اشتباكات طرابلس.. أسرار معركة كسرالعظام بين الميليشيات وسط غض طرف أردوغان ومباركة دولية

تحولت العاصمة الليبية طرابلس الى ساحة اشتباكات بين الميليشيات المتناحرة وتلك المرة بين اثنين من اقوى تلك الميليشيات سواء قوات الردع أو اللواء ٤٤٤، وسط صمت رهيب من القوات الأجنبية والقواعد التركية داخل العاصمة، مما يفجر العديد من الأسئلة حول أسباب الاشتباك

الوضع العسكري


كشف العقيد عادل عبد الكافي المستشار العسكري والاستراتيجي للقائد الأعلى للجيش الليبي سابقاً، الاشتباكات التي حدثت بين قوات الردع ولواء ٤٤٤ توضح عدد من المشكلات للتشكيلات العسكرية والأمنية الليبية، نتجت عن القرارات السياسية الخاطئة لرئيس الوزراء السابق فايز السراج بإعطاء أحد هذه التشكيلات بأن يكون تبعيته لرئيس المجلس الرئاسي أو القائد الأعلى وهو جهاز الردع، ووزارة الدفاع أعطت أمر أن يكون لواء ٤٤٤ بأن يتبع لوزارة الدفاع وهو أمر لا يستوي من الناحية الأمنية والعسكرية، ومن المفترض أن تتبع كل تلك المجموعات لرئاسة الأركان العامة تتلقى الأوامر منها وتتلقى ميزانيتها منها وتحدد مهامها وصلاحياتها واماكن عملها وتمركزاتها، والأجهزة ذات الصبغة الأمنية تتبع وزارة الداخلية وتتلقى تمويلها منها، ولكن تجاوزات حكومة السراج السابقة وقبلها حكومة الوفاق هي من صنعت الأزمة والنواة الكارثية لتلك التشكيلات التي قامت بالاشتباكات في العاصمة طرابلس، وعدم تنفيذ خطة باولو سيرا سابقا وهو إخراج جميع التشكيلات الأمنية والعسكرية من العاصمة طرابلس وعودتها إلى مدنها وجعل تأمين العاصمة من التشكيلات العسكرية التي تنتمي لطرابلس مما أعطى هيمنة كاملة وضوء أخضر لتلك التشكيلات بأن تسعى لمحاولة توسيع رقعة تواجدها، وأصبح هناك مربعات أمنية لتلك التشكيلات وأيضا تم العمل من تلك التشكيلات على توسيع مربعها الأمني على حساب تشكيلات أخرى، وهذا ما حدث في المواجهات السابقة بغض النظر عن الحجج والذرائع التي كانت تعلق عليها هذه المواجهات.

وأكد عبد الكافي في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه يظل الضحية هو المواطن وأمن واستقرار المواطن ورسم صورة سلبية عن العاصمة للداخل الليبي والمجتمع الدولي، وذلك بعد أن كان هناك وجود بعثات دبلوماسية للدول الغربية والعربية للعاصمة طرابلس ورجوع بعض الرحلات الجوية وأصبح هناك ملامح استقرار وملامح دولة.

قصور حكومي وقرارات خاطئة

وأضاف مستشار القائد الأعلى للجيش الليبي سابقآ، أنه يتحمل المجلس الرئاسي الحالي بقيادي المنيفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة اصلاح القرارات الخاطئة بإلغاء بعضها أو إلغائها جميعاً وجعل تلك القوات تتبع لرئاسة الأركان وقيادة الجيش حتى تحكم هذه الجهات لضبط عمل هذه التشكيلات، مبيناً أن الاشتباكات أظهرت الأداء السيئ لحكومة الوحدة الوطنية وضعف ادائها وعدم قدرتها على السيطرة على تلك التشكيلات، وأنها أصبحت تفرض قرارها السياسي والعسكري على الحكومة وتصرف ميزانيات خاصة بها وصلاحياتها مفتوحة وتتجاوز رئاسة الأركان ووزارة الداخلية ومهامها متشابهة وهناك تداخل في الصلاحيات وفي المهام وهو مما أدى ويؤدي لهذه التجاوزات والمواجهات.

وأشار مستشار القائد الأعلى للجيش الليبي، إلى أن الاشتباكات أظهرت الصورة السيئة الحكومة وصدرت صورة عن وجود انفلات أمني وعدم سيطرة على العاصمة، رغم تدخل أطراف إجتماعية وأمنية للتهدئة ولكن الوضع لا يزال على صفيح ساخن وان ينفجر في أي لحظة، وتغيير خارطة التحالفات، مطالباً بجلوس المجلس الرئاسي والحكومة ووزارة الدفاع لإنهاء قرارات فايز السراج الكارثية التي أصرت بامن واستقرار العاصمة طرابلس.

نتائج ومآلات الحرب

ويتوقع عبد الكافي، أن تؤدي الحرب الحالية لتشكيل تحالفات عسكرية جديدة من التشكيلات التي تم اقصائها من العاصمة طرابلس يمكن أن تتحالف مع أحد الأطراف التي تتصارع من أجل تحطيم الطرف الآخر، مما سيحول طرابلس لمكان لمواجهات دامية تؤثر على أمن المواطن.

وبين عبد الكافي، أنه من المفترض أن يكون أي عسكري يتبع الأركان العامة واي قرار ضبط أو قبض تنفذه الشرطة العسكرية أو الاستخبارات العسكرية وهي من تقوم باستدعائه للتحقيق في حالة وجود اتهامات موجهة لاي عسكري أو ضابط، ولذلك هذه الأخطاء هي ما أدت للكارثة.

وطالب مستشار القائد الأعلى للجيش الليبي، ان بخذ للحكومة والمجلس الرئاسي ووزارة الدفاع، قرارات شجاعة بنقل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى خارج العاصمة طرابلس، وتسليم معسكرات خارج العاصمة لوضع تلك الأسلحة وإعادة التمركز لعناصرها، ويجب إنهاء وجود الأسلحة المتوسطة والثقيلة داخل طرابلس، والعمليات الأمنية داخل العاصمة تكون من أفراد لديهم المهنية لكي يستطيعوا ضبط إيقاع الأمن.

وأردف، أن هناك قلق دولي من الاستقرار وستنعكس انعكاس سلبي على البعثات والرحلات الجوية، ولكن الاشتباكات كانت محدودة ولم تستمر سوى يومين لذلك لم تتدخل الأطراف الدولية في الأحداث، واستند جهاز الردع في القبض على العقيد محمود حمزة بأن هناك قرار قبض من المدعي العام العسكري بشأنه، ولذلك سلم نفسه إلى رئاسة الأركان العامة والتي بدورها شكلت لجنة برئاسة المدعي العام العسكري للتحقيق في الإتهامات الموجهة إليه من النيابة العسكرية.

الدور الخارجي


بينما كشف عز الدين عقيل، المحلل السياسي الليبي ورئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، أصبح قائد اللواء ٤٤٤ هو الرجل بان يتمتع بانه ثاني اكبر جيش بعد جيش الرضع بعد الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، ومن قام باختطافه يعلم أن هناك عواقب وخيمة ستترتب على هذا الأمر ولكن هناك عنصر أجنبي هو من جهز المشهد على هذا النحو.

وأكد عقيل في تصريح خاص لوكالة فرات ،بانه بات مشهد مكرر أن تقوم ميليشيا بخطف عنصر من ميليشيا أخري وبعد نشوب المعارك بين الطرفين يكتشف أنه تحقق مصلحة للجانب الأمريكي والغربي فعلى سبيل المثال بعد واحدة من الاشتباكات تم بناء منطقة زرقاء داخل منطقة معيتقية بعد تشريد عدد من التشكيلات المسلحة مثل جماعة النواصي وثوار طرابلس ومحموعة اولاد الغزاوي، وتحصلت على مقار ومباني استراتيجية وضعت بها أطراف موالية لها وطردت باقي الأطراف الأخري منها.

وأضاف المحلل السياسي الليبي ، أن اللواء ٤٤٤ يتمتع بقوة ضاربة وكبيرة أكبر من جهاز الردع الذي قام بمهاجمته في طرابلس، مشيراً إلى أن الاستعراض الأخير الذي ظهر فيه أكثر من ٤٠٠٠ عسكري اعتمد على قوات حمزة الطرابلسي بشكل كامل، ولذلك دارت المعارك في الأزقة والشوارع وليست في أماكن عسكرية ولكن بين المدارس والمساجد وداخل الميادين وبيوت الناس وسط السكان بأسلحة غاية في التطور.

الدور التركي

وبين عقيل، أن الجانب التركي الذي يمتلك قواعد عسكرية داخل طرابلس متورط بغض الطرف عن المعارك خاصة أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أعلن أن طرابلس خط أحمر بل وقامت تركيا بقصف قوات حليفها جويلي عندما أراد أن ينصب فتحي باشاغا كرئيس للوزراء في طرابلس بالقوة وطالبت من الجميع اتخاذ الخط الأحمر التركي على محمل الجد، ولكن في الحرب الأخيرة لم تطلق أي تحذيرات ولم يكون لقواتها أي دور في وقف القتال، وذلك لأن الطرف الأمريكي طالبها بأن تضع خطها الأحمر بتلك المعارك رغم علمها أن التطاحن سيكون كبير وإعداد الضحايا وصل إلى ٥٥ شهيد في ٤٨؛ساعة.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن الطرف البادئ للقتال يعلم جيداً أنه في مامن ضد أي رد فعل دولي ومن استهداف الطائرات المسيرة غير ضمانات بالدعم والمساندة لقتال طرف يفوقه عدداً وعدة، ، والدليل على ذلك أنه لم تتحرك ردود فعل دولية سواء من مبعوث الأمم المتحدة أو السفير الأمريكي إلا ثاني ايام القتال الساعة ٣ ظهراً عندما أعلنا عن شعورهما بالقلق.

الانتخابات الليبية

واردف عقيل، انه ليس واضح حتي الآن عن السبب الذي أرادت من أجله القوة الدولية بالسماح بنشوب تلك المعركة ولكن من المرجح أنها محاولة لتعطيل الانتخابات والتي لا يوجد مصلحة في عقدها لكلا من روسيا وامريكا فواشنطن تخشى من برلمان ورئيس مستقل يسعي لشراكة مع الصين وروسيا وموسكو تخشي من رئيس موالي لواشنطن تطالب بإخراج قواتها من ليبيا خاصة أن تلك القوات هي رأس الحربة في المشروع الروسي في افريقيا وورقة ضغط هامة على الغرب لقربها من الاتحاد الأوروبي ، موضحاً أن القوائم التي ظهرت في الانتخابات يمكن أن تثير الرعب لأن بها مجموعة التكنوقراط على درجة عالية من الكفاءة، قد يحدثون تكتل برلماني يثير القلق ضد تلك الدول.

وأشار عقيل إلى أنه قد يكون المطلوب توريط قائدي الجهازين في جرائم حرب ومن ثم اقالتهما وإحالة قواتهما لرئيس أركان غرب البلاد الموالي لواشنطن.