وأعلنت أنقرة كذلك تنفيذ عملية أخرى في شمال سوريا أٍسفرت عن سقوط ضحايا، كما أكدت وزارت الدفاع التركية اليوم أنها ستواصل عملياتها في تلك المناطق إلى حين "القضاء على آخر إرهابي" على حد زعمها، وكلمة "الإرهاب" هي الذريعة التي يتحجج بها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتبرير اعتداءاته وانتهاكاته بحق الأبرياء في شمال وشرق سوريا وكذلك العراق.
ويرى كثير من المراقبين أن نظام الرئيس التركي يستغل الظرف الدولي الحالي وانشغال العالم في تطورات الحرب بغزة للقيام بتلك الجرائم، كما هو الحال عندما استفاد من الحرب الروسية الأوكرانية لينفذ هجمات واسعة عمل خلالها على الاستفادة من الانشغال الدولي بالأوضاع هناك، وحاجة بعض الدول إلى أنقرة في مواجهة موسكو.
جرائم حرب وسقوط ضحايا من المدنيين
في هذا السياق، يقول الدكتور أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان بجنيف، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ما قام به النظام التركي وما يقوم به جرائم حرب في شمال وشرق سوريا، ترقى إلى وصفها بحرب إبادة ضد المكون الكردي في تلك المناطق، وبالتالي لا بد من المحاسبة على تلك الجرائم التي تتنافى مع كل ما تدعو إليه المواثيق الدولية والقوانين التي تتعرض لإدارة النزاعات المسلحة.
وأضاف "نصري" أن عمليات أردوغان في شمال وشرق سوريا أسقطت عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، وهناك نزوح واعتقالات وقتل خارج القانون، وبالتالي لا بد أن يقف المجتمع الدولي لأن القضية تتحول هنا إلى قضية حقوق الإنسان وليست جيشاً نظامياً في مواجهة جيش نظامي آخر، ولذلك لا بد من إدانة تركيا ودعوتها لوقف العدوان وهذه الممارسات، فضلاً عن هذا فإن الكرد في هذه الحالة من حقهم الدفاع عن أنفسهم حتى لو بالقوة المسلحة ضد القوة المعتدية عليهم وهي "أنقرة"، ومن حقهم المقاومة.
وتابع أن الكرد تسلب منهم أرضهم وحقهم في الحياة والعلاج والمأكل، وبالتالي فهم في إطار القانون الدولي لهم كامل الحق في المقاومة والمقاومة المسلحة، لا سيما وأن النظام التركي لا يريد مجرد تقليص نفوذ الكرد أو السيطرة على بعض الأراضي، وإنما يريد القضاء على الكرد تماماً، أو القضاء على العرق الكردي تماماً في تلك المناطق.
مواقف دولية متخاذلة
ورغم مواصلة النظام التركي تلك الجرائم إلا أن التفات المجتمع الدولي لها يكاد يكون معدوماً، وفي هذا السياق يرى الدكتور أيمن نصري أن الإشكالية تتمثل في أن النظام التركي يستفيد من بعض المواقف الدولية لشن الضربات ضد الكرد، لا سيما في الأوقات التي تكون علاقاته بالولايات المتحدة الأمريكية جيدة، أو تكون واشنطن بحاجة إليه.
وانتقد "نصري" موقف الرئيس التركي المزدوج في أنه في الوقت الذي يرتكب الجرائم ضد الكرد ويتصدى لنضالهم ضد قواته التي تحتل مناطقهم، نجده يدافع عن القضية الفلسطينية ويدعم المقاومة في تلك المناطق، وبالتالي فإن هذه المواقف لا سيما الموقف من الكرد جاء كاشفاً للازدواجية التي يتعامل بها النظام التركي.
وفي الخامس من أكتوبر الماضي شن النظام التركي واحدة من أعنف ضرباته تجاه مناطق شمال وشرق سوريا، حيث استخدم جميع الأسلحة الثقيلة والمسيرات التي طالت عديداً من الأهداف المدنية، كمحطات المياه والمخابز والمستشفيات، المشهد الذي شبهه كثير من المراقبين بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.