ثروات غاز خرافية.. حقل الدرة يشعل الأجواء مجدداً بين إيران والخليج

بعد اسابيع قليلة من توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، يعود التوتر المتعلق بحقل الدرة البحري مجدداً حيث تزعم طهران أحقيتها في التنقيب فيه بينما تتمسك السعودية والكويت بملكية ثراوته مناصفة.

ووفقاً للتوقعات، فإن حقل الدرة سيوفر قرابة مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً وقد يصل إلى الضعف مناصفة بين السعودية والكويت، وقد تم اكتشافه عام 1960، إلا أنه لم يستثمر في ظل الخلافات بشأن ترسيم الحدود بين الرياض والكويت وطهران، في وقت جدد الجانب الكويتي دعوته للجانب الإيراني للتفاوض بشان الترسيم، رافضاً أي ادعاءات بأية حقوق إيرانية في المنطقة البحرية التي يقع بها الحقل.

تكرار لما فعله صدام

في هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي الكويتي فؤاد الهاشم، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إن موقف إيران مرتبط بعادتها دائما فى إشعال فتيل الأزمات فى المنطقة، لأن ذلك هو وقود بقاء نظامها أي أن يكون في حالة استنفار دائمة، مضيفاً أن "محاولة السيطرة على حقول غاز لا تقع ضمن حدودها الإقليمية تشبه محاولة صدام حسين فى احتلاله للكويت".

وقال إن صدام حسين كان يعتقد أن السيطرة على نفط الكويت بالإضافة الى نفطه سيلوي ذراع الغرب، ناسياً أن هؤلاء سارعوا لحشد الجيوش ضده وطرده من الكويت، لأن زيت النفط ليس كمثل زيت الزيتون الذى تنتجه أرض فلسطين، لذلك لم يستمر احتلال الكويت إلا 7 أشهر فقط بينما احتلال فلسطين مستمر منذ 70 عاما.

اتفاق تطبيع العلاقات لم يجف حبره

وفي إشارة إلى اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، قال "الهاشم" إن حبر الاتفاق الإيرانى السعودي من أجل عودة العلاقات لم يجف حبره وها هى قد بدأت تلعب بالنار وتخرق علاقات حسن الجوار بل وأوعزت إلى نظامها الثانى الموالى فى "بغداد" أن يطالب هو الآخر بحصته من حقل غاز يقع ثلاثة أرباعه فى المياه الإقليمية الكويتية وربعه فى المياه السعودية.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات يقول الكاتب الصحفي الكويتي البارز إن ايران بحركتها هذه مع بغداد تريد فتح باب المقايضة مع الكويت والرياض فى قضايا إقليمية تبدأ من بيروت وتنتهى فى صنعاء، في إشارة من قبله إلى تداخل طهران والرياض في كثير من الملفات التي أبرزها الأوضاع في اليمن وكذلك الوضع في لبنان.

إيران تماطل

بدوره، يقول عماد المديفر الكاتب والباحث السعودي في الدبلوماسية العامة والإعلام السياسي إن حقل الدرة، حقل حدودي في المنطقة البحرية المغمورة بين المملكة والكويت حصراً حسب اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين الدولتين في عام 2000، ووفقاً لمذكرة التفاهم التي وقعت في يونيو 2006، والاتفاقية المبرمة لتطوير الحقل في مارس 2022، والتي تقضي بأن الحقل ملكية مشتركة بين الدولتين ولهما وحدهما الحقوق السيادية الكاملة لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، مؤكداً أن هذا أمر محسوم ومنتهي.

وأضاف "المديفر"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن الحدود الإقليمية البحرية الإيرانية بعيدة وتقع إلى الشرق من تلك المنطقة وبمسافة ليست بالقصيرة، ورغم ذلك دعت المملكة والكويت الجانب الإيراني مراراً وتكراراً للبدء في المفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني ووفقاً لأحكام القانون الدولي.

وقال الباحث السعودي إن الجانب الإيراني وفي ظل التقارب مع دول الخليج لا يزال يناور ويماطل في موضوع ترسيم تلك الحدود عن طريق رفضه الجلوس على طاولة المفاوضات، ومن المعروف أن لطهران باع طويل في عمليات المماطلة في التفاوض سواء في الاتفاق النووي، أو غيره، إذ دائما ما تمارس طهران المماطلة لشراء الوقت وتحقيق أهداف تعتقد أنها تصب في صالحها، من أجل إيقاف العمليات في الحقل السعودي الكويتي وتطويره، على حد قوله.

السعودية والكويت ماضيتان في تطوير الحق

ويقول "المديفر" إنه "رغم ما يقوم به الجانب الإيراني من إعاقة لجيرانه وتشغيب عليهم، فإن الحقل سوف يتم تطويره سعوديا كويتياً حصراً"، موضحاً أن هناك اتفاقيات موقعة والجانب الإيراني عضو فيها مع الكويت والسعودية، أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية والتي توضح أن حقل الدرة حقل كويتي سعودي حدودي، وليس للجانب الإيراني أي جزء أو حقوق بداخله.

وتابع: "ما نشاهده اليوم من تصرفات توصف بغير المسؤولة من جانب إيران تخالف النوايا والتوجهات التي أعلنتها قبل وقت قريب خلال المباحثات التي تمت في بكين مع المملكة برعاية صينية، والمتضمنة تأكيد طهران على احترام سيادة جيرانها وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية"، لافتاً في ذلك إلى تجاهل طهران المستمر للدعوة للتفاوض مع المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد بشأن ترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة، ولا شك بان هذا يناقض النوايا الإيرانية المعلنة والتي تزعم التقارب مع كافة دول الخليج.

نأمل تغيير سلوكيات إيران

وقال الكاتب والباحث السعودي، في سياق تصريحاته لوكالة "فرات"، إن إيران دولة جارة ونأمل أن تغير من سياساتها وسلوكها السلبي في المنطقة وأن تصدق وتتجه للحوار والتعاون وتحترم القانون الدولي، وتحترم سيادة جيرانها، كما نتمنى أن تصدق طهران وتستثمر فرصة مخرجات مباحثاتها مع المملكة في بكين، وذلك باظهار بادرة حسن النوايا تجاه جيرانها بقبول الدعوة السعودية الكويتية للدخول في مفاوضات ترسيم الحدود شرق المنطقة السعودية الكويتية المغمورة.

مخاوف بشأن التقارب الإيراني الخليجي

وقال "المديفر" إنه لا شك بأن احتجاج طهران على تطوير الحقل من شأنه أن يعيق التقارب مع دول الخليج، بل ربما ينعكس على العملية برمتها ويعود بها إلى المربع الأول، مضيفاً أن الكرة الآن في ملعب إيران، وعلى طهران استثمار فرصة مخرجات الوساطة الصينية.

وأضاف أن ذلك سيكون بإظهار بادرة حسن نية تجاه جيرانها من خلال القبول بدعوة السعودية والكويت للدخول في مفاوضات ترسيم الحدود الايرانية شرق المنطقة السعودية الكويتية المشتركة، وفي حال رفضها لهذه الدعوة قد تخسر ايران فرصة ذهبية نادرة ربما لن تتكرر.

وفي ختام تصريحاته، قال "المديفر" إن مواضيع السيادة خط أحمر، ولإيران تجربة سابقة إبان الحرب العراقية الإيرانية، ورأت كيف كان الرد السعودي وقتها حاسم وحازم وقاطع، على حد تعبيره.

الموقف الإيراني

وتقول إيران إن لها الحق في التنقيب عن الغاز الطبيعي في هذا الحقل، وتقول كذلك إن أجزاء من هذا الحقل تقع ضمن منطقة المياه غير المرسمة حدودها بين إيران والكويت، لكن الكويت رفضت مراراً هذا الادعاء الإيراني، في وقت تحدثت وسائل إعلام كويتية عن أن "طهران" تهدد ببدء أعمال التنقيب فيه.

وقالت التقارير الصحفية الكويتية إن إيران ترى أن الوضع بالنسبة لحقل الدرة لا يحتمل إلا سيناريوهين لا ثالث لهما، إما التفاوض من أجل ثروات الحقل، أو يبقى الحال على ما هو عليه أي تعطيل أعمال التنقيب في هذا الحقل وعدم استثماره.