أجابت عضوة منسقية منظومة المرأة الكردستانية KJK هيفي نودم، على أسئلة وكالة فرات للأنباء (ANF) حول يوم الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة العاملة.
ذكرت هيفي نودم أن نظام الدولة بُني وفق سياسات الإبادة الجماعية وتم تشكيل وتحديد اللوائح القانونية وفقاً لذلك، وأكدت أن استمرار هذه البنية تسبب في وقوع مجازر بحق النساء، وأشارت هيفي نودم، إلى أن منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص هي المنطقة التي تشهد أشد الحروب، موضحة أن النساء يدفعنَّ الثمن الأكبر نتيجة كل هذه الحروب.
وبيّنت هيفي نودم أن الذهنية الأبوية والثقافة الفاشية تسببتا في زيادة حدة العنف ضد المرأة، مؤكدة على أن نضال المرأة الذي تقوده المرأة الكردية ضد كل هذه الاعتداءات من ناحية أخرى، قد تعزز تدريجياً في كل مجال، وشددت على أنه لا يمكن لأي شعب أن يبقى بدون حماية في ظل ظروف الحرب العالمية الثالثة الجارية، وقالت إن الدفاع عن النفس له أهمية حيوية خاصة بالنسبة للنساء.
نحن نرى أن الأحزاب والتنظيمات الفاشية آخذة في الازدياد في جميع أنحاء العالم، وهناك إملاءات عنيفة وصارمة على المجتمعات على أساس مصالح السلطة الحاكمة، كما أننا نعلم أن الفاشية تعني بالنسبة للنساء هي صعود حدة العنف والتمييز الجنسي والعنصرية، في ظل الوضع الحالي القائم، كيف يجب علينا تقييم التهديدات ضد المرأة؟ وأي نضال ينبغي للحركات النسائية أن تخوضها في مواجهة هذه الأمور؟ وأيضاً، بالإضافة إلى ذلك، ما هي أهمية معنى الكونفدرالية النسائية العالمية؟
صحيح، في فترة الحداثة الرأسمالية، عمقت العديد من الأحزاب العنصرية الفاشية والعنف، وشكلت الحداثة الرأسمالية والحرب العالمية الثالثة، بكل ما تحمله من مقوماتها العنصرية والدينية والعلمانية والتمييز الجنسي والحرب الخاصة، تهديداً كبيراً لجميع مجالات الحياة ولوجود المرأة، وعمقت ووسعت هذه الحرب نطاق هجماتها التدميرية على المجتمع والطبيعة بأكملها من خلال الممارسات الفاشية وممارس العنف في شخص المرأة، ومما لا شك فيه، أن ذلك النظام السائد آخذ في المضي قدماً نحو الأمام بكل الأساليب والعنف ضد المرأة، وتعيش المرأة في كل لحظة تبعات العنف الروحي والجسدي داخل المنزل وخارجه كل يوم، وقد حاول نظام الحداثة الرأسمالية والقوى الحاكمة الحفاظ على سلطتها من خلال ميزتها المعروفة في اختلاق حروب الإبادة الجماعية والاستمرار في خلق الصراعات والأزمات، ويسعى هذا النظام، المبني على ركيزة الذهنية الأبوية الدولتية، إلى ممارس السياسة من خلال توسيع رقعة الحرب والعنف، ويريد أن يجعل نفسه مستداماً، وبهذه الأساليب يخلق حالة من الخوف والصمت تجاه نظامه، نظراً لأن كل أنظمة الدولة قد تأسست وفقاً لسياسات الإبادة الجماعية وتم تشكيل وتحديد لوائحها القانونية وفقاً لذلك، واستمرارية هذا النظام مكفولة من خلال إبادة وسلب إرادة المرأة.
إن المناطق التي نعيش فيها، الشرق الأوسط، هي المنطقة التي تدور فيها أشد الحروب الساخنة والضارية، فالمنطقة تعيش أزمة كبيرة بسبب الهيمنة المركزية والهيمنة الإقليمية على حد سواء، وتعاني من حالة من الأزمات والتناقضات والمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وانسداد في الأفق، ونتيجة لكل هذه الحروب والنزاعات، تدفع المرأة الثمن الأكبر، وقد توضح ذلك من خلال ما حدث في العراق وأفغانستان وغيرهما مع تدخل قوى الهيمنة المركزية في الشرق الأوسط، ونتيجة لهذه الحروب، عملت القوى السلفية على تنظيم نفسها ووصلت إلى السلطة، وكثفت القمع والقيود على حياة المرأة وحرية فكرها من خلال دساتير قوانين الشريعة، ولذلك، تعاني النساء الظلم أكثر من غيرهن نتيجة كل هجوم وحرب، وقد أظهر الوضع في غزة هذه الحقيقة بوضوح للجميع، حيث كانت النساء والأطفال هم الأكثر تعرضاً للقتل والتهجير، فالوضع الذي تعيشه المرأة والمجتمع نتيجة الحرب العالمية الثالثة هو وضع لا مثيل له في التاريخ، وقد أدى كل من ترسيخ العقلية الذكورية وثقافة العنف والفاشية والدولتية ونتيجة لتلك الحروب وجرائم القتل والمجازر التي تتعرض لها النساء أمام أعين الجميع إلى زيادة حدة العنف ضد المرأة تدريجياً وأصبح أمراً مألوفاً، كما أنه يُنظر إلى العنف ضد المرأة في كل مجالات الحيات والعمل ضمن أنظمة الدولة القومية على أنه أمر مشروع ومبرر بسبب عقليتها وأيديولوجيتها القائمة على التمييز الجنسي، ففي جميع بلدان الشرق الأوسط، وخاصة في أفغانستان، مع وصول طالبان إلى السلطة، وإعدام النساء في إيران، واغتصاب حقوق المرأة، وتشريع قرار زواج القاصرات في العراق، ووصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا، وتنظيم السلفية لنفسها، وكذلك الأيديولوجيات الطائفية المتطرفة في شمال أفريقيا، يتم تطبيق القوانين والتشريعات القائمة على إبادة النساء في المجتمع، فقد أوجدت أيديولوجية التمييز الجنسي التي نظمت نفسها بناءً على كل الموارد السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والفنية والقانونية والإعلامية وغيرها، أرضية وفرصة كبيرة لنفسها، وهذه أصبحت مثل عقلية ممنهجة تقوم بكل الحروب وعمليات القتل والإبادة والتهجير ضد الشعوب من أجل سد الطريق أمام نضال المرأة ومقاومتها، ويلجأ النظام الرأسمالي إلى استخدام كل هذه الأساليب لجعل المرأة عاجزة وبائسة، فالنسبة الأعلى للعاطلين عن العمل هن من النساء ولا يمكنهنَّ تلبية احتياجاتهنّ اليومية بمفردهنّ، ونظراً لحرب مركزية الهيمنة فإن العنف يزداد مع مرور الوقت، ولكن في المقابل، فإن نضال المرأة وتنظيمها يتوسع ويصبح أكثر ديمومة في كافة الجوانب.
وفي مواجهة هذه السياسات التي ترسخ أيديولوجياتها ضدهنّ، تنظم النساء أنفسهن ويناضلنّ من أجل استعادة وجودهن وهوياتهن التاريخية والاجتماعية والثقافية في كل مجال، وبهذه الطريقة، يمكن للمرأة أن تمنع الفاشية والتمييز الجنسي والنزعة الدينية الطائفية المتطرفة، ويمكن للمرأة من خلال تدريب وتطوير نفسها من الجانب الفلسفي والعلمي، أن تكمل تنظيمها ضد العقلية الذكورية المهيمنة داخل المنزل، وتدافع عن نفسها ضد هجمات الهيمنة المركزية والمحلية، وتؤكد إرادتها، فما يحمي المرأة هو تنظيمها لنفسها ومستوى معرفتها، وهذا التنظيم الذي يتطور على أساس الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة، وعبر كل الاختلافات الثقافية والمعتقدات في المجتمع، يمكنه أن يكتسب وجوده وهويته ويحقق حريتها في كل المجالات، ولهذا، يمكنها الحصول على نظام كونفدرالي ديمقراطي عالمي من خلال تنظيم النساء، ومن الضروري أن يكون تنظيم النساء بمثابة شبكة من العناصر المترابطة والمتكاملة والمتماسكة، ويجب أن تحصل المرأة على وجودها وحريتها في إعادة تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية ضد النزعة القومية، وعلى أساس بناء الأمة الديمقراطية، ووعي المرأة الحرة، وقيم المجتمع الأخلاقي والسياسي، فالعقلية الذكورية في العصر الحجري الحديث، من خلال الاستيلاء على القيم المادية والروحية للمجتمع الطبيعي، تتطور اليوم وتستخدم العلم والتكنولوجيا وفقاً لمصالحها الخاصة.
ولا تزال القيم التي أوجدها عمل المرأة موجودة حتى اليوم من خلال نضال المرأة، حيث إن نضال المرأة الكردية المستمر منذ نصف قرن على أساس فلسفة القائد آبو قد وصل إلى المستوى العالمي، ويشكل نموذج الأمة الديمقراطية، الذي يشمل جميع ثقافات المجتمع وهوياته ومعتقداته، الأساس الرئيسي للكونفدرالية النسائية العالمية، وهذا الوضع يعزز أساس نضال المرأة العالمي، وقد تم كسب هذا النضال الذي قادته المرأة الكردية من خلال تضحيات وأثمان باهظة، حيث اكتسب النضال المستمر منذ 50 عاماً القائم على نموذج ”المرأة، الحياة، الحرية“ للقائد آبو، الصفة العالمية في شخص المرأة الكردية، فقد طوّر روحاً وفكراً متماسكاً، إذا كانت أنظمة الدولة القومية تحاول اليوم تعزيز عقليتها الذكورية وبنيتها السلفية الإسلامية، فإنها تعلم أن أكبر تهديد لذلك هو نضال وتنظيم المرأة وتماسكها القائم على الفكر الحر للمرأة.
ويمكن أن يؤدي النضال بنين الجنسين القائم على أسس معايير المرأة الحرة إلى إبراز المرأة الحرة والرجل الحر بحيث يتوليان القيادية الصحيحة للمجتمع الديمقراطي والمتساوي، ويمكن للثورة النسائية الثانية التي تطورت بناءً على فلسفة "المرأة، الحياة، الحرية" ومعرفة علم المرأة، أن تكون نموذجاً لتجاوز ذلك النظام من خلال الكونفدرالية النسائية، وما لم تنظم المرأة وتطور نفسها في كل مجال وتصبح مستقلة اقتصادياً، ستستمر الهجمات الفاشية والتمييز الجنسي وقتل النساء وتبريرها من قِبل النظام، والمبدأ الأساسي للنضال هو أنه كلما كانت المرأة أكثر تماسكاً وتنظيماً كلما حققت النتائج المثمرة، وكما قال القائد آبو، إن المرأة غير المنظمة هي المرأة المجردة من الحماية، لقد وصلت حركة المرأة الكردية إلى مكانة رائدة عالمية في جميع أنحاء كردستان والمنطقة والعالم، كلما كنا أكثر تنظيماً، كلما كنا أقوى، كلما كنا أقوى، كلما استطعنا حماية أنفسنا وأن نكون أحراراً، وعلى هذا الأساس، يجب علينا أن نجعل الكونفدرالية النسائية العالمية مستدامة من خلال بناء نموذج بيئي وديمقراطي وتحرر المرأة، وبهذه الطريقة فقط يمكن منع جميع الاعتداءات الفاشية ضد المرأة.
كيف تقيمون ثورة المرأة في روج آفا التي تحققت بتضحيات كبيرة ولاقت صدى واسع في العالم أجمع في ظل الوضع الحالي في سوريا...؟ كيف ينبغي للمرأة أن تكون في سوريا الجديدة...؟ كيف تقيمون سياسة إدارة هيئة تحرير الشام تجاه المرأة، والتي تتجاهل حتى اليوم نضال الشعوب من أجل الحرية، وتسير على خط الدولة القومية الواحدة...؟ ما هو الموقف الذي يجب أن تتخذه المرأة في مواجهة كافة أنواع التهديدات والاحتمالات...؟ بالنسبة للمرأة ما مدى أهمية الحاجة إلى الكونفدرالية النسائية الشرق أوسطية والنضال المشترك...؟
إن استهداف مكتسبات ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا وروج آفا من قبل هيئة تحرير الشام وقائدها أبو محمد الجولاني، هو هجوم على نضالنا الممتد على مدى نصف قرن وعلى ثورة الإدارة الذاتية التي تأسست في السنوات العشر الأخيرة بجهود وتضحيات كبيرة بقيادة المرأة، لقد عانت النساء وشعوب شمال وشرق سوريا كثيراً نتيجة هجمات الاحتلال وأجبروا على النزوح، ولكنهم لم يتخلوا عن الثورة والحياة الحرة، وأصبحوا نموذجاً بديلاً عن نظام الحداثة الرأسمالية والدولة القومية بإصرار كبير من أجل تنظيم حياة جديدة وديمقراطية والعمل بروح تضامنية مع جميع النساء وشعوب المنطقة على أساس أخوة الشعوب، ولا زالت الشعوب يستمرون في المقاومة والنضال من أجل حياة حرة بالرغم من كل الهجمات، يقول القائد آبو" لا يمكن تحقيق الحرية بدون تضحيات"، لقد حقق الشعب والنساء تقدماً تاريخياً بهذا العلم والفهم، وقدّما نموذجاً للمنطقة والعالم من خلال تطوير ثورة المرأة والأمة الديمقراطية، ولذلك فإن هذه الثورة ليست ثورة روج آفا وشمال وشرق سوريا فقط، بل هي في الوقت ذاته الثورة الديمقراطية في الشرق الأوسط، والكونفدرالية الديمقراطية للمرأة ولشعوب المنطقة، إن ثورة روج آفا لها مثل هذا الدور والرسالة، وقد برز الانضمام والتضامن في هذا المستوى أيضاً.
بلا شك إن تطوير ثورة المرأة والنظام الديمقراطي هو الوظيفة والمسؤولية الأكثر أهمية في يومنا هذا، لأن هناك احتياجات كثيرة لضمان هذه الثورة، كما أن هناك مخاطر عديدة أيضاً، والخطر الأكبر هو الهجوم على النظام الديمقراطي الذي تقوده المرأة، ولذلك فإن التنظيم على مبادئ الأمة الديمقراطية، وخاصة في مجالات القانون، وتطوير العدالة الاجتماعية، وتقوية الاقتصاد الكومينالي، وبناء الأنظمة الصحية والتعليم الديمقراطي، وحماية البيئة، وضمان قيم المرأة في جميع المجالات الاجتماعية، هي المهام الأساسية التي يجب تنفيذها في الكونفدرالية النسائية العالمية.
إن الوضع الذي يمر فيها سوريا مقعد جداً، بسبب استمرارية عدم الاتفاق السياسي بين الشعوب في سوريا، وبين المعتقدات المختلفة وثقافة عدم الاستقرار، لقد عانت وتضررت الشعوب والمرأة كثيراً من نظام البعث، مع مجيء هيئة تحرير الشام، أصبح الوضع أكثر خطورة، كما زاد الاستياء من هذا الوضع، لذا هناك حاجة لإعادة بناء الوضع في سوريا من كافة النواحي، ولكن إذا كان هذا البناء الجديد في إطار الذهنية الذكورية، فلن يتغير أي شيء، ولكن إذا حدث تغييرات ديمقراطية في الدستور واتُخذ نموذج شمال وشرق سوريا كأساس، فسوف تتخلص من جميع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن عندما نراقب التنظيم والإدارة العاملة الآن، فإن ذلك لا يمنح الأمل للمرأة والشعب.
ونتيجة المحظورات والعنف والعقليات العنصرية والجنسوية المفروضة اليوم، أصبح الوضع أسوأ من ذي قبل، ويظهر تدميراً آخر بسبب عدم الاعتراف بالهويات والمعتقدات والثقافات المختلفة، إن تنظيم هيئة تحرير الشام السلفي الذي يعمل بقوانين الشريعة والإسلام المتطرف لا يقبل بوجود المرأة في أي مجال، إذا لم ينفتح على تغييرات ديمقراطية، سيكون وضعه مختلف عن النظام البعثي السابق، طبعاً لن يتم قبول سياسة وأفعال نظام الإدارة الجديدة، منذ أكثر من عشر سنوات والمرأة تخوض نضالاً كبيراً ومؤثراً، وهذا ليس محتملاً أن يقتصر الأمر على شمال وشرق سوريا فقط، يجب على حركات المرأة الكردية والعربية في شمال وشرق سوريا أن تقاوم بشكل منظم ضد كل أنواع الهجمات والسياسات وقوانين الضغط.
يجب على المرأة أن تنظم نفسها وتؤسس أرضية لنضال مشترك في كل مناطق سوريا، على حركات المرأة أن تعزز من تضامنها مع المجتمع في مواجهة السياسات القمعية للدولة، وأن تطوّر ثورة المرأة وأن تتحد، على هذا الأساس، تستطيع النساء أيضاً، مع منظورهن الخاص للحياة والعالم، أن يطوّرن نظاماً كونفدرالياً ديمقراطياً للنساء في الشرق الأوسط، إن منع العنف والهجمات على المرأة ممكن من خلال النضال الأيديولوجي والتضامن.
يجب تطوير الحلول البديلة والمواقف الجديدة، عندما رفض القائد آبو نظام الحداثة الرأسمالية والدولة القومية، أعلن بدلاً عنهما الحداثة الديمقراطية والأمة الديمقراطية، من أجل تحرير المرأة المستعبدة، تمت حماية المرأة بالأيديولوجية والأنظمة والحماية، ولتغيير عقلية الرجال، وضع قتل الذكورة على جدول الأعمال، وعلى أساس هذه المبادئ أجرى العديد من التدريبات وأعد الأعمال الكتابية والمرئية، وأوضح أيضاً أساس المشكلات الاجتماعية في حل المشكلة بين الرجل والمرأة، يجب على النساء أن يتبنين مكتسبات ثورة روج آفا ويعملن على إحياء النظام الكونفدرالي للمرأة في الشرق الأوسط مع جميع النساء في المنطقة.
بخصوص السؤال، هناك نقاشات حول الجيش السوري الواحد، كيف يجب أن يكون مكان وحدات حماية المرأة في هذه الهيكلية...؟ إذا أخذنا حقيقة هيئة تحرير الشام بعين الاعتبار، ما هي المخاطر التي من الممكن أن تظهر بخصوص هذا الموضوع...؟
منذ أكثر من عشرة أعوام تأسس نظام ديمقراطي في روج آفا شمال وشرق سوريا، ولا يزال بناء هذا النظام الأساسي مستمراً كل يوم بالتدريب والتغيير في العقلية، لقد أدى هذا الإنجاز وتأسيس النظام إلى خلق تجربة مهمة في المجتمع، وهو مهم وحيوي للغاية كمثال ونموذج بديل للشعب الكردي وشعوب المنطقة، ولحماية ذلك، هناك حاجة أيضاً إلى نظام للدفاع عن النفس، وهذا حق طبيعي ومشروع، وتقع مسؤوليته على عاتق كل فرد في المجتمع،
في روج آفا ومنذ بداية الثورة وحتى الان، قاوم هذا الشعب وخاصة المرأة وفي ظل ظروف الحرب والصراع الصعبة ضد كل الهجمات، حاربوا ودافعوا عن أنفسهم من جهة، ومن جهة أخرى أسسوا نظامهم الديمقراطي من جديد، في البداية، حموا قيم ثورتهم الاجتماعية ضد مرتزقة داعش وجعلوها أساسية، في الوقت نفسه، أمّنوا الحياة البشرية من خلال هزيمة المرتزقة، لم تستطع أية قوة أن تهزم مرتزقة داعش، ولكن قوة حماية روج آفا وبالأخص وحدات حماية المرأة تحركت بإرادة وإيمان لبناء نظامها الديمقراطي وحمايته، كما أظهرت إصرار وتصميم كبيرين من أجل إدارة أنفسهم.
إن الدفاع عن النفس هو معيار استراتيجي للمجتمع، كما أن أقوى ركيزة في نظام كونفدرالية المرأة في روج آفا مبني على هذا الأساس، لا يمكن لأي نظام أو مجتمع أن يعيش بدون تنظيم قوة حماية، أو الاعتماد على شخص أو قوة ما لحماية وجوده، وخاصةً نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا، والذي يشكل تهديداً كبيراً للنظام الرأسمالي، فهو يتعرض لهجمات مسلحة وحرب خاصة وهجمات عقلية جنسية من كل النواحي، يومياً يتم استهداف المرأة المناضلة ورائدات المجتمع ويتم اعتقالهن وتعذيبهن، من جهة أخرى ومن خلال الحرب الخاصة يتم إبطال تأثير المرأة القيادية في المجتمع، كما يقوم نظام الحداثة الرأسمالية بالاعتداءات على ثقافة وأخلاق المجتمع بالعقلية الذكورية، ومن اجل ذلك فإن الدفاع عن الوجود ضد كل هذه الاعتداءات والهجمات حاجة ضرورية وملحة أكثر من أي وقت آخر في هذا العصر، حتى الآن لم تحمي المرأة أي قوة أو قانون أو عدالة أو محكمة، ودائماً ما يتم تجريم المرأة ومعاقبتها، في العالم، لا يمكن لشعب أو فرد أن يبقى بدون حماية في الوضع الحالي للحرب العالمية الثالثة، أو تسليم أمنه وسلامته لأحد آخر، عندما تبقى المرأة بلا حماية، فسيبقى المجتمع والطبيعة وعموم الإنسانية بلا حماية، يتحقق توازن المجتمع أيضاً من خلال وجود المرأة، بالأكثر بقي المجتمع والمرأة ناقصاً وخاصةً في مجال الأمن والحماية، ولكن في مكان مثل روجافا وشمال وشرق سوريا، تم إرساء هذا التوازن وضمانه.
سوف تنظم المرأة في سوريا قوتها الدفاعية وفقاً لعقدها الاجتماعي ولن تسلم أمنها لقوة دفاعية أخرى مبنية على أساس العقلية الذكورية، ولهذا السبب يجب على المرأة من خلال معرفتها بالحماية والتنظيم في كل المجالات أن تضمن حماية وأمن وجودها وحريتها ومجتمعها، وهذا واجب حيوي وأساسي في نضال كونفدرالية المرأة، إن حركة المرأة في روج آفا شمال وشرق سوريا هي التي ستقود نساء المنطقة ونظام كونفدرالية المرأة في الشرق الأوسط.
أخذ القائد آبو على عاتقه زمام المبادرة، ويريد أن يطلق عملية حل القضية الكردية بالطرق السلمية والديمقراطية، وفي هذا الصدد، يُرجح أنه سيطلق دعوة مرئية مصوّرة، كيف ينبغي للمرأة أن تتعامل مع هذه العملية وكيف ينبغي لها أن تستجيب لرسالة القائد آبو؟
لقد رسم القائد آبو بالدعوة التي طرحها "من أجل مجتمع ديمقراطي وسلمي" خارطة طريق العصر، ورغم ظروف نظام التعذيب والإبادة المشدد الذي يعيشه القائد آبو في إمرالي، إلا أن القائد طرح وجهة نظر الحل بمسؤولية تاريخية، ومن واجبنا جميعاً أن نفهم هذه الدعوة ونعمل بها، فالدعوة التي وجهها القائد آبو ليس موجهة فقط للشعب الكردي، بل لجميع شعوب المنطقة، وستكون حلاً وسداً منيعاً للحروب، كما أنه سيحدد السبيل إلى إيجاد الحلول الأساسية من خلال دعوته التاريخية.
يجب علينا كحركة نسائية كردية أن نؤدي ونتحمل مسؤولياتنا تجاه الدعوة التاريخية للقائد أكثر من أي وقت مضى، ونتولى قيادة هذه الفترة التاريخية التي أطلقها القائد آبو، وكنساء كرديات لقد قدمنا تضحيات ثمينة في النضال التحرري الكردستاني وفي نضال المرأة، وقد بنينا قيماً مشتركة مع نساء المنطقة والعالم، وعلينا أن نوسع من رقعة نضالنا ونشاطنا لنتبنى ونتمسك بهذه القيم الوطنية والنسائية.
هذه العملية هي واحدة من أصعب أوقات النضال، ومع ذلك، فإن العملية لا تقبل الاستسلام والمشاركة العادية، ولقد نظمت المرأة الكردية نفسها على مر السنين على أساس فكر القائد وفلسفته تحت شعار المرأة الحياة الحرية وقامت ببناء نظام المستقل في كل مجال من مجالات العمل والحياة، من أجل تنظيم الكونفدرالية النسائية في جميع أنحاء العالم، سنعمل على تعبئة كل قوتنا لتنظيمها وبنائها، وبهذه الطريقة، يمكننا الاستجابة للدعوة التاريخية للقائد آبو، وسنعمل ونناضل يجب من أجل سنوات الجهد الشاق التي قام بها القائد آبو، والتي قام بها في جميع الظروف من أجل التوصل إلى حل دائم ومشرّف، ومن أجل كل التضحيات التي قدمناها كحركة في سبيل الحرية والديمقراطية، ومن أجل كل أمهاتنا وعائلاتنا اللاتي كن في خضم النضال والعمل منذ اليوم الأول وحتى اليوم ودفعن الثمن، ومن أجل أمل كل امرأة في الحرية، ولكن قبل كل هذا، فإن الحرية الجسدية للقائد هي معيارنا الرئيسي لخوض النضال، سنعمل على تعبئة كل قوانا لنعيش مع قائدنا في ظروف الحرية.
بهذا الإيمان والتصميم، يجب على جميع النساء أن يستقبلن يوم 8 آذار بحماس كبير استجابة للدعوة التاريخية للقائد، لقد كان إعلان أيديولوجية تحرير المرأة في 8 آذار في سوريا في عام 1998، أعظم احتفالية قدمها القائد لنا جميعاً نحن النساء، وكانت هذه أكبر هدية قدمها القائد آبو للمرأة، ولكي نستجيب بقوة على نضال القائد آبو من أجل حرية المرأة وتنظيمها وتطورها، يجب أن نتخذ من دعوته التاريخية أساساً، وعلى هذا الأساس، نهنئ مرة أخرى جميع النساء المناضلات، والمقاومات، والتواقات إلى الحرية بمناسبة يوم 8 آذار.