فيان .. ابتسامة ونضال يبقى في الذاكرة

فيان .. ابتسامة ونضال يبقى في الذاكرة

كوباني – تميزت بالنضال وعشق الوطن، استطاعت الوصول لقلب كل شخص رءاها وأن تدب فيه روح المحبة والمقاومة والكفاح، لم تعرف يوماً الكلل والملل، ابتسامتها وعدم استسلامها للظروف جعلتها قدوة لطلبتها في مؤسسة اللغة الكردية بمنطقة كوباني.

أرادت المعلمة فيان كوباني التي فقدت حياتها في هجمات المجموعات المرتزقة التابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام/جبهة النصرة على قرى غرب تل ابيض في 27 تموز الماضي. ارادت لكل شخص أن يتعلم ما لا يعلمه وما هو غريب عنه في الحياة وأن يكتسب المعارف، ويضع هدفاً أمامه، متخذاً التفاؤل سلاحاً له في طريق النجاح والاجتهاد.

واستطاعت فيان بعلمها واجتهادها أن تزرع أشجاراً وحدائق خلابة في كوباني، من ثمارها تأسيس اتحاد المعلمين في مدينة كوباني الذي أشرفت عليه وعلى أعماله وخاصة في فترة الامتحانات، حيث سهرت الليالي على ضبط سير الامتحانات وإصلاح المشاكل التي كانت تحدث في سبيل إنجاح العملية التربوية.

ومن أعمالها أيضاً افتتاح مدارس اللغة الكردية في قرى مدينة كوباني التي أرادت بها أن يتعلم الجميع لغتهم الأم، التاريخ والثقافة الكردية حتى قبل استشهادها بساعات عندما توجهت إلى جبهة القتال أوصت رفاقها أن يتابعوا الامتحانات ويقاوموا الظروف التي تمر بها قرى مدينة كوباني من حصار وهجمات للمجموعات المرتزقة التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام/جبهة النصرة.

حبها للوطن وكرامة الشعب الكردي هو الذي قادها إلى الهرع للدفاع عن تاريخه وأرضه، وبحماسة نضالها وروحها القتالية  استطاعت أن تحمي رفاقها في ساحة الحرب وتكسر بذلك إرادة تلك المجموعات المرتزقة وتقدمهم. إلى أن بذلت روحها فداءً لتراب الوطن في 27 تموز 2013 في مدينة تل أبيض إثر الاشتباكات التي حصلت بين وحدات حماية الشعب ومرتزقة دولة الإسلام في الشام والعراق/جبهة النصرة.

فيان المعلمة والمقاتلة باقية في ذاكرة كل طلابها إلى الأمهات والأطفال ومن لم يعرفها شخصياً. لكن أكثر من عرفها وصادقها هم طلابها وزملائها في مؤسسة اللغة الكردية، أولهم المعلم مسلم نبو والذي عبر عن دور فيان في حياتهم قائلاً "الشهيدة فيان لم تكن فقط  معلمة بل كانت الصديقة المميزة  بين رفاقها والمجدة بعملها وكانت تريد أن تخلق حياة جديدة وأن تجعل روح الصداقة والصدق عنوانها. اتصفت بصفات مميزة مثل التواضع  ومراعاة شعور الآخرين، حيث كانت تنصحه وتحثه على التمسك والثقة بنفسه وبشخصيته".

وأضاف نبو "تعرفت على الشهيدة فيان منذ سنة حيث كانت متابعة للثقافة العامة، سينما، المسرح، الفن، مطالعة الكتب والروايات. فهي أرادت أن تكتسب وتتعلم كل ما هو مفيد وكانت تقول أن كل الأشياء لا تتوقف على قراءة الكتب إنما الحقيقة تكمن في تطبيقه على أرض الواقع وضرورة تطبيق مبدأ النقد والنقد الذاتي الذي هو طريق النجاح وإثبات شخصية الإنسان في الحياة".

وأختتم نبو حديثه عن المناضلة فيان قائلاً "إن الرفيقة فيان حية ولم تمت، فهي تعيش في ذاكرتنا وفي قلوبنا، لا تفارقنا في أي لحظة فهي في كل زاوية من زوايا المؤسسة".

أما مصطفى أوصمان معلم اللغة الكردية وزميل فيان ومن أحد طلابها تحدث عنها بالقول "الشهيدة فيان كانت تتسم بروح الطفولة البريئة وتحب الأطفال إلى أبعد الحدود لدرجة كانت عيناها تدمعان بالفرح عندما ترى أي طفل في الشارع, تمتعت فيان بشخصية تدفع أي شخص إلى محبتها وبأسلوبها الخاص وكانت تستطيع بنظراتها الثاقبة تحليل شخصية أي إنسان وأن تتعرف عليه من أول مرة".

وأضاف أوصمان "عرفت فيان بحبها للتعاون والتدخل في كل المشاكل صغيرة كانت أم كبيرة من أجل وضع الحلول المناسبة  لها. وقفت ضد العادات والتقاليد السلبية والبالية في مجتمع كوباني وكانت تحث على التغيير دائماً, وهدفها الأساسي حل المشاكل بطريقة سلمية".

أما جيهان حسن عضو مؤسسة اللغة الكردية وطالبة فيان، تحدثت هي بدورها عن تأثير شهادة فيان عليها قائلة "عندما كنت طالبة لدى الشهيدة فيان لاحظت أنها كانت تهتم كثيراً بقضايا المرأة ولم تكن تحب السلبيات في شخصية المرأة ألا وهو الضعف وصمتها عن حقوقها وعدم الدفاع عن نفسها. فهي أرادت أن تمتلك المرأة إرادة قوية للدفاع عن شخصيتها مهما كانت المواقف وكان الشخص سواء عن طريق الكلام أو الدفاع الذاتي".

وعدنان حسن عضو مؤسسة اللغة الكردية نوه بدوره كمعلم وطالب وصديق لـ فيان قائلاً "عندما التقيت لأول مرة بالشهيدة فيان في مركز اللغة الكردية رأيت فيها روح النضال وروح الشخص المحب للعمل والمثابرة. ومن بين الصفات التي أحببتها في شخصية فيان هو قيامها  بأعمال أكثر من طاقتها وعدم تراجعها واستسلامها عن ذلك. حيث عملت على التحكم بالأشياء بالعقل والمنطق واستطاعت بأسلوبها المتميز أن تمحي فكر البعث الشوفيني الذي كان سائداً بين المعلمين ونظمتهم في المؤسسة ليعملوا في خدمة المجتمع".

آراس ولو عضو مؤسسة اللغة الكردية وأحد طلاب فيان تحدث عنها بالقول "كل معلم هو قدوة لتلاميذه والشهيدة فيان تركت بصمة من شخصيتها داخل كل تلامذتها ورفاقها, فيان كان لها أسلوب مميز ومحبة للوطن".

وأختتم ولو "صحيح أن فيان غادرتنا جسداً ولكن روحها حية في ذاكرتنا إلى الأبد وسنكمل درب النضال الذي سارت عليه".

عدوله شيخ محمد - خوناف عيسى