وكشفت سعاد ماهر، أستاذ الآثار الإسلامية ، والعميد الأسبق لكلية الآثار جامعة القاهرة، أن السلطان صلاح الدين الايوبي مؤسس الدولة الايوبية في مصر، وهو الكردي الذي ينحدر من مدينة تكريت الواقعة حاليًا في إقليم كردستان العراق، أمر ببناء قبة جديدة للضريح الإمام الشافعي وبناء مدرسة بجوار ضريح الامام الشافعي عام 572 هجريا وانتهى منها في عام 540 تبقى من هذه المدرسه لوحه مكونه من خمس سطور موجوده في متحف الفني الإسلامي بالقاهرة وتوضح اللوحة أن أول شيوخ المدرسة هو الإمام أبو البركات الخيوشاني.
وأكدت ماهر في كتابها مساجد مصر وأوليائها الصالحون، أنه حفر التابوت الخشبي في عصر صلاح الدين الايوبي احد الصانعين والذي يسمى ابن المعالي والذي حفر اسمه على اللوحة الخشبية على الجمالون، هو نفسه الذي قام بصناعة منبر صلاح الدين الأيوبي الذي تم تركيبه في مسجد بيت المقدس، وهو صانع حلبي، لم يكن الايوبيين بهذا الدور فقط ولكن دفن ابن الملك الكامل بجوار قبر الإمام الشافعي ربنا وبنى قبه كبيرة على القبر، ومنذ ذلك التاريخ وأصبح الناس يقبلون على دفن موطئهم بجوار الامام الشافعي واصبحت تعرف تلك المنطقه بالقرافة الصغرى.
يعتبر ضريح الامام الشافعي هو من اكبر اضرحة مصر على الاطلاق اذا استبعدنا الأضرحة التي تكون جزء من المدارس والخنقاوات لانه تبلغ مساحته اكثر من 15 م من الداخل و 20.5 متر من الخارج ومعنى ذلك ان سمك حوائط يبلغ 2.75 متر مما يثبت متانة البناء ويؤهله لتحمل القبة من الحجر او الآجر ومما يثير الدهشة عند بناء قبة من الخشب، بحسب ماهر.
يبهرك الضريح من الخارج، حيث أوضحت ماهر، أن الضريح يتكون من طابقين الاول ويبلغ ارتفاعه 10.29 م بالاضافه لشرفة يبلغ ارتفاعها 1.08 م والطابق الثاني يبلغ ارتفاعه 6.16 متر بما ذلك الشروفات وعلى ذلك يبلغ ارتفاع الجدار كله 16.78 متر، وتتميز قبة الإمام الشافعي بوجود مقرنصات تشبه الموجودة بالجامع الاقمر، وبعد تلك المقرنصات يوجد في منتصف كل حائط نافذة ذات عقد مدبب يحيط به اطار مستطيل وعلى جانبي كل نافذة حنيتان وينتهي الطابق بشرفة مكونه من شريطين بهما زخارف هندسية احدهم ضيق زو زخارف بسيطه والثاني عريض بزخارف هندسيه معقده ومخرمه ويتخللها خمس دعائم من الاجر..
وتعد الواجهة الخارجية للطابق الثاني من ضريح الإمام الشافعي غاية في الجمال والروعة، وزخرفه الواجهات الاربعه للطابق للطابق الثاني بحنيات يعلوها عقد منكسر على جانبيه اعمدة ملتصقه صغيره تشبه الموجوده في جامع الصالح طلائع وفي الجامع الازهر ويعلو تلك الحنيات شريط به زخارف هندسيه بسيطه شبيهه بالموجود في الطابق الاول يعلوها شرفات مسننة.
يبلغ ارتفاع المدخل الرئيسي للضريح 1.58 م بالقرب من الركن الجنوبي في الضلع الشمالي الشرقي ولما كان جدار الضريح الشافعي السميك والذي يقترب من الثلاثه امتار صنع في المدخل ما يشبه الردها على جانبيها بابان اخرام ولا تزال البابين بهما حشوات من زخارف نباتية وهندسية، يحيطهما حشوات صغيره مكتوب عليها بالخط النسخ الايوبي عليها اسم الامام الشافعي وينتهي النص الكتابي بتاريخ جماد الاول سنه 608 هجريا كما يوجد باب رابع يحتفظ به متحف الفن الاسلامي وجهه الخارجي مصفح بالبرونز، يعتبر ايه من ايات جمال الفن المصري الاسلامي.
الجزء الاسفل من الضريح نافذتين ارتفاعهما ثلاثه امتار مغطيان بخشب محقق مكون من 20 حق وهو اقدم مثل في مصر لتغطية السقوف، وتمتلئ النافذتين بحديد مخرم ويعلوها عتب خشبي من النخيل ومن الخارج وغطيت بلوح خشبي يمكن قراءه عليه اسم السلطان الكامل وتاريخ 7 جمادى الاول سنه 608 هجريا فوقه عقد عاتق من صفين من الصنجات.
وتنقسم جدران الضريح من الداخل مقسمه لعدد من الشرائط الممتلئه بالزخارف بدايه من بلاطات من الرخام المتعدد الالوان يعلو فريز خشبي عريض 45 سم يتخلله تجويف المحاريب ويعود العصر السلطان الكامل يعلو شريط اخر مطلي بالذهب عليه من الشعر على ارضيه سوداء تعود لعصر علي بيك الكبير يعلو شريط اخر عريض ثم فريز خشبي اخر مزخرف بكتابات كوفيه على ارضيه حمراء، بينما يتميز الضريح بثلاثة محاريب اكبرهما المحبره بالاوسط حيث يبلغ التساؤه 1.4 6 م وعمقه 1.55 متر اما الجانبيان فاصغر في العرض والإرتفاع..
يحيط بالضريح من الداخل مسمن من افريز خشبي حفره تعليق كتابات بالخط الكوفي كان يعلق بها المصابيح، وتتكون القبة من ألواح خشبية مثبتة على أربعة أربطة على ارتفاعات مختلفة، وتنقسم القبة الى خمس مناطق يبلغ عدد ألواح أول منطقتين 96 لوح والمنطقة الثالثة والرابعة 48 لوح والخامسة 24 لوح ومغطاة بصفائح من القصدير وبها 16 نافذة للتهوية ويعلوها مركب طوله مترين من نفس مادة خشب القبة
بينما يوجد بالضريح اربع مقابر الاولى مقبره الامام الشافعي ذات التابوت الخشبي الذي امر بعمله صلاح الدين الايوبي والتابوت الثاني لوالده السلطان الكامل وهو من الخشب ويشبه تابوت الامام الشافعي، والتابوت الثالث يخلو من الكتابات ولكن حوله مقصوره مطعمه بالصدف وهو للسلطان الكامل نفسه والرابع للمؤرخ المصري محمد بن عبد الحكم صاحب كتاب الولاة والقضاة.
وكشف الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة سابقاً استاذ الآثار الإسلامية، أن ضريح الإمام الشافعي هو دره منطقه القرافة الصغرى والتي كانت تعتبر البقيع الثانية لكثرة المدفون فيها من الصحابة والأولياء والأمراء وأعلام مصر، مبينا ان الاتراك وخاصه في العصر السلجوقي والوزير نظام الملك حاول نقل رفات الامام الشافعي من القاهره وطلب من الوزير الاعظم بدر الجمالي نقل الرفاه الى المدرسه النظاميه في بغداد والتي اسسها على المذهب الشافعي وبالفعل الوزير اخذ موافقه الخليفه الفاطمي على ذلك ولكن عندما حفروا ووصلوا الى اللحد شموا رائحه عطره اذهلت الحاضرين مما ا واسكرت جميع الحاضرين حتى وقعوا صرعي ولم يفيقوا إلا بعد ساعة؛ فإستغفروا مما فعلوه واعادوا ردم القبر كما كان وإنصرفوا، وكتب بدر الجمالي كتاب بهذا للوزير نظام الملك.
واكد حمزة في تصريح خاص لوكاله فرات، أن هذا المسلك يختلف عن ما فعله السلاطين الأيوبيين حيث قام مؤسس الأسرة السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ببناء مدرسة على المذهب الشافعي بجوار الضريح كما قام بعمل تابوت خشبي للضريح يعتبر من اجمل التوابيت الخشبية في الآثار الاسلاميه قاطبة وأكمل القبة الضريح والمدرسة السلطان الكامل..
وأضاف العميد السابق لكلية الآثار جامعة القاهرة، أن ضريح الامام الشافعي يعد في نفس الوقت مكان لأضرحه كبار أمراء الاسرة الايوبية والعديد من أفرادها حيث دفن به ابن السلطان الكامل وابن صلاح الدين الأيوبي وزوجة صلاح الدين وقام الايوبيين بوقف العديد من الأوقاف على المدرسة مما تسبب في شهرة القرافة الصغرى..