برلماني مصري: آن الأوان لتركيا أن تتراجع وتتفاوض مع عبد الله أوجلان

تلقى سياسات تركيا القاضية بعزل وتجريد القائد عبد الله أوجلان لنحو ربع قرن رفضاً متواصلاً بين أوساط المثقفين والسياسيين العرب، والذين يرون أن عزلته لم تحقق أي شيء، بل على العكس انتشرت أفكاره أكثر وزاد البحث عنها.

في هذا السياق، حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF)، الدكتور عاطف مغاوري رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب المصري، والذي أعرب عن رفضه القاطع للإجراءات التركية ضد عبدالله أوجلان، مؤكداً أنه آن الأوان لأن تجلس تركيا للتفاوض معه والبحث عن مخرج يحقن الدماء.

وشبه مغاوري ما أحل بالقائد عبد الله أوجلان بما حدث مع الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عندنا اعتقل من قبل نظام الفصل العنصري ووضع كذلك في سجن بإحدى الجزر البعيدة، مشدداً على أن اعتقال أوجلان تم بمؤامرة دولية دنيئة.

نص الحوار:

*كيف ترى حالة العزلة والتجريد التي تم فرضها على القائد عبد الله أوجلان من قبل النظام التركي في سجن إمرالي؟

- نحن نتحدث وقد حلت الذكرى السنوية لاعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، الاعتقال الذي تم بمؤامرة إقليمية دولية دنيئة وسلم بموجبها إلى الحكومة التركية، وأتذكر أننا في حزب التجمع أقمنا اعتصاماً وقتها تأييداً لعبدالله أوجلان، ورفضاً للطريقة و المؤامرة التي حيكت للإيقاع به واعتقاله، وطرحنا شعار "فاوضوه بدلاً من أن تحاكموه"، لأن المحاكمة والعزلة ليست طريقاً إلى التفاهم وإنهاء الأزمة، وخاصة أن فكر أوجلان من خلال الاطلاع على وثائقه يسعى إلى أن يكون هناك قدر من الحوار الديمقراطي بين مكونات الأمم، أي حوار الأمم بعيداً عن التعصب لعرق على حساب عرق آخر أو قومية على حساب قومية أخرى.

*هل كانت تركيا تظن أنها بعزله هكذا ستقضي على أفكاره؟

- إذا نظرنا إلى اعتقال عبد الله أوجلان الذي مر عليه ما يقارب ربع قرن، و تساءلنا هل ساهم اعتقاله في حل المشكلة وحقن الدماء؟، فإن الإجابة هي لا بل إن الأمر لم يتوقف وما حدث هو العكس، بمعنى أن محاولة العزل والفصل بينه وبين جماهيره وفرض العزلة عليه في جزيرة منعزلة لمنعه من التواصل مع جماهيره وشعبه خلق دائماً حالة ومزيداً من الاحتقان ومزيداً من التمسك بأفكاره والبحث عنها، ونحن لا نريد أن نعيد كرة ما حدث مع نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا.

*هل تقصد أن وضع القائد أوجلان يشبه وضع الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا؟

- بالطبع، فمانديلا أعتقل في جنوب أفريقيا ونقل إلى جزيرة أيضاً بالمناسبة في المحيط بعيداً عن باقي أراضي جنوب أفريقيا، أي أن الاثنين اعتقلا في جزيرة، وكان هناك حزب المؤتمر الذي رفع راية إسقاط الحكم العنصري والأبارتهايد في جنوب أفريقيا، وحالة الاضطهاد حتى سقط النظام العنصري وخرج مانديلا ليتولى مقاليد الحكم رئيساً لجنوب أفريقيا ويمنح جائزة نوبل للسلام. وأنا هنا أتساءل: لماذا لا نرجح طرق السلام واحترام الخصوصيات الثقافية والقومية للمكونات التي تكون المجتمع دون السعي إلى المحو أو الإقصاء؟، وهذا هو جوهر قضية التفاعل والاندماج التي تعني ثراء الأمم من خلال تنوعها الثقافي والعرقي والقومي والديني طالما تم الابتعاد عن التعصب والعنصرية لقومية أو لعرق على حساب عرق. والكرد مكون رئيسي في المنطقة، أي لا يجوز نفيه وأنا شخص يتحدث من منطلق قومي عربي.

*ألا ترى أن هناك تناقض بين فكرة الحس القومي العربي وحديثك عن عدم جواز نفي الكرد، كما يتصور البعض؟

- أنا أعتز بعروبتي واعتزازي هذا لا يجعلني أنفي عن الأخر أن يعتز بأصوله القومية، وفكرة القومية العربية والقومية الكردية والحديث عن أن واحدة تأتي على حساب الأخرى هي الثنائية التي أراد المستعمر أن يخلقها ويصنعها في المنطقة، وبالعكس فأنا لدي تعبير آخر هو أن القوميتين العربية والكردية قوميتان مغبونتان، وأن قوى الاستعمار الغربي تعاملت معهم بـ"مشرط لا يعرف الرحمة" وفعلت فعلها فيهم سواء عن طريق سايكس – بيكو أو عن طريق المؤامرات وهو ما نراه ونعيشه اليوم، فوعد بلفور، الذي كان ملازماً ومصاحباً لاتفاقية سايكس – بيكو التي قسمت ميراث الإمبراطورية العثمانية، رجل أوروبا المريض لصالح أطراف هي ذاتها التي أقامت الكيان الصهيوني الذي نراه يمارس الإبادة الجماعية لشعب فلسطين. وهنا فإن المستعمر نفسه أراد خلق ثنائية العرب والكرد لكي نتصارع بيننا وأن تستنزف قدراتنا وطاقاتنا. والواقع يقول إن القومية الكردية هي الأقرب للقومية العربية وبينهما كثير من أوجه التقاطع والتشابه وخاصة في مسألة المصير والتحديات المشتركة، ومناطقنا التي قسمت كالغنائم والقطائع بين دول الاستعمار والتي لا نزال نعاني من تبعاتها بتفتيت الدول وتقسم المقسم، وأؤكد أن نقاط التشابه بين القوميتين كثيرة.

*هل هناك نماذج أو أدلة عملية على ذلك؟

- على سبيل المثال، لبنان كانت حاضرة للثورة الفلسطينية في مواجهة نظام الفصل العنصري الصهيوني في فلسطين، وفي ذات الوقت كانت تضم حركات مقاومة كردية تطالب بحقوقها، وفي كل الأحوال ثقافة الكرد وتراثهم وتقاليدهم يجب أن تحترم بدلاً من الصراع الدموي الذي يستنزف الثروات والموارد ويخلق عدم الاستقرار، وبدلاً من وصفهم بـ "أتراك الجبل" الذي يمحو ويطمس هويتهم، وبالتالي على الدول الغربية التراجع عن مسألة تصنيف المقاومة الكردية إرهابية، وهو نفس ما يفعلوه مع المقاومة الفلسطينية.

*ما الذي يجب على تركيا القيام به حالياً برأيك؟

- أعتقد أنه آن الأوان أن تتراجع تركيا وتتوقف عن ممارساتها وتجلس إلى طاولة التفاوض مع القائد عبد الله أوجلان، وترفع العزلة عنه وتدير حواراً معه للبحث عن مخرج يرضي كل الأطراف بما يحقق الأمن والاستقرار ويحقن الدماء وينهي دوامة الصراع الذي يستنزف الجميع.