تكشف ضعف بوتين.. هل انتهت أزمة تمرد فاجنر في روسيا؟

وضع تحرك مجموعات فاجنر، مؤخراً، روسيا أمام أحد أشد الاختبارات السياسية والعسكرية، وحتى لو أنتهت الأزمة بوساطة بيلاروسيا، لكن مراقبون يجمعون على أنها ستبقى ذات تداعيات قد تظهر على المدى البعيد مما سيحمل المستقبل بتطورات خطيرة.

وقد تم إنهاء أو احتواء التمرد العسكري الذي قادته مجموعة فاجنر وسيطرتها على منشئات في مدينة "روستوف" وزحفها نحو العاصمة "موسكو"، حيث تم الاتفاق أن ينتقل زعيم المجموعة يفجيني بريجوزين إلى بيلاورسيا، لكن مكان الرجل لا يزال حتى وقت كتابة التقرير مجهولاً.

القرار الأكثر خطورة

 

في هذا السياق، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشأن الروسي، لوكالة فرات للأنباء، إن الأمر قد يبدو أنه انتهى، لكنه في الواقع لم ينتهي وله تبعات سياسية وعسكرية كبيرة وقد تكون هناك مواجهة مؤجلة من قبل النظام الروسي مع مجموعة فاجنر.

وأضاف "رشوان" أن الخطوة التي قامت بها مجموعة فاجنر لا شك أنها أحدثت هزة سياسية وعسكرية داخل روسيا، للدرجة التي يخرج فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويتحدث عن أن ما يجري "خيانة"، وهو أمر يؤكد أن مشاركة تلك القوات في العملية العسكرية الروسية كان خطأ.

وقال الخبير المتخحصص في الشأن الروسي إنه منذ البداية كان يرى أن مشاركة قوات فاجنر في تلك العملية قرار خاطيء للغاية، وليس مجموعة فاجنر بل كذلك القوات التي أرسلها رمضان قديروف رئيس الشيشان، وقد رأينا النتيجة لمشاركة تلك القوات بحدوث التمرد من قبل مجموعة فاجنر.

وقال أيضاً إن هناك أمر في غاية الخطورة متعلق بمسألة التصنيف الخاص بالمنتمين إلى مجموعات فاجنر والذين طلب من بعضهم ترك الحياة العسكرية والعودة إلى الحياة المدنية كأي مواطن عادي، لكن في الحقيقة بعض من مقاتلي فاجنر مجرمين سابقين، وبالتالي هؤلاء يشكلون خطورة على المجتمع، وخطورة أكبر لأنه في هذه الحالة ليس مجرماً فقط بل مجرم وفي نفس الوقت لديه خبرات عسكرية.

وعن الموقف الغربي من الأحداث، قال "رشوان " إن الدول الغربية كانت متحفظة في ردود أفعالها ومترقبة لأنها لم تكن ببساطة تعلم إلى أين تتجه الأمور في روسيا، وما الذي يمكن أن تصل إليه، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت أنه كان لديها معلومات بأن هناك تحركا ما سيحدث من قبل قوات فاجنر، لكنها لم تكن تعلم موعد هذا التحرك.

وفي ختام تصريحاته، قال "رشوان" صحيح أن هذا التحرك سيكون له تبعات سياسية لاحقة، لكن لا أعتقد أنه سيكون له تأثير على سير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى ردة الفعل الأوكرانية التي اعتبرت أن ما جرى عقاب داخلي.

عواقب مستقبلية

في نفس السياق، تقول جيسي يونج الكاتبة الصحفية بموقع "سي إن إن" الأمريكي إنه يبدو أن الخطر المباشر لحدوث إراقة الدماء في روسيا قد تلاشى، لكن الكثير بشأن القادم لا يزال غير مؤكد، إذ يحذر الخبراء من أن تلك الانتفاضة النادرة لا يزال من المحتمل أن يكون لها عواقب في المستقبل.

وأضافت أنه يتعين على "بوتين" الآن التغلب على آثار أخطر تحد لسلطته منذ وصوله إلى السلطة قبل أكثر من 20 عاماً، والذي بدا وكأنه يقف على قدميه لمدة يوم ونصف، كما أن مصير زعيم فاجنر يفجيني بريجوزين، الذي قاد المسيرة الاستفزازية والاستيلاء على المدن على طول الطريق، لا يزال غامضاً، في ظل الصفقة التي تشهد إرساله إلى بيلاروسيا واستيعاب الجيش الروسي لقواته.

ويقول عديد من الخبراء لشبكة "سي إن إن" إنه قد يكون صحيحاً أن "بوتين" نجا من الأزمة الأخيرة، لكنه الآن يبدو ضعيفاً ليس أمام العالم وأعدائه فقط، بل أيضاً في نظر الشعب الروسي وكذلك الجيش، وقد يثير ذلك الضعف بعد الخصوم داخل روسيا الذين يتحينون الفرصة للتخرك ضد النظام الروسي.

بداية الأزمة

وكانت الأسابيع الماضية شاهدة على خلافات كبيرة بين الجيش الروسي وقائد مجموعة فاجنر بشأن سير العملية العسكرية في أوكرانيا، لكن في يوم الجمعة الماضي اتهم يفجيني بريجوزين الجيش الروسي بشن هجوم على معسكر لقواته وقتل عناصر تابعة له، وتعهد بالانتقام بالقوة رداً على تلك الضربة المزعومة.

ثم قاد "بريجوزين" قواته إلى روستوف ـ أون ـ دون وادعى أنه سيطر على منشآت عسكرية رئيسية في منطقة فورونيج، حيث كان هناك صدام واضح بين وحدات فاجنر والقوات الروسية.

وزعم بريجوزين أنه لم يكن انقلابا بل "مسيرة عدالة"، لكن هذا المبرر لم يفعل الكثير لإرضاء موسكو، حيث وصف مسؤول أمني كبير تصرفات بريجوزين بأنها "انقلاب منظم"، كما تحدث الرئيس الروسي بوتين عن خيانة.