"إعادة ترتيب الأوراق".. كيف سيتعامل رئيس حزب الشعب الجمهوري الجديد في تركيا مع الكرد؟

استطاع أوزجور أوزال هزيمة كمال كليجدار أوغلو ويفوز برئاسة حزب الشعب الجمهوري التركي، وسيكون أمام مهمة ثقيلة لا سيما قيادة الحزب للفوز بالانتخابات، وأيضاً صياغة كثير من المواقف ويأتي على رأسها الموقف من القضية الكردية.

وجاء فوز "أوزال" بأغلبية كبيرة أمام كليجدار أوغلو الذي أدار الحزب لنحو 13 عاماً، لكنه فشل في تحقيق أية نتائج سياسية تذكر، وحتى النجاحات التي حققها كان للصوت الكردي مفعول السحر فيها بفضل تحالف سياسي شكل ركيزة في أوراق الحزب السياسية، وبالتالي فإن الرئيس الجديد لحزب الشعب الجمهوري – بحسب كثير من المراقبين – سيجد نفسه بحاجة إلى الحفاظ على خط العلاقة مع الكرد.

حسابات أوزجور أوزال

في هذا السياق، يقول كرم سعيد الخبير في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن التغيير في رئاسة حزب الشعب الجمهوري ارتبط بمجموعة من العوامل المحفزة، على رأسها إخفاق كمال كليجدار أوغلو في انتخابات الرئاسية الماضية، وتصاعد التوترات بين قيادات الحزب، إلى جانب حملة التغييرات التي قادها رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ودعمه بشكل واضح لمسألة انتخاب أوزجور أوزال.

ويرى "سعيد" أنه سيكون هناك تغيراً في إدارة الحزب لملف القضية الكردية تحت قيادة أوزجور أوزال، فكثير من قيادات الحزب كانوا يرون أن كمال كليجدار أوغلو انحرف بعيداً في مسألة التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي والتعاطف بشكل كبير مع توجهات الكرد، التي ربما تكون كانت محركاً لبعض حالات التصويت الاحتجاجي نحو حزب الشعب الجمهوري.

وأضاف الخبير في الشأن التركي أنه في هذا الإطار، فإن "أوزال" سيكون حريصاً على العودة إلى التوازن في التعامل مع الملف الكردي، وسيكون ذلك في إطار الأفكار الكمالية التي تعبر عن هوية حزب الشعب الجمهوري، مع الحرص على أن تكون هناك تسوية مقبولة للقضية الكردية خلال الفترة المقبلة، أي لا يتماهى بشكل كبير في التحالف مع الأحزاب الكردية ولا يقبل بكل مطالب تلك الأحزاب، ولكن في نفس الوقت يحافظ على العلاقة معها.

وقد أتت مسألة اصطفاف الكرد في الانتخابات الرئاسية الماضية خلف كمال كليجدار أوغلو كخيار لا مفر منه أو تحالف ضرورة، في ظل استعانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقوميين الأتراك وعلى رأسهم حزب الحركة القومية وتبني مواقف متشددة تجاه الكرد، وقد استفاد حزب الشعب الجمهوري كثيراً بهذا التحالف لا سيما في الانتخابات البلدية وانتخابات الرئاسة الأخيرة.

الاستفادة من الصوت الكردي

بدوره، يقول محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه من المتوقع بدرجة كبيرة أن يحافظ أوزجور أوزال على التقارب مع المكون الكردي، لا سيما أن الصوت الكردي كان عنصراً مهماً في دعم حزب الشعب الجمهوري خلال معظم الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في السنوات الأخيرة، وقد ظهر ذلك بوضوح في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو الماضي.

وأضاف "الديهي" أنه رغم فوز رجب طيب أردوغان بها في النهاية، لكن يحسب لحزب الشعب الجمهوري أنه استطاع أن يقود الانتخابات إلى جولة ثانية ويجعلها صعبة للغاية على أردوغان، وما كان الحزب ليصل إلى هذه المرحلة لولا التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي المناصر لقضايا الأقليات في إطار ما عرف بطاولة الستة، وقد جعل ذلك كمال كليجدار أوغلو الرئيس السابق للحزب قاب قوسين أو أدنى من الفوز بمنصب رئيس الجمهورية.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية أنه فيما يتعلق بالموقف من الاعتداءات التركية على شمال سوريا والتدخلات الخارجية أنه ما من شك أن الرئيس الجديد لحزب الشعب الجمهوري سيحافظ على نفس الخط الرافض لمسألة التدخلات الخارجية في شؤون دول الجوار، والتي لم تعود على تركيا بمنفعة بل على العكس عادت عليها بكثير من المشكلات والعداء، كما أن تلك التدخلات لما تحقق لتركيا أي شيء على المستوى الأمني أو على صعيد ما يسمى بمحاربة الإرهاب كما يدعي الرئيس التركي.

وأكد "الديهي"، في ختام تصريحاته، أن أوزجور أوزال سيحافظ على جذب الصوت الكردي على الأقل من باب أن الحزب يعبر عن كل من يعيشون في تركيا، وأن تركيا كأرض وطن يتسع للجميع، لكن في كل الأحوال ما يتم سرده مجرد توقعات بناء على السياسة العامة لحزب الشعب الجمهوري واعتماده بصفة كبيرة على التحالف مع الكرد، وقد يتغير الأمر أو لا يتغير، ومن ثم علينا الانتظار.