الدور السعودي المتصاعد في لبنان.. هل ينجح الرئيس في فرض سيادة الدولة وتحييد حزب الله

على خلفية التغيير السياسي في سوريا، توجهت الأنظار إلى لبنان عقب انتخاب رئيس جديد لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، ما يؤشر إلى حدوث توافق دولي وربما إقليمي خلال الفترة الماضية على مستقبل الدولة اللبنانية في ظل ما تتعرض له المنطقة من تغيرات بنيوية جذرية.

يواجه الرئيس جوزيف عون مجموعة من التحديات الداخلية والإقليمية يتمثل أبرزها في التدخلات الخارجية الساعية إلى إدارة العملية السياسية بما يتوافق مع مصالحها، ودائما ما كانت بيروت محط اهتمام المملكة العربية السعودية التي دعمت الرئيس الجديد ضمن تحالف دولي وعربي يستهدف تحقيق مصالح بعينها، خاصةً بعد خروج بشار الأسد من سوريا وتغير موازين القوى في المنطقة، ما أعاد الرياض إلى تنفيذ خطط قديمة لإدارة المشهد من جديد، وسط توقعات بدعم مادي ولوجستي كبير.

التحديات الراهنة

ومن بين أبرز التحديات التي يواجهها الرئيس اللبناني الجديد، نزع سلاح حزب الله وفرض انتشار الجيش على كامل الأراضي اللبنانية، ووصف مراقبون هذا التحدي بأنه قد يمثل بداية لاضطرابات داخلية، لأن حزب الله لن يتنازل عن عقيدته العسكرية ومستودعات السلاح والذخيرة في مقابل سيناريوهات أخرى محتملة أهمها احتواء عون لحزب الله نظرا للعلاقات التي كانت تربط بينه وبين قيادات الحزب قبل العام 2017.

قبل العام 2017 كان عون يقود أحد ألوية الجيش في الجنوب اللبناني، وحينها كان هناك تنسيقا أمنيا بينه وبين القيادات العسكرية في حزب الله ولم يحدث أي صدام، كما أن فلسفة عون  الجديدة ارتكزت على إعادة لحمة الجيش وعدم استنزافه في أية صراعات داخلية، ومنذ توليه مهام وزارة الدفاع استطاع تحقيق هذا الهدف، متوقعين ألا يصطدم الرئيس الجديد بحزب الله وإنما سيعمل على احتوائه خاصة وأن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، ومن ثم قد يلجأ عون إلى اتخاذ قراراً بدمج قوات حزب الله في الجيش اللبناني نظرا لأن الحزب يمثل حائط صد ضد التوسع الإسرائيلي –من وجهة نظرهم- إلى جانب شرعنة تلك القوات لتكون تحت رقابة المؤسسة العسكرية ضمن استراتيجية دفاعية جديدة.  

توافق أمريكي سعودي

لا يتوفر وصف.

سام منسي الكاتب والباحث المتخصص في الشئون الأمريكية قال في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «هناك دورا قويا للملكة العربية سعودية في إنهاء أزمة الشغور الرئاسي، بالتنسيق مع البيت الأبيض، وبرز هذا التوافق بين الإدارتين في عملية انتخاب جوزيف عون وإنهاء أزمة لبنان السياسية، فضلا عن الاتفاق على ضرورة القضاء على سلاح حزب الله، فيما تقتصر التباينات بين الإدارتين على إشكالية التطبيع، أما فيما يخص لبنان فهناك توافق ودعم قوي للرئيس المنتخب»، وفيما يخص موقف حزب الله من انتخاب جوزيف عون أكد: «تصويت ممثلي حزب الله وقادة أمل للرئيس عون رغم إعلانه القضاء على سلاح الحزب قد يكون ناتج عن التغيرات الجديدة على الأراضي السورية وقد تكون هناك تفاهمات بين القوى الدولية وإيران وحزب الله انتهت إلى اتفاق جديد مقابل إنهاء الأزمة السياسية، أو أن محور المقاومة يرى في التغيرات السياسية الجديدة بالمنطقة ضرورة لتراجع دوره مؤقتا».

تحولات جذرية

لا يتوفر وصف.

وحول التحديات التي تواجهها الدولة اللبنانية خلال المرحلة المقبلة، قال المحلل السياسي اللبناني جورج علم في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «التحديات التي يواجهها الرئيس عون صعبة إلا أن تخطيها لن يكون مستحيلا، خاصةً وأنه يتلقى دعما قويا من الدول العربية والقوى الغربية والأمريكية، لتنفيذ عدة مهام أبرزها قِصر السلاح في يد الدولة»، وفيما يخص موقف حزب الله من العملية السياسية أكد أنّ «عون أعلن قبل انتخابه عن محددات برنامجه حال توليه المهام ومن بينها نزع سلاح الحزب، ورغم ذلك انتخبه ممثلو حزب الله وحركة أمل»، وأشار إلى أن اهم التحديات التي تواجه عون هي الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار بدعم من الدول العربية، وحول الدور الإيراني في لبنان رأى أن هناك تحولات جذرية في المنطقة للحد من هذا الدور وتقليصه، وهو ما تجلى في الدعم الأمريكي لبيروت عبر انتخاب رئيس جديد وإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، فضلا عن التغير السياسي في سوريا الذي قطع خط الإمدادات عن حزب الله، ما قد يفتح أفقًا سياسية واقتصادية في البلد المأزوم منذ عقود.