزمة عندما تحركت قوات حميدتي تجاه مدينة وقاعدة مروي التي تتواجد فيها القوات المصرية.
ما هو موقفكم من الحرب الحالية؟
كل حركات الجبهة الثورية أعلنت الحياد، وقامت الجبهة الثورية في البداية بالحياد بين المكون المدني "الحرية والتغيير" وبين الجانب العسكري ومع الجانب المدني أعلن خارطة طريق واضحة تسير بالأمور للأمام، ولكن بعد نشوب الخلاف داخل الجانب العسكري قام عدد من قادة الجبهة مثل مالك عقار ومني اركو مناوي بمبادرة لتقريب وجهات النظر وكان الهدف الأول هو تسوية الخلافات بين الجانبين وأن يجلسا على طاولة واحدة ولكن في الوضع الحالي أصبحت المبادرة لوقف الحرب أولا.
كيف ترى قوات الدعم السريع ووصفها حالياً بالمتمردة؟
هو جسم من القوات المسلحة وعندما كنا نقول إنها ميليشيات وجنجويد ومولود غير شرعيان قبل الحرب القوات المسلحة هي من تتمسك بقوات الدعم السريع، والتي كانت قبل الثورة تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة ولكن بعدها قال عبد الفتاح البرهان أنها جزء من القوات المسلحة المتعددة، وكان الجيش السوداني يدافع عنه حتى آخر اجتماع في مفاوضات جوبا بأنه ابن المؤسسة العسكرية، ولكن الآن أخرجوه والعنوه.
يتهم البعض الحرية والتغيير بأنها من "لمعت" حميدتي وشجعته على الحرب الأخيرة؟
يعود ذلك لمساندة حميدتي لقوى الحرية والتغيير في مسألة الاتفاق الإطاري ومن الطبيعي أن تدعم الجسم الداعم لها، خاصة وأن حميدتي اتخذها حاضنة سياسية له وفي نفس الوقت هي كانت تبحث عن قوة عسكرية تحميها.
كيف ترى نشوب الحرب في شوارع وأحياء الخرطوم؟
لن يغفر الشعب السوداني لمن أشعل الحرب وخاصة في الخرطوم، وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان في حربها مع الحكومة بعصر البشير، كانت تتجنب السيطرة على المدن رغم قدرتها على تحريرها وتكتفي بدخولها والخروج منها مرة أخرى لتجنيب المدنيين قصف الطيران الحربي، وكان لدينا كلمة "إذا كنت رجل حاربنا في الخارج"، ولكن الآن القوتين يتقاتلان داخل الأحياء السكنية ويحتميان بالمدنيين، وهو أمر خطير.
كيف ترى فاتورة القتال داخل الخرطوم؟
كل طرف يرمي اللوم على الطرف الآخر أساسا للقوات المسلحة، ولكن ذاكرة الشعب السوداني ذاكرة غير ذبابية تتذكر الاحداث بالتفصيل كل طرف أجرم في حق الشعب السوداني فهو ذاكرته قوية جداً.
كيف ترى الدعم السريع وتطور علاقاته الخارجية؟
تطورت علاقات الدعم السريع الخارجية لأنه استفاد من الظروف المحيطة سواء من الثروات وخاصة تعدين الذهب ومن السلطة التي أعطيت له.
كيف ترى مصير الحرب الحالية؟
لا يوجد عاقل يدعو للحرب، ويجب أن يجلس الطرفان على طاولة حوار لإنهاء الحرب، وذلك لان تاريخ القوات المسلحة، كله صراع بينه وبين ابناؤه، ولكن المفترض أن الجيش السوداني يحل مشكلاته سواء بينه وبين العسكريين أو بينه وبين المدنيين.
كيف ترى عملية فتح السجون في الخرطوم وخروج قيادات النظام السابق؟
الحالة الإنسانية هي التي فرضت ان المساجين يطالبون بالحرية فهي الشرارة الاولى في ظل فقدان الأمان فالمعتقلين بحاجة لخدمات لايوجد لديهم أكل ولا شرب فهم بحاجة أن يعيشوا.
حيث يضطروا أن يقاوموا ويخرجوا إذا كان بمساعدة الدعم السريع أو القوات المسلحة فهناك مرضى يحتاجون العلاج ويحتاجون للمأكل والمشرب وبالتالي تبادل الاتهامات كل طرف يرمي اللوم على الطرف الاخر والاعلام صعد المسألة أكثر مما تستحق فمعروف عالمياً أنه في الفوضى يطلقوا سراح المعتقلين حتى لو فيه تصفية حسابات، ولكن معتقلين كوبر يختلفون وقضاياهم مختلفة فهم القيادة الأساسية للمؤتمر الوطني.
هل خروج المعتقلين يساعد أنصار النظام السابق وميليشيات الظل والدفاع الشعبي؟
خروج المعتقلين يعتبر حافز ايجابي حيث يؤكدون لهم اننا ورائكم ونحميكم، وجائزة على دورهم معهم، والخطاب الذي أدلى به أحمد هارون قال نحن سنحمي انفسنا، وأنه لا يحتاج من الجيش أن يحميه، فهذا الخروج يعتبر بمثابة حافز لكتائب الظل لأن قياداتهم أصبحت خارج السجن، وحميدتي يدعي أنه لا يحارب الجيش السوداني ولكنه يحارب كتائب الظل وكتائب الدفاع الشعبي التابعة للمؤتمر الوطني، وهي كلمة حق أراد بها باطل، في ظل امتعاض شعبي، لأن الشعب السوداني بأكمله رافض للنظام البائد وتوجد نقطه غائبة وهو أن حميدتي هو خلية من ضمن قوات هيئة العمليات وجزء من التركيبة الدفاعية للقوات المسلحة.
هل أثر خروج قيادات النظام البائد على سير القتال؟
القيادات دورها حيث انهم متمرسين على القتل وعلى الانتهاكات لحقوق الإنسان وجود القيادات تحفيز ايجابي للقوات المقاتلة على الارض في ارض المعركة حيث لما يكون خارج السجن متمرسين على القطر وانتهاك حقوق الإنسان وحرمة الشهر الكريم القوات المسلحة السودانية، في حالة وجود القائد الخاص في السجن او أسير يختلف موقعه من وجود هذا القائد في الخارج ويقود العمليات بنفسه في الوضع الميداني على الأرض، خاصة مع تفوق لحميدتي على الأرض والجيش متفوق جوا.
هل يمكن حسم الصراع الحالي عسكرياً؟
يصعب حسم المعارك داخل المدن عسكرياً لقد رأينا ذلك في حرب اوكرانيا واليمن، كما أن قوات حميدتي تنفذ حرب الغوريلا في الغابة وحرب التنقل السريع، أو ما يسمى بقوات المو باين، حيث في أي لحظة يكون في نقطة وفي الأخرى في اللحظة الثانية، وما سهل ذلك هو حل هيئة العمليات بعد ثورة سبتمبر، خاصة وأن الدعم السريع متمرس في الميدان.
كيف ترى تبادل الاتهامات بين الجيش والدعم السريع حول من بدأ الحرب؟
حميدتي والبرهان كل منهم يتهم الطرف الآخر أنه انقلابي الحكومة تفتكر ان حميدتي متمرد وحميدتي يرى أن الجيش نفذ انقلاب ضده بمساعدة علي الكرتي وقيادة المؤتمر الوطني.
كيف ترى تأثير الحرب الحالية والسلب والنهب الذي صاحبها؟
سببت المعارك دمار كبير في الخرطوم، وسلب البيوت الكبيرة في المدينة مثل دور زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ومنزل عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الأصل، وذلك لأن التركيبة النفسية لمقاتلي الدعم السريع على القتل والسلب وأخذ الغنائم.
هل توجد رسالة تحب أن تصلها للعالم؟
إطالة مدة الحرب وعدم وقف إطلاق النار هي مشكلة لكل دول الجوار، لذا يجب على كل أصدقاء السودان بذل جهودهم من أجل إقرار السلام بين الجانبين، أي صديق يقف معاه، المنتصر فيهم خاسر.