مخاوف من خسائر اقتصادية وبشرية.. القبة الحرارية تضرب العالم دون توقف

يواجه الملايين في حوالي 8 دول عربية موجة حر غير مسبوقة تعرف باسم "القبة الحرارية" حيث تتأثر مصر وشمال السعودية والعراق وسوريا ولبنان بدرجات الحرارة العالية، والتي يخشى أن تستمر لأسابيع وتتأثر بها مناطق أخرى واسعة من العالم.

وكانت الأمم المتحدة حذرت من تعرض العالم إلى موجة حر غير مسبوقة تصل فيها درجات الحرارة إلى أكثر من 48 درجة، فيما قال جون نيرن المستشار رفيع المستوى لشؤون الحرارة الشديدة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إن شدة هذه الأحداث ستستمر في الازدياد، وعلى العالم أن يستعد لمزيد من موجات الحرالأكثر شدة.

أسباب الظاهرة

لا يتوفر وصف.

في هذا السياق، يقول الدكتور علاء سرحان أستاذ اقتصاديات البيئة، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء، إن ظاهرة القبة الحرارية ظاهرة جوية تحدث عندما يكون هناك مرتفع ضغط جوي، ويتجه إلى الأرض فيأتي بدرجات حرارة شديدة تقلل نسبة الرطوبة ومن ثم ارتفاع درجة الحرارة بشكل ملحوظ.

وأوضح خبير البيئة أن القبة الحرارية غير مرتبطة بظاهرة التغيرات المناخية، لكن تحدث هذه الظاهرة وتزداد حدتها وتكرارها بسبب التغيرات المناخية التي كانت سبباً في أن تحدث على فترات متقاربة بعد أن كانت متباعدة، ومن ثم فإن تغيرات المناخ وتفاقمها، وهي إلى جانب ظاهرة النينيو التي تحدث بين كل سنتين أو 7 سنوات والتي ترفع درجة حرارة الأرض وتؤدي إلى بخار كبير جداً نتيجة ارتفاع درجة حرارة المسطحات المائية، وتسبب السيول والأمطار في مناطق أخرى.

وقال "سرحان" إن ما يحدث في العالم من زيادة في درجات الحرارة وموجة حارة يتفاقم بسبب ظاهرة التغيرات المناخية، وكذلك في ظل تزامنها مع ظاهرة النينيو، مشيراً إلى أن المرتفع الجوي هذه المرة قدم من منطقة الصحراء الكبرى واتجه إلى شمال أفريقيا ثم إسبانيا وإيطاليا واليونان ومناطق من جنوب تركيا، فيما يرى المرصد الأوروبي أن دول أوروبية أخرى ستطالها مع عطلة نهاية الأسبوع.

وأضاف أن بعض الدول الأوروبية سجلت ارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة وحدوث حرائق، وكل ذلك بسبب الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة الذي يتزامن مع أزمة التغيرات المناخية وكذلك ظاهرة النينيو، مؤكداً أن هذا هو ما يجعلنا نشعر بهذا الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

مخاوف من مشكلات صحية مزمنة

وفي تقرير لها، حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من خطورة ارتفاع درجات الحرارة على صحة الإنسان بعد أن بدأت تصل إلى أقصى ما يمكن أن يتحمله الجسم، مؤكدة أن استمرار تعرض الأشخاص لدرجات الحرارة المرتفعة سيكون سبباً في مشكلات صحية مزمنة تطال القلب والكلى وتصيب الجسم بالإرهاق والأرق وربما مشكلات تتعلق بالصحة العقلية.

وقالت كريستي إيبي، أستاذة الصحة العالمية في مركز الصحة والبيئة العالمية بجامعة واشنطن إن الناس اعتادوا على العيش في بيئات مكيفة الهواء ولساعات طويلة، وبالتالي ستكون هناك مشكلة في العيش في الأجواء الدافئة، مؤكدة أن هذه مشكلة ستتزايد مع الاستعدادات التي تجري للتكيف بشكل أفضل مع عالم مرتفع درجة الحرارة مستقبلاً.

وتوضح أستاذة الصحة العالمية أن قدرتنا على التنظيم الحراري في مواجهة الحرارة بشكل أساسي تعتمد على نظام القلب والأوعية الدموية والكليتين، نتيجة لذلك، تؤدي الحرارة المزمنة في الغالب إلى إجهاد هذين النظامين بل أحيانًا تصل بنا إلى نقطة الانهيار. وقال أولي جاي، أستاذ الحرارة والصحة في جامعة سيدني ومدير حاضنة أبحاث الحرارة والصحة، إن الضعف الفسيولوجي هو المسؤول في النهاية عن النتائج الصحية السلبية.

وأضاف أنه عندما يكتشف نظامنا العصبي المركزي الحرارة الشديدة، فإنه ينشط أنظمة تنظيم درجة حرارة الجسم، فتتمدد الأوعية الدموية في جلدنا ويتم توجيه الدم الدافئ من قلب الجسم إلى السطح ليبرد، ولكن هذا يمكن أن يتسبب أيضاً في انخفاض ضغط الدم، مما قد يكون ضاراً لأولئك الذين يعانون بالفعل من انخفاض ضغط الدم.

وللتعويض عن هذا الانخفاض في ضغط الدم، يزيد قلبنا من معدل دوران الدم عن طريق زيادة معدل ضربات القلب، مما يؤدي إلى إجهاد نظام القلب والأوعية الدموية لدينا، وقال "جاي" إن الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية كامنة ربما تكون زيادة إجهاد الحرارة سببا في حدوث كارثة في القلب والأوعية الدموية.

مخاوف من خسائر اقتصادية

أما على الصعيد الاقتصادي، فإن هناك مخاوف كبيرة مما قد تسببه درجات الحرارة المرتفعة واضطرابات المناخ من خسائر سواء على صعيد المحاصيل أو الموانيء على سبيل المثال، بحسب تقرير لمجلة "نيتشر" العلمية الأمريكية، والتي قالت إن هذه الأوضاع تجعل ما لا يقل عن 122 مليار دولار أمريكي معرضة للخطر في المتوسط سنويا من النشاط الاقتصادي وما لا يقل عن 81 مليار دولار أمريكي من حجم التجارة العالمية.

ويقول تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن التداعيات الاقتصادية لهذه الظروف المناخية سيكون لها سلبيات كبيرة على المدى الطويل، إذ وجد الباحثون أن درجات الحرارة القصوى تقلل من إنتاجية العمالة وتضر بالمحاصيل وترفع معدلات الوفيات وتعطل التجارة العالمية وتثبط الاستثمار.