تقدر كتلة التصويت الكردية بأكثر من 6 ملايين صوت، وهي الكتلة التي جعلت الكرد يوصفون بـ "صانعي الملوك"، حيث أن التوقعات تشير إلى أن التصويت الكردي سيحرم على الأقل حزب أردوغان من الأغلبية البرلمانية، وربما يطيح بالرئيس الحالي.
خطط أردوغان لمواجهة قوة الكتلة التصويتية الكردية
في هذا السياق، سلطت الكثير من التقارير المهتمة بالشأن التركي الضوء على ما يمكن أن يقوم به "أردوغان" للتأثير على قوة الصوت الكردي، ومنها ما ذكرته مجلة "أميريكان ويكلي" الأمريكية مؤخرا بأن الرئيس التركي ربما يقدم على عملية عسكرية حتى لو محدودة ضد الكرد في شمال سوريا بهدف استنفار أصوات القوميين الأتراك وحشدهم خلفه قبيل الانتخابات.
ولسنوات طويلة أبدى "أردوغان" قدراً من الود مع الكرد في تركيا وأكد أنه سيعمل على حل قضيتهم فكان يكسب أصواتهم، إلا أنه انقلب تماماً عندما شعر بأن الصوت الكردي بات يشكل إزعاجاً دائماً له كل انتخابات بعد تنصله من وعوده بحل القضية والتحالف مع القوميين على حسابهم.
ولم تتوقف احتمالات تحركات أردوغان ضد الكرد على شن عملية عسكرية فقط، بل إن المجلة الأمريكية أشارت إلى إجراءات القمع الكثيرة التي قام بها النظام التركي ضد الكرد خلال السنوات الأخيرة.
احتمال القيام بعملية عسكرية تتزايد
في هذا السياق، يقول محمد مصطفى مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط للشؤون الخارجية، إن الاحتمالات تتزايد بشأن إقدام الرئيس التركى على شن عملية عسكرية جديدة ضد الكرد في شمال سوريا في وقت يستعد فيه لخوض أهم معاركه السياسية فى انتخابات الرئاسة التركية القادمة.
وأضاف، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أنه سيكون من الخطأ التصور أن تحركات أردوغان العسكرية مع الكرد سواء فى شمال سوريا أو شمال العراق تتم بعيداً عن التنسيق مع قوى عظمى فى مقدمتها بريطانيا أو بعيداً عن ضوء أخضر أو أصفر أمريكي.
وتابع "مصطفى": "ومما لا شك فيه أن أردوغان يضع نصب عينيه أصوات حلفائه فى اليمين القومي فى تركيا ليكتمل بذلك أهم ضلعين فى مثلث قاعدته الانتخابية التى تضم كذلك قطاعاً يعتد به من كرد جنوب شرق تركيا، الذين اعتادوا التصويت له لأسباب اقتصادية".
واستدرك: "لكن حرص أردوغان على كسب أصوات اليمين فى هذا التوقيت الحاسم عبر عملية عسكرية ضد الكرد قد لا يكون خياره الأفضل، لأنه سيخسر به قطاعاً مؤثراً من أصوات الكرد، ويظل خياره الأفضل ألا يخسر أي قطاع فى معسكره الانتخابي، بل على العكس من المتصور أن يتضمن خطابه الانتخابى حوافز وتطمينات لكافة الدوائر .
أصوات اليمين القومي ومعركة الانتخابات وإثارة النعرات القومية
ويرى الخبير في الشأن التركي أن "أردوغان" يدرك أن أصوات اليمين القومي لا يمكن أن تتجه لمنافسه المرشح اليساري، إلا تحت ضغط اقتصادي مضاعف يجعل اليمينيين يلجأون إلى "شرب الدواء حتى لو به جرعة سم"، لأن البديل سيكون أكثر إيلاماً .
وأضاف، أنه من المنتظر أن يقدم أردوغان على مغازلة اليمين القومي بإجراءات وخطاب إعلامي وسياسي قد يتضمن استدعاء للنعرة القومية ربما عبر رسائل تحدي للغرب في ملفات تتعلق باليونان أو بما يسمى الجمهوريات التركية المنفصلة عن الاتحاد السوفييتي، وقد يتوازى خطابه السياسي والإعلامي بنبرة التحدي للغرب مع محاولة للتصعيد مع دول مثل فرنسا.
أخطاء أردوغان تحسم الانتخابات
ويعد كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري "الكمالي" المنافس الأساسي للرئيس التركي، فيما أعلن حزب الشعوب الديمقراطي المناصر لقضايا الأقليات أنه لن يدفع بمرشح لانتخابات الرئاسة، وهو أمر فهم على أنه دعم لمرشح المعارضة الرئيسي في مواجهة "أردوغان".
ويرى "مصطفى" أيضا أنه فى ظل المشهد الانتخابي الراهن فى تركيا، فإن نتيجة الانتخابات الرئاسية ستتحدد بناء على الأخطاء التى يمكن أن يرتكبها أردوغان بشكل أكبر من الوعود التى يمكن أن يقدمها منافسه اليساري.
وأضاف أن المراقب للسلوك السياسي لأردوغان قبيل أى انتخابات يدرك أنه يخبىء دوماً بعض الأوراق التى يغازل به اليمينيين والكرد على حد سواء، وسيظل التحدي الأكبر هو فى مدى تفاقم الأزمة الاقتصادية ومعاناة المواطن التركي بسببها وقدرة أردوغان على الحد من تأثيراتها قبل أن يضع المواطن التركي ورقة التصويت فى صندوق الاقتراع.