عقد مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية ندوة علمية حول الدور الاجتماعي للمرأة في المنطقة وقت الأزمات، والتي ضمنت كوكبة من المتحدثات من مختلف دول المنطقة التي تعاني من أزمات وحروب ليتحدثن عن معاناة النساء في بلادهن والتجارب اللاتي قمن بها لتخطي تلك الصعاب، وذلك في مقر أنشطة المركز في المنتدى الثقافي المصري في حي جاردن سيتي وسط العاصمة المصرية القاهرة.
وأدارت الندوة أسماء الحسيني نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام الندوة، والتي استهلت حديثها قائلة: "إن المرأة في كل مكان هي التي تتحمل تبعات المتغيرات العاصفة التي تشهدها دولنا،ومنطقتنا والعالم كله من ثورات وحروب وانقلابات".
وأضافت، أن المرأة تتحمل تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، كما تكبدت المرأة في منطقتنا أثمان باهظة نتيجة سوء الإدارة والحكم غير الرشيد، والتهميش.
دور المرأة في الأزمات والحروب
وانتقلت الكلمة إلى ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر التي جاءت كلماتها بعنوان "دور المرأة في الأزمات والحروب"، مبينة أنه عندما نتحدث عن الاضطهاد الذي تتعرض له النساء أثناء الحروب والازمات، ولعل ما نشاهده من احصائيات ضخمة منذ 2011 في مختلف مناطق الأزمات تبدو الأرقام مخيفة ومرعبة، ولكنها تبقى مجرد أرقام في عالم السياسة والمصالح تديرها الذهنية الذكورية، والتاريخ يكرر نفسه في كل مرة، متسائلة عن العلاقة الديالكتيكية ما بين الحروب والصراعات التي عمادها نساء منتهكات ومضطهدات.
وأضافت، أنه غالبا ما يتم لنا تصوير النساء على أنهن ضحايا الحروب والصراعات. لو تمعنا في ذلك لوجدنا ثمة علاقة ديالكتيكية في تلك المعادلة لكونهم يجدون في المرأة ضالتهم "الأداة الأكثر استراتيجية في تمرير سياساتهم وأجنداتهم"، وجميع الأزمات والثورات عبر التاريخ تكرر نفسها في هذا المنحى ربما يعود ذلك إلى سببين رئيسين هما الذهنية الذكورية ومقاومتها الشرسة للحفاظ على صلاحياتها وسلطاتها القائمة على استعباد واستبعاد المرأة، والثاني يتعلق بالمرأة نفسها. حيث أنها لم تستطع معالجة قضاياها من جذورها بالطرق والأدوات الصحيحة والتغلب على القيود المفروضة عليها.
وأشارت "ليلى موسى"، إلى أنه ما تتعرض له النساء في الوقت الراهن ما هو إلا نتيجة تراكم سياسات وممارسات لقرون من الزمن وليست وليدة الوقت الراهن. إنما في كل مرة تتكرر بأشكال وأساليب وصيغ جديدة ضمن سياقات مختلفة، ولذلك يخشون من المشاركة الفعالة والحقيقية للمرأة في تبوأ دورها القيادي والريادي داخل مجتمعاتها، لذا نشاهد هنا بالرغم من الدعوات المتكررة لحرية المرأة وتحررها وضرورة مشاركتها في العملية السياسية والتفاوضية على أن تكون بنسبة الكوتا، شريطة ألا تتعدى مشاركتها إطارها الشكلية وعامل مساهم في تمرير السياسات المرسومة التي لم ترسم في الأساس برغبتها وإرادتها.
ولفتت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية إلى أنهم يخشون التغيير الايجابي (مشاركة المرأة) الذي يحقق تقدم واستقرار وازدهار والعدالة الاجتماعية، ويجدون في المرأة أداة في حروبهم سواء بتغيير ديمغرافية السكان عبر الاغتصاب والحمل الإجباري والسبي، أو القتل والتهجير والنزوح، أو كما فعلت التنظيمات الإرهابية مثل داعش حضانة لمد التنظيم الإرهابي بأجيال جديدة.
وأوضحت، أن النساء أمام فرصة ذهبية ومرحلة تاريخية مفصلية من تاريخ البشرية أما تستفيد من حالة الفوضى وقلبها إلى عصر المرأة القائدة والمنظمة، أو تستسلم لمئوية جديدة عمادها المرأة العبدة لكنها بلبوس عصراني ومكسوة بقشور الديمقراطية والتحضر وملتحفة جراح متقيحة تنخر وتنزف باستمرار.
وتطرقت ممثلة "مسد" في القاهرة إلى مجموعة من الركائز الأساسية التي لا غنى عنها للوصول إلى تلك الغاية، وهي الوعي بالذات والموضوع، عبر الوعي بالذات بحقيقة وجوهر المرأة بعد رحلة اغتراب على مدار عقود من الزمن، والوعي بالمجتمع والسياسات والاستراتيجيات المفروضة على المجتمعات، والتنمية المستدامة والتمكين والتأهيل والحوكمة الرشيدة على أسس علمية صحيحة.
وقالت ليلى موسى، إن ما يحاك على المنطقة من رسم خرائط واستراتيجيات قائمة على المذهبية والطائفية والعرق والمعتقد عمادها ثقافة الكراهية والعنصرية ورفض الأخر تكوي بنارها النساء، وحدهن النساء بحكمتها وقوة إرادتها تستطيع صون وحماية النسيج المجتمعي وإبقائه متماسكاً، جامعة بين هويتها الأنثوية وهويتها الوطنية متجاوزة العرق والقومية والمذهبية ونشر فلسفة المحبة والتآخي، مشددة على الاستفادة من الفرص المتاحة من نسب الكوتا والمشاركة في المنصات الخاصة بإدارة الأزمات بحيث تأسس لقوة نسوية منظمة وقطع الطريق أمام جميع المحاولات التي تسعى إلى تشتيت النساء بين الفرق والمجموعات واستغلالها في العمليات الانتخابية والتصويت، وهناك تجارب نسوية ناجحة مثل تجربة المرأة في شمال وشرق سوريا.
واقترحت السياسية الكردية مجموعة من التوصيات، مثل عقد فعاليات وورش عمل حول مسائل الحوكمة والتمكين والتأهيل في مختلف المجالات، وعقد ورش حول التجارب النضالية للنساء في مناطق الصراع والأزمات، وتأسيس تحالف نساء شرق أوسط وأفريقيا للبت في قضايا المرأة وسبل معالجتها وأيضا تهتم بمسائل التدريب والتمكين، والقيام بحملات توعية لضرورة الحفاظ على النسيج المجتمعي وصونه في مواجهة ثقافة الكراهية والعنصرية، والقيام بحملات توعية نساء بقضاياها،وحملات توعية في مواجهة المفاهيم التي تحط من شأن المرأة، واعادة مفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس حياة الندية التشاركية.
المرأة في سوريا
ونقلت "أسماء الحسيني" الكلمة إلى فدوي فراس، مديرة المتحف الإسلامي في سوريا سابقآ، والتي أوضحت في كلمتها أن المرأة في سوريا عانت من الضغط الاقتصادي والتهجير، حيث حصد القتال المطول في سوريا حياة عدد لا يحصى من الأنواع، وشرد ملايين داخل البلاد وخارجها، وانهيار اقتصادي طال البنى التحتية، والقوى العاملة، ووسط هذا الفراغ برز ويبرز دور المرأة السورية، نشاركهم بها لنؤكد لذواتنا أننا قادرات على أفعال تحقق تراكما، وتصبو إلى تحولات نوعية في مجري الحرب الجارية في استمراريتها وتوقفها على حد سواء، هذا وان النساء يظهرن نقطتين مهمتين من نقاط القوة، أولها القدرة على بناء العلاقات، وثانيها معرفة عن النساء واغراضها، ونحن سيدات التفاصيل.
وضربت "فدوى فراس" مثالا على منطقة الزبداني جاء في وقت مبكر من الحرب في منطقة الزبداني، وهي مصيف شهير في سوريا، كان يرتاده الفنان عبد الوهاب، وتتبع للعاصمة دمشق، وعندما سيطرت على المنطقة قوى المعارضة جاءت قوى النظام وحاصرتها، وطالبت استسلام المقاتلين وتسليم الأسلحة، وهذا يعني أن النساء الوحيدات المسوح لهن بحرية الحركة عبر خطوط التماس بين دمشق والزبداني، فسرعان ما انخرطت النساء في الزبداني في دور جديد، خارج أدوارهن المعهودة التقليدية المنزلية، واجتمعن وقمن بعملية وساطة مع المحاصرين من أجل إنهاء الحصار، وصولا إلى وقف محتمل لإطلاق النار، ورغم من انهيار قرار وقف إطلاق النار إلا أن نساء الزبداني كن قادرات على ضمان حماية المدنيين واجلائهم.
كما اوردت المديرة السابقة لمتحف الفن الإسلامي في سوريا مثال اخر، حدث بعد عدة سنوات من اندلاع الصراع لاحظت منظمة مبادرون وهي منظمة مجتمع مدني، تقودها نساء في دمشق، ارتفاع العنف تجاه النازحين من العاصمة إلى ريف دمشق. عندها شكلت منظمة مبادرون لجان محلية، من قادة المجتمع المحلي وأعضاء آخرين، كالمعلمين والمعلمات ونشطاء المجتمع المدني، بل حتى أنشأت مساحات موازية فيها الناس يجتمعوا ويتناقشون حول القضايا التي تؤثر على حياتهم.
وأشارت "فدوى فراس" إلى أنه بعد فترة وسعت هذه المنظمة نشاطها لتشمل مدينة طرطوس والتي تقع على الساحل السوري ، ونجحت في إزالة المشكلات بين المجتمع المصيف. وما بين النازحين، ولا سيما أن النازحين يأتون من أماكن المعارضة، والمجتمع المضيف محسوب على مناطق النظام، مما ولد حالة تخوف بين الجانبين، توزعت المرأة السورية مع توزيع قوى الصراع العسكري والسياسي في سوريا.
ووضعت المديرة السابقة للمتحف الإسلامي في سوريا، عدة توصيات من اجل الهدف الملح لمواجهة تداعيات الحروب والصراعات، توفير إطار الحل السياسي المطلوب، التمكين الاقتصادي للمراة، وأهمية وعي التمكين، بالإضافة إلى التمكين التعليمي. لأن التعليم أساس للتقدم في كل المجتمعات، وحاليا نرى غزة وسط الركام مخيمات يتعلمون، أهمية التعليم لا أحد ينكر ذلك، التركيز على التسويات والمبادرات المحلية، لها دور كبير وشأنها تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة ، ونشر ثقافة المحبة وإبعاد ثقافة الكراهية، لا يخفي وجود نوعان من المجتمعات في بلادنا، وهو المجتمع التراحمي التي تتمكن فيه النساء من القيام بدورهن في هذا المجتمع بنجاح، لأنهن تشاركيات وعاطفيات، وعلاقات المجتمعات التراحمية غير معقدة في إمكان الجميع أن يشارك بها.
المرأة والأزمة السودانية
وانتقلت الكلمة إلى سعدية عيسى رئيسة جمعية أسرتنا لذوي الإعاقة والناشطة السودانية، والتي ذكرت أنه أينما تكون هناك عدالة يكون هناك استقرار، مبينة أنه لا يأتي تحقيق العدالة والمساواة إلا عبر الدساتير والقوانين وحقوق الإنسان وعبر التشريعات الملزمة لتطبيقها وإنزالها على أرض الواقع للحصول على الاستقرار المنشود، وتحقيق العدل والمساواة والتسامح والتعاون فيما بيننا والتعايش السلمي والسلام الاجتماعي هو الذي يعزز الاستقرار ويخفف حدة التوتر والصراعات.
وطالبت الناشطة السودانية في كلمتها، بإيقاف الحرب وفتح الطرق الإنسانية في البداية لتخفيف حدة المعاناة الإنسانية في السودان، خاصة وأنه توجد مناطق على شفا المجاعة ومناطق انتشرت فيها الأمراض والاوبئة مثل وباء الكوليرا، ووقف الاعتداءات الجسدية والنفسية على المراة، مبينة أن كثير من النازحات تحولن إلى لاجئات في دول الجوار، وكثير من النساء نزحن من مكان إلى مكان.
وأبرزت "سعدية موسى" دور المرأة السودانية مشيرة إلى أن أول برلمانية عربية كانت سودانية، وهي فاطمة احمد إبراهيم التي أصبحت أول إمرأة تنتخب عضوا برلمان في الشرق الأوسط عام 1965، وفاطمة عبد المحمود من أول وزيرة سودانية وأول زعيمة للاتحاد الديمقراطي الاشتراكي وأول حاكمة ولاية سودانية، كما ساهمت المرأة السودانية خلال الحرب الحالية في تخفيف المعاناة عبر لجان الطوارئ والتكايا والمطابخ الجماعية.
النساء في اليمن
"ينشأ عادة من رحم المعاناة القوة والثبات والصمود" بتلك الكلمات وصفت فريدة أحمد المديرة التنفيذية لمركز سوث24 للأخبار والدراسات معاناة المرأة في اليمن، مبينة أنه سببت الحرب منذ انقلاب الحوثيين على الدولة في 2014 حتى اليوم، واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فحتى العام 2023، يحتاج 21 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ألحقت الحرب دماراً شبه كلي بالبنى التحتية الرئيسة، وتسببت في انقطاع رواتب موظفي القطاع الحكومي وتدهور الاقتصاد وقيمة العملة المحلية مقابل الدولار وغيره، مما أثر على وضع المرأة من الجانبين، لكنه بصورة مضاعفة بمناطق سيطرة الحوثيين، بسبب الانتهاكات والجرائم التي تتعرض لها المرأة يومياً.
وأضافت، أنه قد وصفت الأمم المتحدة في أحد تقاريرها عام 2017، أن اليمن أسوأ مكان في العالم بالنسبة للنساء، بسبب التهديدات الواقعة عليها جراء الحرب والعنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث أحدثت هذه الحرب تغييرات جذرية في الدور الاجتماعي للمرأة نتيجة توسع العمل أمام النساء في مجالات غير معتادة، بما في ذلك قطاعات لم يشغلنها من قبل مثل قطاع الصناعة والخدمات والتجارة المحلية وغيره، مع التزايد الكبير في عدد أرامل قتلى الحرب وأعداد النازحين الذي بلغ 3 ملايين نازح في 2023.
وأشارت "فريدة أحمد" إلى أن النساء خاضت تجارب عديدة، فهناك من يتعرضن للقتل، الإصابة، الاعتقال القسري والتعذيب، مصاعب النزوح، إلى جانب التهديد الأمني والأسري، والتهديد عبر الخطاب الديني الموجه لتقويض نشاطهن، حيث يعتقد الكثيرين أن "البرامج القادمة من الخارج (اي التي تحظى بدعم أو تمويل دولي) تأتي لتحويل المجتمع من مجتمع محافظ الى مجتمع فاسد"، و"منابر المساجد للأسف لا تتوقف" عن انتقاد المدافعات عن حقوق المرأة، وتقييد حركة المرأة ومشاركتها في المجال العام، أبرزها منع سفر النساء دون مرافقة ولي الأمر.
وبسبب تطور مستوى الصراع، برز دور الجماعات الدينية المتطرفة بشّكل كبير، سواء الحوثيين المدعومين من إيران، أو المنتمية للإخوان المسلمين والسلفيين، والتنظيمات الجهادية (القاعدة وداعش وظهرت مدارس التعصب الديني المتشدد وانتشرت جماعات العنف في عدد من المحافظات اليمنية.
استطاعت المرأة اليمنية أن يكون لها دور فعال كعاملة في المجال الإنساني، كمقاتلة، كأم كإبنة كناجية كناشطة كقائدة مجتمع لها دور كبير في تحقيق السلم الاجتماعي، معددة الدور الإيجابي للمرأة ، حيث لعبن أدواراً كمحكمات ومصلحات، خاصة وأن دور الوساطة والتحكيم القبلي كان طاغياً أثناء الحرب لتعطّل المؤسسات التشريعية، ونجاعته أسرع بكثير من الأحكام القضائية، خاصة كبيرات السن في العائلة بقضايا مثل الإرث أو الحضانة أو العنف الأسري، وأدت النساء دوراً محورياً في التفاوض وعقد هدنة بين مجتمعهم المحلي والجماعات المسلحة ونجحن في دفع تلك الجماعات بعيدا عن المناطق السكنية وفق حالات تم توثيقها بالفعل.
ولفتت الناشطة اليمنية، إلى أنه رغم ذلك غاب تمثيل المرأة اليمنية بشكل شبه كُلي في هياكل الحكومة، وللمرة الأولى للأسف منذ أكثر من عشرين عاماً تخلو الحكومة اليمنية من النساء، 24 وزيراً ولا توجد امراة واحدة، هذه تعتبر نكسة كبيرة بالنسبة للنساء اليمنيات ووضعهن، بجانب رعاية أفراد أسرتها وتوفير الدعم العاطفي والنفسي لهم في أوقات الشدة، والحفاظ على تماسكها ووحدتها.
ووضعت "فريدة أحمد" عدد من التوصيات أبرزها، أهمية إجراء دراسات أبحاث كمية ونوعية تهدف إلى رصد أوضاع المرأة اليمنية ومعرفة احتياجاتها، ومضاعفة الجهود لدعم النساء ومساندتهن وخاصة النساء اللاتي تعرضن للعنف بكل أشكاله وأنواعه، ووضع خطط وطنية لتنفيذ القرار 1325، حول المرأة والسلام والأمن، ومشاركة المرأة في عمليات صنع القرار ودمج النوع الاجتماعي في التدريب وحفظ السلم، وتنسيق الجهود بين المجتمع المدني والحكومة المعترف بها في إطار التفاوض وجهود عملية السلام، وان يكون الحديث عن دور المرأة قبل صناعة السلام وليس بعده، من خلال إلزام جميع الأطراف السياسية بمشاركة النساء.
وأختتمت الناشط اليمنية توصياتها بوضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، ُتبنى عليها تجارب عمل إقليمية ودولية سابقة، ويمكن أن تتعاون الدول في هذا الإطار وتتشارك في نفس التهديدات.
المرأة الأرترية
وأختتمت الكلمات الناشطة الأرترية صابرين أحمد في كلمة معنونة بعنوان النساء قائدات ورائدات السلام ودورهن في الحفاظ على النسيج المجتمعي، أنه في عالم متقلب تزداد فيه التحديات يظهر بوضوح الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في تحقيق الاستقرار المجتمعي، لأن النساء، منذ الأزل، كنّ الركيزة الأساسية للمجتمعات، يقمن ببناء جسور التواصل، وحل النزاعات.
وجاء المحور الأول حول المرأة وعلاقتها بالسلام والاستقرار الاجتماعي، وأشارت فيه إلى إن الدور التقليدي الذي تلعبه المرأة داخل الأسرة يضعها في قلب النظام الاجتماعي، فهي تمتلك تأثيرا عميقا على تكوين القيم والمبادئ الأساسية للأجيال الصاعدة عبر مفاهيم التسامح، التعاون، ونبذ العنف، والسلام يبدأ من الأسرة، ودورهن في حل النزاعات على المستوى الأسري والمجتمعي في المجتمعات التي تشهد نزاعات أو توترات، حيث تكون النساء قادرات على بناء جسور التواصل والمصالحة.
بينما جاء المحور الثاني حول تمكين المرأة كوسيلة لتحقيق الاستقرار، مبينة أن المرأة التي تتمتع بفرص متساوية في التعليم والعمل تكون أكثر قدرة على تقديم الدعم لأسرها والتصدي للتحديات التي تواجه مجتمعاتهن، وتقليل الفقر وتحقيق استقرار مالي للعائلات، وضربت أمثلة بالمبادرات التي تعمل على تمكين اللاجئات في الدول المضيفة، مثل فاطمة سليمان في مصر.
بينما ناقش المحور الثالث القيادة النسائية في بناء السلام وحل النزاعات، مشيرة إلى أن إشراك النساء في عمليات السلام والمصالحة يؤدي لنتائج أكثر ديمومة، لأن النساء القائدات يمتلكن رؤية شمولية لحل النزاعات، مع التركيز على الجوانب الإنسانية والاجتماعية التي قد يتم تجاهلها في العمليات التي يسيطر عليها الرجال، على سبيل المثال، في بعض المجتمعات التي شهدت نزاعات مطولة، لعبت النساء أدوارا رئيسية في إعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة وتقديم مبادرات تركز على المصالحة والتسامح.
وتحدث المحور الرابع عن التحديات والمعيقات التي تواجه النساء في الحفاظ على النسيج المجتمعي، مثل القيود الثقافية والاجتماعية التي تحد من مشاركة النساء، ومجتمعات كثيرة تحرم النساء من الفرص الكاملة للمشاركة بصنع القرار السياسي أو الاقتصادي، وهناك تحديات متعلقة بالصور النمطية التي تقلل من شأن النساء وتعتبر أنهن غير مؤهلات لأدوار القيادة وصنع القرار.
وشددت الناشطة الإرترية، على أن النساء قائدات بالفطرة، وريادتهن في بناء السلام والنسيج الاجتماعي تمثل حجر الزاوية لأي جهد يهدف إلى تحقيق الاستقرار المستدام، ويجب أن نحتضن هذا الدور ودعم النساء لبناء عالم يسوده السلام والتفاهم.
وأوردت "صابرين أحمد" عدد من الأمثلة النسوية القائدة مثل ليما غبوي كرمز قوي للمقاومة السلمية ليبيريا خلال الحرب الأهلية، ووانغاري ماثاي كانت الناشطة البيئية الكينية التي أسست حركة الحزام الأخضر، ونادية مراد، التي نجت من فظائع تنظيم داعش والتي حولت معاناتها الشخصية إلى حافز لمناصرة حقوق النساء الإيزيديات و الناجيات من العنف الجنسي، و الليبيرية إلين جونسون سيرليف، أول امرأة تتولى رئاسة دولة إفريقية، وفاطمة سليمان، وهي نموذج من المجتمع الإريتري اللاجئ، تعمل على تمكين النساء اللاجئات في مصر.
مشقات المرأة خارج الوطن
بينما قال أ.د. مدحت حماد رئيس مركز الفارابي للدراسات السياسية والتنموية، قائلاً إن كثير من النساء السوريات والعراقيات والليبيات واليمنيات خرجن من الوطن وفرض عليها دور مركب، لأن معظمهن خرجن من ديارهن بأسر بدون رجل، وأصبح دورهم كبير في تربية الأطفال والصحة والتعليم والتربية والتنشئة وربطهم بالأوطان، وكل هذا يقع على عاتق المرأة وأحيانا تكابد الأمرين في توفير المال، من أجل ضمان نفقات الحياة.
وأضاف، أن الدور الاجتماعي للمرأة له أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، لأنها عندما تتمكن من الحفاظ على الأسرة وقيمها، فأنها تكون قد ساهمت في الحفاظ على هذا الوطن من اي اختراقات أمنية، وإذا نجحت المرأة من أن تقوم بتربية أبناءها وأسرتها فإنها تكون قد تمكنت من تنشئة جيل، تساعده في تجاوز الأزمة والغربة، وان لا تحدث لديه عقد نفسية، وهي التي قد يجد نفسه داخلها نتيجة صراع هو لم يختاره. ولم يقوم بعمل استفتاء ندخل الصراع ام لا ندخله.
وأشار الحداد إلى أن كل الرجال والنساء يكونون غير مرتبطين بالصراعات السياسية، ولكن يجدون أنفسهم وقودا لها لهذه الصراعات السياسية التي يمارسها الحكام بامتياز، وعلى كل حاكم أن يخرج بلده من أتون هذه الصراعات.