كشفت سعاد ماهر، العميد الأسبق لكلية الآثار جامعة القاهرة ، أن جامع القادرية كان يعرف بإسم الزاوية العدوية نسبة للشيخ عدي بن مسافر ،وصاحب الزاوية الشيخ زين الدين يوسف بن عدي هو ابن اخ الشيخ عدي مؤسس الطريقة الايزيدية، بدأ حياته في لالش المهبط الروحي ومسقط راس الايزيديين ، وعندما قتل بدر الدين لؤلؤ
مؤسس هذه الأسرة انتقل زين الدين بن مسافر إلى الشام وترك الإمارة وانقطع في قرية تعرف بإسم بيت فاز وعاش على هيئة الملوك ، حيث اقتنى الخيول المسومة والمماليك والجواري، وعمل الأسمطة الفاخرة، ولكن زين الدين خاف على نفسه من كثرة المريدين، والتفاف الناس حوله فترك ولده عز الدين في القرية ورحل إلى القاهرة ، وانقطع للعبادة في زاويته التي أنشأها ، وعندما توفي دفن بها.
بينما تزعم ابنه عز الدين الطائفة هناك وافتتنت به زعيمة نساء الطائفة القيمرية وبالغت في تعظيمه وبذلت له الأموال، ولما قويت شوكة الشيخ عز الدين، لكثرة اتباعه ومريديه وازدياد ثروته مما جعل كل من يتولي سلطنة مصر يرسل إليه رسولا بتحليفه بعدم الخروج عليه، ومن تلك المرات ما قام به السلطان الأشرف الخليل بن قلاون عندما أرسل له الأمير سنجر الداودار ومعه الشهاب محمود، وقد ولاه السلطان على إمرة دمشق ثم صفد ثم دمشق مرة اخرى، ولكنه أراد الخروج ضد السلطان المملوكي محمد بن قلاوون ومن معه من أتباعه الكرد، ولكن علم بالمحاولة نائب الشام الأمير تنكز فسجن الأمير عز الدين.
لم يكتفي السلطان الناصر محمد بن قلاوون بذلك ولكن قام بالقبض على اتباع الطائفة الأيزيدية من الكرد المتواجدين بالزاوية العدوية وكانوا من فقراء الطائفة، لينتهي وجود الطائفة الايزيدية بمصر.
يقع جامع القادرية بشارع القادرية بالقرافة الصغري وسميت بهذا الاسم نسبة لسكن جماعة من نسل سيدي عبد القادر الجيلاني بها وسكنهم بها وتوليتهم أمورهها ومن الناحية المعمارية لا تعتبر الزاوية العدوية زاوية ولا جامعة وانما هي مدرسة تضم بين جنبتها ضريح الشيخ زين الدين بن يوسف ، حيث أن تلك المدرسة انزوي فيها الشيخ زين الدين ولما مات بنيت المدرسة مجاورة للقبة
تتكون المدرسة من مستطيل طوله ٢٦ متر وعرضه ١٦ متر ، يتوسطه صحن مكشوف طوله ١٠ متر وعرضه ٥ متر ويحيط به ٤ ايوانات ويحيط بالمدرسة سور قصير الارتفاع كان يضم بعض الملحقات مثل المصلي والمأذنة وبعض الخلاوي ولم يبقي من السور سوي باب به لوح من الرخام حفر عليه نسب الشيخ زين الدين يوسف ، بينما يقع المدخل الرئيسي للمدرسة في نهاية الضلع الشرقي ويبلغ اتساعه متر ونصف ، ويعتبر من آيات الجمال في العملرة، حيث ينتهي بطاقية تقوم على دلايات غاية في الدقة والإبداع واسفلها مكسلتين من الرخام ثم باب يؤدي إلى الدرقاعة.
خصصت في الدرقاعة جلسة مرتفعة من أجل المقرئ أو الحارس، وداخل الباب يوجد القاب الشيخ زين الدين.
تلى الدرقاعة حجرة تؤدي للايوان الشمالي، وفي ايوان القبلة يوجد من الناحية الشرقية منه قبر محمد الواقف وسمي بذلك لأنه اوقفةاوقاف كثيرة على الزاوية، وهو أبو الفتح محمد بن احمد العدوي احد خلفاء الشيخ زين الدين يوسف
يوجد الضريح في الجانب الغربي من ايوان القبلة وهو عبارة عن حجرة مربعة يعلوها قبة مفصصة تقوم على رقبة مرتفعة بها ١٦ نافذة للإضاءة ويحيط بالنوافذ شريط عريض من الكتابات القرآنية بالخط الثلث المملوكي من الداخل والخارج.
كما يحيط بباب القبة من الخارج إطار رخامي محفور عليه كتابات قرآنية وفي جانبيه تحت العتب على اليمين كتب ( لا اله الا الله محمد رسول الله) وبجوارها لا اله الا الله سيدي عدي ولي للله، وعن اليسار سيدي عدي الوسيلة إلى الله وصلي الله على سيدنا محمد وعلى اله وسلم ، وفوق الباب يوجد لوح محفور عليه بعض القاب الشيخ زين الدين يوسف ، ويتوسط الضريح تابوت خشبي مطعم بالصدف والعاج عليه كتابات تبين نسب الشيخ زين الدين واحترق في الحريق وقع بالقبة عام ١٣٢٥ هجريا
اضرحة القادرية
يحتل الايوان الغربي من المدرسة عدد من قبور القادرية منها قبر الشيخ حسانين الغمري وبجواره تابوت خشبي لشيخ آخر من القادرية، وفي الايوان الشرقي قبرين أحدهما للشيخ علي القشلان بينما لم تخفي تلك القبور جمال ايوانات المدرسة حيث يحيط بها على ارتفاع قامة الإنسان شريط من الكتابة الجصية البارزة على أرضية مورقة كتب عليها سورة يس غير تامة.
بينما يكشف حسني جعفر الباحث في الآثار الإسلامية وصاحب مدونة مصر المحروسة ، أنه يجب أن نفرق بين ثلاثة شيوخ مدفونين في جبانة الامام الشافعي يحمل كلا منهم لقب ضريح ابونا يوسف، وهو ضريح الشيخ يوسف العدوي والشيخ يوسف القوراني والشيخ يوسف بن عدي الكردي
وأكد جعفر في تصريح خاص لوكالة فرات أن الشيخ زين الدين يوسف بن عدي كان يعرف بصاحب القورية ويرجع هذا الاسم من قصة حدثت له ، حيث كان مسافرا ذات يوم ولحقه عطش شديد حتي رأى كوز مملوءا بالماء معلقا فطاقت نفسه للشرب منه فجلس تحت الجزء المعلق به لعل أحد من أهل المنزل يخرج فيطلب منه الكوز
فأخذته سنة من النوم وهو جالس فراي حورية عظيمة فقال لها يا سيدتي انتي لمن قالت لمن يخالف نفسه ويترك شهوة الماء المبرد في الكوز، فقال لها ما بقي لي حاجة في ذلك، فضربت الكوز بكمها فانكسر، فاستيقظ على صوت وقعه على الأرض فحمد الله الذي عوضه عن تلك الشربة بتلك الحورية، ومن هنا عرف بصاحب الحورية
واضاف الباحث في الآثار الإسلامية أنه بعد وفاة الشيخ عدي كثر اتباع الطائفة الازيدية في زاويته وفي زاوية أخري قريبة منها لأحد اتباع الشيخ عدي وذلك حتي عصر السلطان الناصر محمد بن قلاون الذي شتت شملهم