أجرت وكالتنا لقاءً مع عضوة الهيئة الإدارية لمجلس المرأة السوري في شمال وشرق سوريا، أمينة عمر، وتحدثت في البداية عن مكانة المرأة وضرورة مشاركتها في مستقبل سوريا الجديدة، قائلةً: "اليوم نشهد أن سوريا تمر بمرحلة جديدة وحساسة، ويجب أن تكون مشاركة جميع مكونات الشعب السوري، على وجه الخصوص المرأة السورية، ضرورة أساسية".
"من الضروري أن تكون للمرأة السورية مكانة في المرحلة الانتقالية"
وأضافت: "المرأة السورية عانت كثيراً في ظل النظام السابق من التهميش والإقصاء والاعتقال واللجوء والقتل، وكان هناك عنف كبير ضدها. وخلال الأحداث، كانت المرأة السورية هي المحرك الأساسي لتأمين احتياجات العائلة، كما كانت مشاركة بشكل كبير في الحراك الثوري الذي بدأ في عام 2011. ولذلك، من الضروري أن تكون للمرأة السورية مكانة في المرحلة الانتقالية وفي جميع المجالات، وخاصة في أماكن صنع القرار. فالمرأة السورية لها تجربة كبيرة، وهناك نساء مؤثرات يمتلكن القدرة على التواجد في مراكز صنع القرار، لذا يجب أن يكنّ مدافعات عن حقوق المرأة ومشاركات في العملية السياسية وكتابة دستور سوريا الجديد. لقد لعبت المرأة دوراً كبيراً ولديها قدرة على تعزيز مكانتها في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا".
"العلويين ليسوا مسؤولين عما ارتكبه النظام السابق"
وفيما يتعلق بالأوضاع الأمنية في سوريا، قالت أمينة عمر: "خلال الفترة الأخيرة التي تشهدها سوريا، من خلال السيطرة الكاملة على الأراضي من حلب إلى دمشق، لا يزال هناك فلتان أمني، خاصة في المناطق ذات الغالبية العلوية، رغم أن العديد منهم كانوا ضد النظام بشكل كبير. ولهذا، هناك سياسات انتقامية ضد العلويين، حيث يتعرضون للإبادة في بعض المناطق. وقد شهدت المناطق العلوية مظاهرات عدة للدفاع عن حقوقهم، على الرغم من أنهم ليسوا مسؤولين عما ارتكبه النظام السابق. ومع ذلك، يبقى عليهم أثر بسبب انتمائهم الطائفي. وفي ظل هذه الأوضاع، تعاني المرأة العلوية بشكل كبير، وهناك مخاوف من اندلاع حرب طائفية جديدة. وإذا حدث ذلك، فإن تداعيات هذه الحروب ستكون كبيرة على المرأة، خاصة المرأة العلوية والمسيحية، في ظل سيطرة جهات ذات خلفيات دينية متشددة. كما هناك أيضاً نزوح للنساء اللواتي يخشين البقاء في ظل الفلتان الأمني".
"على السيدة عائشة الدبس الاعتذار عن هذه التصريحات لأنها أغفلت تضحيات المرأة السورية"
أما بخصوص تصريحات مسؤولة مكتب شؤون المرأة في الحكومة المؤقتة، عائشة الدبس، فقالت أمينة عمر: "السيدة عائشة لم تكن موفقة في تصريحاتها، ونحن نعلم كيف تولت منصبها في مكتب شؤون المرأة في الإدارة الجديدة بناءً على الانتقادات الموجهة للحكومة التي تحمل فكراً متشدداً. وهي المرأة الوحيدة في هذه الحكومة، وعندما تتحدث عن دور المرأة بهذه الطريقة، فإنها تتجاهل حقيقة ما قدمته المرأة السورية من تضحيات خلال الأزمة السورية، حيث كانت مشاركة في جميع التظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام وبناء سوريا حرة تُنادي بالحرية والكرامة التي تليق بالمرأة السورية".
وتابعت: "تصريحات عائشة الدبس أثارت جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقد العديد ما قالته. هذه التصريحات تضر بحقوق المرأة السورية وتقيّد دورها، إذ تعطي الأولوية لدور المرأة كأم في مجال التعليم، وتقلل من إمكانات المرأة في المناصب القيادية. نحن في مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا استنكرنا هذه التصريحات، وأصدرنا بياناً نرفض فيه بشكل قاطع هذه التصريحات، لأن المرأة السورية هي شريكة حقيقية في المشروع الديمقراطي وبناء سوريا جديدة. لذا يجب على السيدة عائشة الدبس أن تعتذر عن هذه التصريحات لأنها أغفلت تضحيات المرأة السورية".
"دعوة جميع النساء في سوريا للاتحاد من أجل تحقيق مطالبهن والمشاركة في جميع مراحل سوريا الجديدة"
وأوضحت أمينة عمر أن التحديات أمام المرأة السورية كبيرة جداً، وحتى في ظل النظام السابق، كانت هناك تحديات كبيرة بسبب الإقصاء والتهميش في الحياة العامة والسياسية، بالإضافة إلى الاعتقال والعنف الممارس ضدها. وقالت: "إننا نخشى أن تستمر هذه التحديات في الإدارة الجديدة. التحدي الأكبر أمام المرأة السورية الآن هو الخوف من فقدان حقوقها في ظل الإدارة الجديدة، خاصة بعد التصريحات التي أدلت بها بعض الشخصيات حول دور المرأة البيولوجي وتحديد المناصب التي تناسب طبيعتها كأم".
ونوهت إلى أن المرأة السورية تخشى أن تُعتقل إذا طالبت بحقوقها في ظل الوضع الراهن والفلتان الأمني. نحن في مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا لدينا تجربة رائدة ونضالات كبيرة. حققنا بفضل نضالنا الكثير من المكاسب، حيث بنينا تنظيماً خاصاً في الجانب العسكري من خلال وحدات حماية المرأة التي تدافع عن المرأة وتحمي مكتسباتها. كما كان لنا دور في الجانب السياسي والدبلوماسي، حيث شاركت المرأة في المحافل الدولية وحققت مكاناً هاماً في الإدارة الذاتية. ومن الناحية القانونية، لدينا قوانين تحمي حقوق المرأة، مثل منع تعدد الزوجات والزواج القاصر وقتل النساء والعنف ضدهن. ولكن هناك مخاوف من التصريحات والغموض الذي يلف المشهد السوري.
ودعت عضوة الهيئة الإدارية لمجلس المرأة السوري في شمال وشرق سوريا، أمينة عمر في ختام حديثها جميع النساء في كافة المناطق السورية إلى الاتحاد من أجل حماية مكتسباتهن وتحقيق مطالبهن، والمشاركة في جميع المراحل التي ستشهدها سوريا، بما في ذلك مرحلة كتابة الدستور. دعوة الاتحاد هذه تعزز دور المرأة السورية في بناء سوريا الجديدة.