نساء راجو تستمر بالحفاظ على العادات التراثية التي توارثتها لإجيال

تستمر نساء ناحية راجو بالحفاظ على العادات التراثية التي توارثتها الأجيال منذ مئات وآلاف السنين، ومن هذه العادات جز الصوف وإعداده واستخدامه في تصنيع الفرش والوِسادات.

 تستمر نساء ناحية راجو بالحفاظ على العادات التراثية التي توارثتها الأجيال منذ مئات وآلاف السنين، ومن هذه العادات جز الصوف وإعداده واستخدامه في تصنيع الفرش والوِسادات.

دأب المجتمع الكردستاني الريفي على الاعتماد على موارد الطبيعة في الحياة اليومية، وللمرأة النصيب الأكبر في هذه السلوك الاجتماعي حيث توارثت المرأة عبر الأجيال العديد من العادات والسلوكيات الاجتماعية، ومن هذه العادات عملية جزء الصوف ومن ثم إعداده والاستفادة منه في صناعة الفرش والوسائد. وتنتشر في المناطق الريفية عادة غسل الصوف على ضفاف الأنهار.

حيث يعمد مربو الماشية وخاصة مربو الأغنام في الأرياف إلى جز الصوف في نهاية فصل الربيع وبداية فصل الصيف وذلك لوقاية المواشي من الأمراض والفطريات التي تنمو في أصوافهم ولاسيما في فصل الصيف. وتستفيد النساء من هذه الأصواف بعد غسله وإعداده.

و يتم غسل الأصواف على ضفاف الأنهار، ومن هذه الأنهار التي تكون عادة مقصداً للنساء لغسل الصوف هو نهر بطمان القريب من قرية سوركه التابعة لناحية راجو بمقاطعة عفرين والمتاخمة للحدود التركية، حيث تلجأ النسوة إلى هذا النهر لغسل الصوف من خلال وضع  الصوف في الماء لمدة نصف ساعة حتى يتبلل الصوف بشكل كامل ويصبح ليناً بشكل كافي ليتم بعدها إزالة المواد العالقة في الصوف مثل النباتات، وبعض بقايا الفضلات أو الحشرات، ومن ثم يوضع الصوف على صخرة في الماء بإضافة القليل من المواد المنظفة والبدء بضرب الصوف بصخرة ثقيلة أو قطعة من الخشب الثقيل وذلك لتنظيف الصوف من الغبار وبقايا الأوساخ.

وبعد التأكد من أن الصوف أصبح نظيفاً بشكل كامل تقوم النساء برفع الصوف من على الصخرة ووضعها في الماء مرة أخرى للتخلص من المواد المنظفة لأن بقائها فيه سيكسبه الصلابة بعد الجفاف.

ومن ثم يتم إخراج الصوف من الماء وتعريضه لأشعة الشمس لمدة يومين أو ثلاث وذلك لتجفيف الصوف وكما أن أشعة شمس تقتل البكتيريا والجراثيم، وبعد مرحلة التجفيف الكامل من الماء، تقمن النساء بعدها بمرحلة قبل الأخيرة وهي بفرط وفك الصوف عن بعضه ليصبح طرياً وناعماً ويتم بعدها صناعة الفرش والوِسادات بحسب الحاجة المرغوبة.

المواطنة وسيلة حبش من قرية كاوندا التابعة لناحية راجو 48 عاماً تحدثت عن عملية غسل الصوف قائلة “عندما كنت في الـ 14 من عمري كانت أمي تلجأ إلى ضفاف الأنهار لغسل صوف المواشي وذلك بعد جزها للاستفادة منه فيما بعد في صناعة الفرش والوِسادات للعائلة وكانت تصنع أيضاً اللحف وتقوم ببيعها أي أنه كان مصدر دخل للعائلة، حيث أن أبي كان يرعى المواشي وأمي كانت تلجأ إلى الطبيعة لإنتاج الصناعات والاستفادة منها لفائدة العائلة “.

وأضافت حبش “كنت أرافق أمي في جز أصواف المواشي وغسل الأصواف في الأنهار والينابيع حتى بدأت أتقن هذا العمل مثل أمي، وها أنا الآن أتذكر كل ما كانت تفعله أمي بكل إتقان، كما أنني سعيدة جداً لأنني مازلت وسأظل محافظة على تراثنا وعاداتنا، وهذا شرفٌ لي وافتخر به ومازال هناك العديد من النساء تمارسن هذا العمل”.

...