وقطعت إيران العلاقات الدبلوماسية مع مصر عام 1980 بعد وصول نظام الخميني أو الولي الفقيه الذي أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي الذي استقبلته مصر ودفن بها، وقالت "طهران" وقتها إنها قطعت العلاقات مع القاهرة رفضا لتوقيع الأخيرة اتفاق السلام مع إسرائيل، ثم تطلق لاحقا اسم خالد الإسلامبولي على أكبر شوارع طهران بعد قيادته عملية اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات.
مصادر تؤكد إجراء لقاءات مصرية إيرانية في بغداد
وأكد مصدر عراقي، لوكالة فرات للأنباء، فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك لقاءات تجرى في بغداد بين مسؤولين مصريين وإيرانيين، لمناقشة عدد من الملفات، خصوصا بعض القضايا الأمنية، وقد بدأت تلك المحادثات فعليا في مارس أي الشهر قبل الماضي، وسط ترحيب من الطرفين الإيراني والمصري.
كما تطرقت المحادثات بين الجانبين المصري والإيراني، وفق المصدر، إلى تدخلات إيران في عدد من الدول العربية مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان والتي أكدت خلالها مصر ضرورة وقف تلك التدخلات التي كانت سببا في كثير من التوترات والأزمات والتي كانت دائما مصدر انتقاد من قبل القاهرة.
وربما يتفق ما ذكره المصدر مع تصريحات لعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني فدا حسين ملكي الذي قال إنه على طاولة المفاوضات في العراق نبحث مع مصر القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن العراق يريد تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران ويسعى لأجل ذلك، مؤكداً ترحيب الجانب الإيراني بتلك المساعي.
ثوابت مصرية من أجل تطبيع العلاقات مع إيران
في هذا السياق، يقول الدكتور محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية إن العلاقات بين مصر وإيران محكومة بعدة خطوط تاريخية وعدة عوامل أخرى مؤثرة، أما بالنسبة لمسألة الوساطة العراقية فإنها بالتأكيد محمودة، إلا أن تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران سيتوقف على عدة أطر هي التي تحدد مصير العلاقات ومستقبلها وما يمكن القيام به.
وأوضح "إسماعيل"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن أول هذه الأطر هي ثوابت السياسة الخارجية المصرية تجاه إيران، إذ تعتمد مصر على سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والقاهرة ترى أن طهران أحد مهددات الأمن القومي لدول الخليج العربي، عبر التدخلات المباشرة أو من خلال تصدير المشروع الشيعي وما يعرف كذلك بتصدير الثورة الإيرانية.
وقال الخبير السياسي المصري إنه لو نظرت إلى واقع العلاقات المصرية – الإيرانية منذ عام 1979 تجد أنها علاقات على الحياد، بمعنى أنه ليست هناك قطيعة مستمرة وفي نفس الوقت ليست هناك علاقات متميزة، وإنما كما قلت علاقات على الحياد، مضيفاً: "وبالتالي لو الجانب الإيراني التزم بأطر عدم التدخل في شؤون الدول العربية، وتصدير المشروع الإيراني، أعتقد أن هذا سيكون تحول كبير وأمر مهم لإمكانية تفعيل العلاقات بين الجانبين المصري والإيراني.
تدخلات إيران في سوريا والعراق
وفي وقت لا تزال العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عند مستوى مكتب رعاية مصالح منذ عام 1991، نفى وزير الخارجية المصري سامح شكري ما يقال عن وساطة عراقية ومباحثات لتطبيع العلاقات بين مصر وإيران. والنفي المصري أمر متوقع لكنه لا يعني بالضرورة أنه لا توجد تلك اللقاءات، إلا أنه في الوقت ذاته ترك وزير الخارجية المصري الباب مفتوحا لتطبيع العلاقات مع إيران حين أكد على أنه لا يوجد ثبات في السياسة وأنه حين تكون هناك مصلحة يمكن تغيير المنهج.
صحيفة الأهرام المصرية في نستختها الإنجليزية تطرقت إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن التقارب بين البلدين، وقالت إن القاهرة لديها مخاوف واضحة بشأن تدخل إيران في سوريا وفلسطين والعراق، كما أن لديها شكوك في استعداد طهران لدعم جهود حل الأزمات المستمرة مثل الصراع في اليمن. وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه منذ العام الماضي، أعرب العراق عن أمله في "تسهيل المحادثات السياسية والأمنية الهادفة إلى إعادة العلاقات بين مصر وإيران".
وتؤكد مصادر عدة أنه رغم المستوى المتدن للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلا أنه كانت هناك اتصالات متقطعة بين مصر وطهران من وقت لآخر، كما كان هناك دائما حفاظ بين البلدين على التمثيل الدبلوماسي، لكن التوتر كان يشتد كلما اشتدت الخلافات بين إيران ودول الخليج العربي.