تصريحات مسؤولة المرأة بهيئة تحرير الشام.. رؤية راديكالية قاصرة

حالة من الجدل شهدتها الأوساط الثقافية في سوريا وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي، على خلفية تصريحات مسؤولة مكتب شؤون المرأة بهيئة تحرير الشام، حول وضع المرأة الجديد، وصفها البعض بالصادمة، وسط تجدد المخاوف من تأثير الفكر الراديكالي على أوضاع السيدات في سوريا.

خلال لقاء متلفز، أكدت المسؤولة التابعة لهيئة تحرير الشام، عائشة الدبس دعمها لتمكين المرأة السورية من واقع طبيعة المجتمع السوري المتعدد، مشددة على أن رؤية الهيئة تؤكد محدودية الدور النسوي وحظر تكليفها ببعض المهام التي لا تصلح لإدارتها، وهو ما تجلى في حديث المسؤولة التلفزيون مبدية التزامها بالخطوط الحمراء الموضوعة من قبل الهيئة بشأن مكانة المرأة في المجتمع، مؤكدة أن الإدارة الجديدة وضعت نموذجا يناسب المرأة السورية لتشارك في السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما رفضت مبدأ الحوار مشيرة إلى أنها لن تقبل من يختلف معها بشأن الأطروحات الخاصة بالدور المجتمعي والوظيفي للنساء في دمشق، وأنها ستتفرد بوضع نموذجً يتوافق مع رؤية القيادة الجديدة في سوريا على حد تعبيرها.

طابع إقصائي

ورأى مثقفون سوريون أن تلك التصريحات تحمل طابعاً إقصائياً وتمثل انعكاساً لمنهجية تقييد الحراك النسوي السوري وإعادته إلى قوالب تقليدية تخدم أجندة أحادية الرؤية، مؤكدين ان المرأة في سوريا مثلت عنصرا مؤثرا في ساحات النضال وشكلت جزءاً من الوعي الجمعي الذي ارتبط بالكرامة والحرية والعدالة، ومن ثم عكست تصريحات عائشة الدبس انطباعاً سلبياً عن هيئة تحرير الشام ورؤيتها الحقيقية للمرأة  كما أنها تناولت دورها من زاوية ضيقة بعيدا عن الشمولية دون أن تتطرق إلى التحديات التي تواجه السوريات سواء داخل دولتهم أو اللاجئات في دول الجوار ومن بينها الربط بين زيادة معدلات الطلاق وإشكالية تمكين المرأة، ملوحة بمنهج إقصائي في العديد من المجالات بدعوى ضرورة التزام المرأة بفطرتها التي تتمثل في الدور التربوي داخل الأسرة.

رؤية منقوصة

وتتوافق تصريحات سابقة للمتحدث باسم هيئة تحرير الشام مع ما أدلت به مسؤولة المرأة، حين أكد في تصريحات إعلامية أن الوظيفة يجب أن تناسب تكوين المرأة الفطري فلا يحق لها قيادة وزارة الداخلية مثلا  لأنها غير قادرة على تحمل مسؤولية هذا المنصب مثل الرجل، وأعلن عن نية الهيئة وضع قواعد تقيد عمل المرأة في الإدارات العليا من خلال لجنة كتابة الدستور ابتداء من الثقافة والتعليم إلى الوظائف التي سيكون لها الحق في تقلدها مستثنيا الإدارات العليا التي تحتاج إلى مؤهلات خاصة، وأضاف: «للمرأة الحق في التعلم والتدريس في أي مجال سواء كان في الثقافة أو القانون أو غيرها. ولا شك أن المرأة لها طبيعتها البيولوجية والنفسية ولها شؤونها الخاصة وبنية جسدها التي لن يناسب وضعية معينة، على سبيل المثال: لن تتمكن المرأة من استخدام السلاح أو التواجد في مكان معين».

أصولية راديكالية

عزة سليمان الناشطة الحقوقية في مجال المرأة قالت في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «التيارات الإسلامية دائما ما تمتلك نظرة قاصرة حيال المرأة حيث تعتبرها مخلوقا ضعيفا غير كامل الأهلية ولا يجب أن تتبوأ مناصب كبيرة في الدولة على خلاف الحقيقة التي أثبتت نجاح المرأة في كل المجالات بما فيها القضاء والصعود للفضاء».

 فيما أكدت الدكتورة سعاد صالح الأستاذة بجامعة الأزهر في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «المرأة في العصر الحديث حكمت دول العالم وأبرز نموذج مارجريت تاتشر وأنجيلا ميركل، وترشحت إلى رئاسة أكبر دولة في العالم (كامالا هاريس)، إلا أن الرجعية لاتزال تنهج منطق الجاهلية، رغم أن الدين الإسلامي أعلى من شأن ومكانة المرأة وكانت جنبا إلى جنب الرجل في الحروب والمواقف الصعبة وشدد الدور العظيم للمرأة وتقديرها من قبل الشريعة الإسلامية».