دولة للجميع دون إقصاء.. العنوان الأبرز لاجتماعات العقبة حول سوريا
دون دعوة لإيران وروسيا، كان إطلاق عملية سياسية تشمل جميع المكونات دون إقصاء، العنوان الأبرز للاجتماعات العديدة التي استضافتها مدينة العقبة الأردنية، أمس السبت، لبحث الأزمة السورية.
دون دعوة لإيران وروسيا، كان إطلاق عملية سياسية تشمل جميع المكونات دون إقصاء، العنوان الأبرز للاجتماعات العديدة التي استضافتها مدينة العقبة الأردنية، أمس السبت، لبحث الأزمة السورية.
فعلى سبيل المثال، أكد البيان الختامي لأعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.
ودعا إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، مشدداً على أن "هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية"؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة.
وقد شارك في الاجتماعات أيضاً دول أعضاء في المجموعة المصغرة حول سوريا التي تشمل: ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايلا كالاس، والمبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون.
بين رؤية تركيا وإسرائيل
يقول الدكتور محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن اجتماعات العقبة تعكس الاهتمام العربي بالوضع السوري وتحقيق الاستقرار هناك، لأن كل ما يجري داخل الأراضي السورية يكون له انعكاسات كبيرة على الأمن القومي العربي، خاصة دول الجوار القريب.
ويضيف الدكتور محمد صادق إسماعيل أن الأمر الأساسي لتحقيق الاستقرار في سوريا، لن يتأتى إلا من خلال توافق يشمل جميع مكونات الشعب السوري، وفق عملية سياسية تنهي الجدليات، وتوحد السوريين خلف رؤية تراعي حقوق الجميع، معتبراً أن هذا يشكل طرحاً معقولاً وضرورة حتمية.
وحول وصفه الموقف العربي وتأكيداته حول عملية سياسية شاملة لكل السوريين، يوضح الخبير السياسي المصري أن هذا يحيلنا إلى أن هناك رؤية أخرى تعبر عنها تركيا وتحرص على أمنها فقط؛ من خلال المعاداة مع الكرد عبر تأمين مكتسباتها في الشمال، وكذلك الرؤية الإسرائيلية التي تحرص على تفكيك سوريا وعدم وحدتها؛ بهدف الهيمنة على مقدرات الدولة السورية وإخراجها تماماً من معادلة المواجهة مع تل أبيب مستقبلاً.
وقد شنّت مليشيات موالية لتركيا خلال الأيام الماضية هجمات مكثفة على بعض المناطق ذات الغالبية السكانية الكردية في شمال وشرق سوريا، بهدف توسيع النفوذ التركي في تلك المناطق وتهجير سكانها، تزامناً مع قيام إسرائيل بهجمات واسعة النطاق دمرت بقايا الجيش السوري تماماً، فضلاً عن احتلالها بعض المناطق السورية الاستراتيجية.
تجنب الفوضى والدمار
بدوره، يقول الدكتور خالد شنيكات رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية إن اجتماعات أمس بالعقبة جاءت في إطار اهتمام الأردن بسوريا، باعتبار أن لديه انعكاس مباشر على المملكة، لا سيما في ظل انتشار جماعات لديها بنيتها العسكرية وأهدافها فيما يتعلق بحالة عدم الاستقرار.
وأضاف، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن اجتماعات الأردن جاءت بالأساس في إطار المحاولة لإعادة ترتيب الأوضاع الخاصة بالتعامل الداخلي السوري، وفق أسس ومعايير أهمها وحدة أراضي سوريا، وتجنب الانقسام الداخلي الذي قد يؤدي – في غياب قوة مركزية – إلى الاقتتال والفوضى والدمار، على نحو يؤثر على المنطقة ككل.
ويرى شنيكات أن اجتماع العقبة يمكن اعتباره "اشتباكاً إيجابياً" مع الحالة السورية، وألا تكون دمشق بمعزل عن محيطها، لأن ذلك قد يؤدي إلى ذهابها في اتجاهات غير مرغوبة، فضلاً عن التأكيد على ضرورة وجود نظام سياسي يجمع الشعب السوري دون إقصاء وعلى أسس من العدالة.
رسائل عديدة
وأعرب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن دعم عمّان لعملية انتقالية سلمية سياسية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، ترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، وتلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، مشيراً إلى ضرورة تكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة.
فيما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث بعد اجتماع وزراء خارجية دول عربية وتركيا في الأردن، إنه تم الاتفاق على بيان مشترك يحدد المبادئ التي تريد الدول اتباعها في الانتقال السياسي في سوريا، بما في ذلك الشمول واحترام الأقليات، مضيفاً أن "الدبلوماسيين اتفقوا على ضرورة تشكيل حكومة جامعة في سوريا".
وعلى هامش الاجتماعات، كانت هناك لقاءات ثنائية بين المسؤولين المشاركين فيها، وكان كذلك التأكيد على ضرورة اتساع سوريا للجميع في صدارة البيانات التي أعقبتها، سواء من قبل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أو وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي وغيرهما.
وقال وزير الخارجية الأردني إن القوى الإقليمية لا تريد لسوريا أن تسقط في فوضى، وطالب إسرائيل بسحب قواتها من المنطقة منزوعة السلاح على الحدود مع سوريا، الأمر الذي اتفق معه وزير الخارجية العراقي الدكتور فؤاد حسين، مشدداً على أن "الأطراف الإقليمية لا ترغب في رؤية ليبيا أخرى في المنطقة".
كما كان هناك إجماع من المشاركين في الاجتماعات على أهمية مكافحة الإرهاب والتطرف، بما يمنع عودة ظهور الجماعات الإرهابية، وبحيث لا تشكل الأراضي السورية تهديداً لأي دولة أو مأوى للإرهابيين، إضافة إلى مطالبتهم لجميع الأطراف بوقف الأعمال العدائية في سوريا، واحترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.