بعد لقاء السيسي - ميتسوتاكيس.. خبراء: مصر لن تبيع ليبيا وتتمسك بخروج المرتزقة

أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مؤخراُ، موقف مصر بدعم المسار السياسي وأهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية واستعادة ليبيا لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.

رسائل الرئيس المصري بشأن الوضع في ليبيا جاءت خلال استقباله كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان، اللقاء الذي أتى في أعقاب تأجيل زيارة لـ"السيسي" إلى تركيا قد أرجأت لأسباب غير معلومة بعد، كما أنها تعكس ثوابت الموقف المصري تجاه أشقائها الليبيين مهما كانت درجات التقارب مع نظام أنقرة.

رسالة لتركيا

في هذا السياق، يقول عبدالهادي ربيع الكاتب الصحفي المتخصص في الملف الليبي، لوكالة فرات للأنباء، إن زيارة رئيس الوزراء اليوناني إلى مصر جاءت في توقيت مهم يرتبط بعدة أمور بينها زيارة الرئيس المصري التي تم تأجيلها إلى تركيا، ومع بعض الدعوات التي تخرج في الشارع المصري لإثارة بعض القلاقل، وهذا جعل القاهرة ترسل إشارات إلى أنقرة بأنها ليست الخيار الوحيد بالنسبة للقاهرة بل هناك خيارات متعددة قد تلجأ إليها حال استمر الأتراك في سياستهم.

ووصف "ربيع" تلك السياسات التركية بـ"السيئة" رغم أن الدولة المصرية مدت يدها إلى تركيا ووافقت على السلام وأرسلت عديداً من الوزراء وكانت هناك لقاءات أولية بين السيسي وأردوغان، لكن النظام التركي بعد الانتخابات الأخيرة لا يزال مستمراً في سياساته وينكث بالعهود والاتفاقات الأولية التي كان قد تم الاتفاق عليها بشأن عودة العلاقات.

مصر لن تبيع ليبيا

أما بالنسبة للوضع في ليبيا، يقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الليبي إن حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس مشكلتها أنها لا تريد الانتخابات، ومصر بدورها لن تبيع ليبيا لأي سبب كان، فالقاهرة كانت تريد أن يكون تحسين العلاقات مع قطر وتركيا عنصراً مساهماً في دفع مسار الحل السياسي للأزمة الليبية والذهاب إلى الانتخابات، لكن هذا لم يحدث، وبالتالي جدد الرئيس السيسي مواقف مصر.

وأكد عبدالهادي ربيع أن لقاء السيسي ورئيس وزراء اليونان كان يحمل كثيراً من الرسائل المهمة على كافة المستويات، والجانب التركي يفهم هذه الرسائل والمؤشرات بشكل واضح، وتعني تلك الرسائل أن مصر مستعدة للتقارب والهدوء مع تركيا بيد، لكن اليد الأخرى تستقبل رئيس وزراء اليونان لتقول بوضوح إن القاهرة لديها خيارات عديدة ولن تتوقف عند أنقرة.

وشهدت العلاقات المصرية – التركية خلال الأشهر الماضية تطورات كبيرة على مسار تطبيع العلاقات خاصة بعد أحداث الزلزال المدمرة التي ضرب تركيا وسوريا، إذ زار وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا، كما زار وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو مصر، وتم إعادة السفراء بين البلدين وصولاً إلى الأيام الماضية حين جرى الحديث عن لقاء قمة بين السيسي وأردوغان في أنقرة.

ثوابت مصرية

بدوره، يقول محمد فتحي الشريف رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، لوكالة فرات للأنباء، إن مواقف مصر تجاه بعض الأزمات المحورية في المنطقة مثل ليبيا وسوريا ثوابت لا يمكن أن تتغير ولا يمكن أن تتخلى عنها لأنها أمور متعلقة بكيان ومصير الدولتين الليبية والسورية، والتي يأتي على رأٍسها ضرورة خروج جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من الدولتين.

وأضاف "الشريف" أن هذه المواقف متعلقة بأمن مصر القومي، كما أنها متعلة بالتزامات القاهرة تجاه أشقائها الليبيين ومستقبلهم، ومواقف القاهرة من وجود المرتزقة في ليبيا لا يمكن أبداً أن يتم التنازل عنها مقابل تطبيع العلاقات مع أي دولة أياً كانت، لكن الفكرة كانت في أن مصر تبحث عن الوسائل المختلفة لحل الأزمات، وإن كان الحل بالتقارب مع تركيا فلا مانع طالما أنه سيساعد في النهاية على الحفاظ على الدولة الليبية.

وأكد مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات أن مصر تضع الدول العربية أولوية لها، ولا يمكن أن تتحالف مع أي طرف على حساب مصلحتهم، معتبراً أن هذه التصريحات من قبل الرئيس السيسي لا تعني الابتعاد عن "أنقرة"، ولكنها تعني أن هناك ثوابت للرؤية المصرية تجاه حل الأزمتين الليبية والسورية وغيرها من الأزمات وهذه الثوابت لا تنازل عنها لأنها أمور لا تحمل ولو قليلاً من الرفاهية حتى يتم التنازل عنها.

وقبل سنوات أرسل أردوغام مرتزقة تركمان وسوريين ومن جنسيات أخرى للقتال إلى جانب الميليشيات والحكومة التي تدير طرابلس باتفاق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي السابق فايز السراج، وذلك في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي التي يقودها خليفة حفتر والذي كان شن عملية "كرامة ليبيا" التي يقول إنها تهدف إلى تخليص البلاد من الجماعات الإرهابية والميليشيات التي تدين لتركيا بالولاء.