أمام الإبادة الجماعية الفريدة وداعش.. حق الدفاع الذاتي عند القائد أوجلان
تعتبر نظرية الدفاع الذاتي من أبرز ملامح الأمة الديمقراطية للقائد عبد الله أوجلان، والتي نجحت في دحر داعش والتصدي لهجمات الدولة التركية على الشعب الكردي وشعوب المنطقة.
تعتبر نظرية الدفاع الذاتي من أبرز ملامح الأمة الديمقراطية للقائد عبد الله أوجلان، والتي نجحت في دحر داعش والتصدي لهجمات الدولة التركية على الشعب الكردي وشعوب المنطقة.
تعد المقاومة المتنوعة هي حق ونوع من الدفاع الذاتي يبديها كل عنصر أو جسيم في الكون للحفاظ على وجوده أمام الاعتداء الخارجي الذي يستهدف وجوده وحريته، وأي مجتمع لا يستطيع ولا يملك قوة دفاعه الذاتية يكون معرضاً للاستغلال والاحتلال، تُعد هذه الرؤية، التي أرسى بها القائد أوجلان مبدأ الدفاع الذاتي، والذي يشكل حائط الصد الأول الذي كتب استمرار وجود الشعب الكردي أمام حالة الإبادة الجماعية الفريدة التي تمارسها دولة الاحتلال التركي سواء في جبال كردستان أو شنكال وصولاً إلى شمال وشرق سوريا. وكذلك بداية النهاية لداعش في كوباني وحتى القضاء على آخر معاقله في الباغوز.
أيدت مواد ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة تشرع نظرية الدفاع الذاتي، لقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3034 الصادر بتاريخ 18/12/1972 على الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار ودعم شرعية النضال خصوصاً نضال الحركات التحريرية وذلك وفقاً لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة.
وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضاً موقفها في القرار رقم 3246 الصادر بتاريخ 14/12/1974 على شرعية الكفاح المسلح ونضال الشعوب في سبيل التحرر من الاستعمار بكل الوسائل المتاحة حيث نص القرار على أن أي محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية والأمنية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الفردية والتعاون مع الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ونصت المادة الثالثة من نفس القرار رقم 3246 عل شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاستعباد الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح.
وفي هذا الصدد، كشفت الدكتورة فرناز عطية، الباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية، في اتصال لوكالة فرات للأنباء، أن أوجلان يؤكد أن نظام الدفاع الذاتي هو نظام لكل الكائنات في الكون، فالمقاومة هي نوع من الدفاع الذاتي يبديها كل عنصر أو جسيم في الكون للحفاظ على وجوده في الدفاع ولدى النوع البشري هو مجتمعي بقدر ما هو بيولوجي إذ يعمل الدفاع البيولوجي بغرائز الدفاع الموجودة في كل كائن حي أما في الدفاع المجتمعي فجل أفراد الجماعة البشرية يلوذون بالدفاع بشكل مشترك وبالتالي فإن الدفاع هنا يشمل كل أفراد الجماعة البشرية، بما فيهم النساء بوظيفة الدفاع الذاتي الشاملة لا يستثنى منها أحد ولا تقتصر على نوع أو جنس معين.
وأكدت الدكتورة فرناز عطية أنه عندما تحدث عن المرأة ونظرية الدفاع الذاتي لها رأى أن وظيفة الدفاع الذاتي شاملة لا يستثنى منها أحد ولا تقتصر على نوع أو جنس معين، تشمل الذكر والأنثى ولذلك منذ ثمانينات القرن العشرين أبرز أوجلان دور عملية الدفاع التحرري تأكيداً على دوره في الدفاع الذاتي والذود عن نفسها ومجتمعها، وهذه الصورة التي رسمها أوجلان عن المرأة تختلف عن الصورة النمطية عن المجتمعات، خاصة مجتمعات الشرق الأوسط، والتي تكون مشاركة المرأة ضعيفة بشكل عام وخاصة في موضوع الدفاع الذاتي وهي أداة للمرأة في التعبير عن قضيتها العادلة وحماية قيمتها المسلوبة للرجل.
وأضافت الباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية، أن الدفاع الذاتي لا يقتصر على العسكرة أو التنظيم المسلح وإنما يشمل تنظيم المجتمع لذاته في كافة المجالات من أجل حماية وجوده وخوض نضاله انطلاقاً من تنظيماته الذاتية واللجوء إلى التنظيم المسلح.
وبينت فرناز عطية أن الدفاع الذاتي ليس التنظيم المسلح فقط ولكن له اشكال كثيرة هدفها حماية المجتمع والبقاء واستعادة القيم التي سلبتها القوى الاستعمارية وإعادتها للشعب والوطن لتصب في خانة القيم الاجتماعية واسترداد حقوقه المسلوبة ليتمكن من ادارة نفسه بنفسه، وهو يمهد لمشروع الأمة الديمقراطية.
وأوضحت الباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية أن الدفاع الذاتي بالنسبة للمرأة هو أمر ملح وهو يمثل أهمية مصيرية للمرأة مرتبطة بوجودها باعتبارها الشريحة الأكثر تعرضاً للقمع والاضطهاد المجتمعي، وهي المرأة التي سلبت شتى حقوقها في النظام الأبوي لا يمكنها التغلب على ما تتعرض له من انحطاط واعتداء واغتصاب وانكسار والقهر بكافة أشكاله ولذلك فإن الدفاع هو سلاحها و الآلية الناجعة لها لتواجه كل أشكال القهر والعنف الواقع عليها، مما فرض على المرأة تشكيل مؤسسات الدفاع الذاتي الخاصة بها في كل المجالات وأن تشكل قواتها العسكرية أيضاً إن تطلب الأمر ذلك.
بينما كشفت ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، في اتصال لوكالة فرات للأنباء، أنه يتضح لنا من قراءتنا لمفهوم الدفاع الذاتي عند القائد أوجلان أنه فقط من أجل الدفاع والحماية الهوية والكينونة في وجه ممارسات سياسة نموذج الدولة القومية أو أي ممارسات تهدف إلى الغرض ذاته، ومن أي جهة كانت، وليس من أجل الهجوم.
وأكدت ليلى موسى، أن أوجلان يرفض جميع أشكال الاستغلال والاحتكار والاستعمار وتقسيم البلدان، ويدعو بشكل دائم إلى وجود حالة وفاق مع دولة نموذج الدولة القومية وبضمانات قانونية، كما أن النظام الذي يدعو إليه مبني على الوحدة الفكرية، أي الفكر وليس الجغرافيا، وبالتالي، وفق فلسفته، في حالة تحقيق الوحدة الفكرية وبلوغ درجة الوعي وتأسيس مجتمع سياسي وأخلاقي، يبقى وجود الحدود حالة شكلية لا أكثر.
وأضافت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أنه بعد اندلاع الحراك الثوري السوري، وعلى اعتبار أن التواجد العسكري للحكومة السورية حتى قبل اندلاع الثورة كان بأعداد بسيطة وعلى شكل مخافر وبعض نقاط تسمى الهجانة الخاصة بحماية الحدود، وبعد اندلاع الثورة وتركزت المعارك في البداية في المناطق الساحلية والداخلية قامت الحكومة السورية بتركيز قوتها في الساحل والداخل، وعلى أثرها قامت بسحب جميع الإمدادات العسكرية واللوجستية إلى مناطق الصراع، وبعد أن فقدت سيطرتها على أكثر من 70 بالمائة من الجغرافية السورية، والتمسك والحفاظ على كرسي السلطة أطلق مفهوم سوريا المفيدة نهاية عام 2015.
وبينت ليلى موسى، أنه بعد ترك أبناء المنطقة الشرقية لمصيرهم، وحدوث فراغ أمني فيها، في بداية الأمر كانت حماية الحواجز بشكل طوعي من قبل الأهالي وبالتناوب، وتم تأسيس المجالس المحلية للوقوف على احتياجات السكان اليومية من الكهرباء والخبز والمحروقات والسكر والحليب وتنظيم صفوفهم.
وأوضحت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أنه في نهاية 2012 تنبهت الدولة التركية التي تمكنت بشكل وآخر من وضع المعارضة السورية وخاصة إخوان المسلمين تحت سيطرتها، باستثناء أبناء المنطقة الذين رفضوا الانخراط في العسكرة ومحاربة الجيش السوري، حيث كانت الرؤية أنّ القضية السورية سياسية، وليست عسكرية، ويجب أن تحل بالحوار والتفاوض بعيداً عن الصراع والانخراط في أي طرف من أطراف الصراع تمكن أبناء المنطقة من إدارة مناطقهم وبإمكانيات بسيطة ومحدودة في الوقت نفسه، وهنا تنبهت تركيا لخطورة المسألة، وخطورة أن هناك نموذجاً مجتمعياً قائماً على قبول الآخر ونبذ ثقافة الكراهية، وعلى العيش المشترك، وعلى مشاركة لافتة للمرأة فيه.
وأشارت ليلى موسى، إلى أنه خوفاً من انتقال هذه التجربة إلى الداخل التركي ومطالبة مكوناتها بتكرار ذلك النموذج، في الداخل التركي، وبالتالي يكون ذلك على حساب نظامها شديد المركزية، وخاصة أنها تعاني مشكلة حقيقية في إنكارها لحقوق أكثر من 25 مليون كردي في تركيا يعيشون على أرضهم التاريخية التي جرى إلحاقها بحدود تركيا الحالية بموجب معاهدة لوزان.
وتابعت ليلى موسى، أنه لضرب هذا المشروع بدأت بإرسال فصائل هيئة تحرير الشام وغرباء الشام أحفاد الرسول...إلخ من الفصائل التي وأن اختلفت المسميات فهي تعود إلى الجذر ذاته، ففتحت حدودها أمامهم لمهاجمة سري كانيه (رأس العين) في نهاية 2012، وبداية 2013 وبفضل المقاومة الشعبية تمكن أبناء المنطقة من دحرهم وإلحاق خسائر كبيرة بهم، ومن هنا وجد أبناء المنطقة ضرورة تنظيم أنفسهم باسم وحدات حماية الشعب (YPG) لحماية المنطقة من الهجمات التي يتعرضون لها عام 2013 ومن ثم انطلق في 1 نيسان تنظيم نسوي خاص باسم وحدات حماية المرأة (YPJ)، علماً أنّ المرأة كانت مشاركة في القتال منذ الأيام الأولى من تأسيس وحدات حماية الشعب، وأيضاً في أثناء حملات تحرير سري كانيه.
ولفتت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أنه مع أولى حملات التحرير التي قادتها وحدات حماية الشعب والمرأة زرعت الثقة به في نفوس الشعب، في وقت تركه الجميع فيه لمصيره المجهول.