بسبب الدعم السريع.. العلاقات بين الإمارات والسودان تدخل إلى نفق مسدود

دخلت التوترات بين الإمارات ومجلس السيادة في السودان منعطفاً خطيراً، عندما أمرت أبو ظبي ثلاثة دبلوماسيين سودانيين بمغادرة البلاد فيما رد المجلس بطرد 15 دبلوماسياً إماراتياً.

وقد بدأت التوترات تخرج إلى العلن عندما انتقد الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية الإمارات واتهمها بتقديم السلاح والدعم اللوجيستي لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وذلك بعد نحو 7 أشهر من الحرب التي لم تتوقف إلا في إطار هدن قصيرة للغاية.

طرد متبادل لدبلوماسيين

وقال "العطا" صاحب النفوذ الكبير والواسع في القوات المسلحة السودانية إن "الجيش لديه معلومات استخباراتية تؤكد أن الإمارات تنقل الأسلحة والعتاد العسكري للدعم السريع عبر مطار أم جرس التشادي ولاحقاً عبر مطار أنجمينا"، متوعداً أبو ظبي بـ "الانتقام"، وأن الأجهزة الأمنية السودانية سترد الصاع صاعين.

في أعقاب تلك الانتقادات القاسية من "العطا"، خرجت مسيرات في مدينة بورتسودان الخاضعة لسيطرة الجيش تطالب بطرد السفير الإماراتي من البلاد، كما شنت مجموعة من الكتاب الصحفيين والمحللين السياسيين ما يمكن تسميته بـ "حملة" تستهدف طرد سفير الإمارات.

على الفور ردت السلطات الإماراتية بمطالبة 3 دبلوماسيين سودانيين بمغادرة البلاد وأمهلتهم يومين فقط وهم الملحق العسكري السوداني ونائبه والملحق الثقافي، في المقابل رد الجانب السوداني بمطالبة 15 دبلوماسياً إماراتياً بمغادرة البلاد.

علاقة الإمارات بالدعم السريع

س

وفي هذا السياق، يقول السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية إن "هذه التوترات تأتي في ظل خلافات ترتبط بعلاقة الإمارات بقوات الدعم السريع، ومن المعروف أن الأخيرة لديها علاقات وطيدة بعديد من القوى الإقليمية والدول والتي من بينهم الإمارات، حتى إنه قيل إن هناك صفقات تعاون عسكري بين الجانبين".

وأضاف نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن "هذه العلاقة أعطت انطباعاً بأن أبو ظبي تدعم طرفاً على حسب طرف في الأزمة السودانية، وهذا هو السبب الرئيسي في التوترات مع الخرطوم، لكن يجب الإشارة في الوقت ذاته إلى أن الإمارات جزء من جهود الوساطة التي تجري لحل الأزمة، وكانت مدعوة لقمة إيجاد لبحث الأوضاع في السودان، وبالتالي هي جزء رئيسي من جهود حلحلة الوضع السوداني".

وحول تأثير هذه التوترات على جهود الوساطة لا سيما تلك التي تقودها السعودية لحل الأزمة، قال السفير صلاح حليمة إنه لا يتصور أن تؤثر هذه التوترات بشكل كبير على الجهود التي تبذل لحل الأزمة السودانية، لا سيما أن هناك العديد من المبادرات أو الأطراف التي تقود مثل هذه الوساطات، فهناك تحركات مصرية وأخرى سعودية وكذلك أفريقية.

وفي علامة أخرى على الخلاف، كان الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني قد تغيب عن قمة الأمن والدفاع التي أقيمت في دبي على هامش قمة المناخ، رغم تلقيه دعوة رسمية مثله مثل غيره من القادة والرؤساء وزعماء الدول الذين شاركوا في أعمالها، فيما كانت وزارة الخارجية السودانية انتقدت قبل ذلك مشاركة الإمارات في قمة إيجاد التي ناقشت الأزمة السودانية.

تصاعد وتيرة المعارك وانتصارات الدعم السريع

بدوره، يقول الدكتور محمد صادق إسماعيل رئيس المركز العربي للدراسات السياسية إن "المشكلة تعود أساساً إلى بداية الأزمة الحالية في السودان، باعتبار أن أبو ظبي تؤيد وتناصر قوات الدعم السريع، وبالتالي الأخيرة استطاعت تحقيق بعض الانتصارات في عدة مناطق نستطيع القول إنها دفعت مجلس السيادة إلى توجيه الانتقادات العلنية، أي أن تصاعد وتيرة المعارك وانتصارات الدعم السريع حركت المشكلة بين الخرطوم وأبو ظبي أكثر".

وأضاف "إسماعيل"، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن "الانشغال بتطورات الأزمة في قطاع غزة غطى على الخلاف الكبير بين الإمارات والسودان، كما حدث نفس الأمر في مسألة الاهتمام بحل الأزمة السودانية، فهناك حالة من الانشغال عما يجري في السودان"، مؤكداً أن الحل العسكري لن يؤدي إلى أي شيء في البلاد، مستغرباً صمت القوى المدنية.

والجدير بالذكر أن العلاقات بين الإمارات وقوات الدعم السريع وطيدة وتعود إلى سنوات للوراء، فعندما قرر الرئيس السابق عمر البشير المشاركة في حرب اليمن إلى جانب السعودية والإمارات كانت قوات الدعم السريع وقائدها أول من انبرى للمشاركة، وعندما حدثت خلافات بين الرياض وأبو ظبي اختار "حميدتي" القتال إلى جانب الأخيرة.