أزمتي المياه والتدخلات العسكرية تحرجان أردوغان قبيل زيارته إلى العراق

يزور أردوغان خلال الأيام المقبلة العراق في زيارة تحوم حولها كثير من علامات الاستفهام والاستنكار خصوصاً تجاه الحكومة العراقية التي ستستقبله رغم كثير من الإشكاليات.

وترتبط هذه الاشكاليات بحجب تركيا أجزاء من حصة العراق في مياه نهري دجلة والفرات، إلى جانب الانتهاكات العسكرية التركية، على نحو دفع البعض إلى تأكيد رفضهم لتلك الزيارة.

ورغم أن منطلق الدبلوماسية يقول إن الزيارة يجب أن يسبقها قدر من الهدوء وتأكيد حسن النوايا، إلا أن أردوغان يبدو أنه لا يبالي بمثل هذه الأمور، إذ نفدت قواته هجوماً بالطائرات المسيرة مساء يوم الجمعة، وهي المسألة التي لطالما اشتكت منها بغداد بل وقدمت شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد "أنقرة" بسببها باعتبارها انتهاكاً للسيادة العراقية.

انتهاك سيادة العراق

في هذا السياق، أعرب الدكتور تيسير عبدالجبار الألوسي الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن رفضه زيارة أردوغان إلى العراق، معتبراً أنها تعبر عن خضوع من قبل الحكومة العراقية لقوى تستبيح الأراضي العراقية وتنتهك سيادتها، كما تكشف عن حجم الاستهزاء من قبل النظام التركي بما يجب أن تكون العلاقات عليه مع الدولة العراقية.

وأضاف "الألوسي"، في تصريح عبر الهاتف لوكالة فرات للأنباء، أنه لا شك أن العلاقات العربية مع تركيا ذات طبيعة خاصة لا سيما العراق ولها طبيعتها التاريخية، لكن في حقيقة الأمر فإن أردوغان أكثر ما كان يتجه إليه هو إحياء مفهوم العثمنة ودعم الأخونة باتجاهاتها السلبية على نحو يشكل انتهاكاً لسيادة العراق وكذلك الدول العربية التي تأثرت بتلك السياسات التركية.

وأوضح الأكاديمي والسياسي العراقي أن أردوغان يزور العراق ولديه ما لا يقل عن 140 قاعدة ونقاط انتشار ومراكز عسكرية في الأراضي العراقية، في انتهاك واضح ومساس بالسيادة العراقية، وليس هذا فحسب بل عمل عدواني مرفوض، وربما حكومة بغداد ولظروفها الخاصة غير قادرة على ضبط الأمور، لكنها يجب أن تخضع لإرادة الشعب العراقي الذي يرفض هذه الاعتداءات.

ولفت إلى أن تركيا كذلك تدعم الميليشيات الإرهابية والتخريبية التي تقوم بجرائم وانتهاكات كبيرة خصوصاً بحق الشعب الكردي في سوريا والعراق، مشيراً كذلك إلى حديث أردوغان عن انتهاء معاهدة لوزان، وهذا تصريح خطير لأنه يعني أن لديه خططاً للعودة إلى حدود السلطنة العثمانية ومن ثم الجور على حدود سوريا والعراق.

المياه مقابل النفط

وتحدث "الألوسي" عن أمر آخر قبيل هذه الزيارة، وهي احتيال تركيا على حصص المياه العراقية من نهري دجلة والفرات وهي حصة مثبتة بحماية القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بتقاسم مياه الأنهار الدولية، لكن نظام أردوغان يقتطع حصة العراق مرة بداعي أن العراقيين يهدرونها ومرة بداعي أن هذا الأمر مرتبط بظروف التغيرات المناخية في تركيا، في وقت يعاني العراق من التصحر والجفاف.

وحذر من خطورة قيام تركيا بالتعامل في مسألة المياه مع العراق بمنطق المياه مقابل النفط، أي أن يتم حلة مسألة تصدير النفط العراقي إلى تركيا مقابل حصة المياه العراقية، موضحاً أن هذا الأمر يشكل خطورة كبيرة لأنه يعني إلغاء حق العراق في حصته من مياه نهري دجلة والفرات المكفولة بموجب القوانين الدولية.

وأشار "الألوسي" في هذا السياق إلى ممارسات تركيا التي تقوم بها فيما يتعلق بالمياه، والتي تهدف إلى الجور على حقوق الشعبين العراقي والسوري بشأن حصصهم المائية، وما ينتج عن ذلك من أزمات تتمثل في التصحر والجفاف وانتشار الأمراض وتعطيش العراقيين والسوريين، مشيراً إلى أن أنقرة أنشأت أكثر من 20 سد على نهري دجلة والفرات.

زياة مستنكرة

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات، دعا الدكتور تيسير عبدالجبار الألوسي الحكومة العراقية ألا تقف عند حدود الشكليات الدبلوماسية، كالحديث عن حسن الجوار وألا يكون العراق نقطة انطلاق لتهديدات للأراضي التركية، لأن هذا الأمر سيكون غير سديد ويعني خضوعاً لقوى تستبيح الأراضي العراقية وتنتهك سيادته.

واستنكر "الألوسي" استقبال أردوغان في العراق وتجاهل كل هذه الممارسات التركية المتعلقة بانتهاك سيادة العراق والجور على حق العراقيين في المياه وانتهاكات الطائرات، خصوصاً أزمة المياه التي تعرض العراقيين لكارثة وجودية.

وتقول وسائل إعلام تركية إن أردوغان الذي سيزور العراق للمرة الأولى منذ سنوات سيلتقي الرئاسات الثلاثة أي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب العراقي ورئيس الوزراء العراقي، وسيبحث مع الأخير عدداً من الملفات الرئيسية أبرزها مسألتي المياه والنفط وبعض الأمور الأمنية.

العراق يدخل مرحلة الفقر المائي

بدوره، يقول محمود خوشناو القيادي بالاتحاد الوطني الكردستاني، لوكالة فرات للأنباء، إن علاقات العراق مع دول الجوار تقوم على حسن الجوار والتعاون المشترك، والدولة العراقية لطالما أكدت أهمية العلاقات الودية واحترام سيادة الدول الأخرى، في المقابل احترام سيادة العراق.

وأوضح "خوشناو" أن زيارة الرئيس التركي ربما تطال 4 محاور رئيسية، أولها مسألة المياه وإطلاق حصص العراق وفق ما تنص عليه اتفاقيات تقاسم المياه بين دول المنبع والمصب، لأن العراق دخل إلى مرحلة الفقر المائي، بسبب السدود التركية والامتناع التركي عن إطلاق حصص العراق المائية، وهناك تداعيات كبيرة وكثيرة على العراق سواء زراعياً أو التسبب في الهجرة والتصحر، وهذا ملف مهم يجب التوصل لحل له بين العراق وتركيا وإيران.

أما الملف الثاني الذي يتم مناقشته في تلك الزيارة هو الملف الأمني، ويقول "خوشناو" إننا نرى بين حين والآخر هجمات تركيا على الأراضي العراقية عبر مسيرات أو استهداف شخصيات أو الانخراط العسكري الخشن وبناء معسكرات ومواقع عسكرية داخل الأراضي العراقية، ويجب التوصل إلى حلول لهذه الأزمة، ولن يكون ذلك إلا بالحلول السلمية.

وتحدث السياسي الكردي العراقي البارز عن مسائل أخرى متعلقة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين، إلى جانب ملف مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع الإرهاب، حيث ترى الحكومة العراقية أن هذا الأمر يجب أن يتم بتضافر كل الجهود الدولية، بما في ذلك تركيا حيث يعود هذا التنسيق بالنفع على الدولتين.