في هذا السياق، نشرت مجلة "ذي هيل" الأمريكية مقالاً تحليلياً مهماً حول مسار العلاقات بين واشنطن وأنقرة، وقد كتبه جوردان كوهين المحلل السياسي في معهد كاتو الأمريكي، وزميلاه جوناثان إليس ألين الباحث المشارك وناردين مسعد وهي أيضا باحثة مشاركة، وقد أكدوا أن النظام التركي "يقاتل بهدوء ضد أهداف سياسة الولايات المتحدة".
هذه أوجه الإشكاليات
ويقول التقرير إن تركيا على سبيل المثال اشترت نظام الدفاع الجوي S – 400الذي يهدد برنامج واشنطن لطائرات F – 35 الأمريكية، وكادت أن تقلب حلف شمال الأطلسي (الناتو) رأساً على عقب من خلال التهديد بغزو اليونان، وكادت أن تضرب القوات الأمريكية من قبل في سوريا، وأصبحت الملاذ الآمن لجماعة الإخوان التي طردت من مصر، وكانت بمثابة ذراع لتمويل حركة حماس الفلسطينية وكذلك روسيا.
والأهم من ذلك، وفق الباحثين، أن كل هذه الأمور سيئة بالفعل لأمن الولايات المتحدة، كما أن النظام التركي يقوم بتصرفات تغضب واشنطن مثل مساعدة روسيا على تجنب العقوبات التي تفرض عليها بسبب غزوها أوكرانيا، وبالتالي فأنقرة غالباً ما تتصرف بطرق مباشرة ضد المصالح الأمريكية، من خلال العمل كمركز تمويل رئيسي لحماس، إلى جانب الاعتداءات على سوريا.
وأعربوا عن استغرابهم بأنهم رغم كل ذلك تواصل الولايات المتحدة تعاونها الاقتصادي المكثف، وتقديم المساعدات الإنسانية، والموافقة على مبيعات الأسلحة والمساعدة الأمنية التي قدرت قيمتها بنحو 478 مليار دولار منذ تولى الرئيس الحالي جو بايدن منصبه.
أسباب قبول واشنطن تصرفات أنقرة
وحول أسباب قبول الولايات المتحدة تصرفات النظام التركي، يقول الباحثون إنه نظراً لأن صناع السياسة في الولايات المتحدة يركزون بشدة على الحفاظ على جميع التحالفات، وخاصة حلف شمال الأطلسي، فقد قبلت واشنطن تصرفات أنقرة، حتى تلك التي تتعارض بشكل مباشر مع المصالح الأمريكية.
وأضافوا أن تركيا تستخدم موقعها كحليف في حلف شمال الأطلسي ودولة في الشرق الأوسط لتلقي الأسلحة الأمريكية، مشيرين إلى أنه في نفس الوقت لا تزال أنقرة تعكف مرة أخرى على تقييم ما إذا كان ينبغي لها الموافقة على انضمام السويد إلى حلف الناتو أم لا، ومقابل موافقتها تريد الحصول على طائرات F-16 المتقدمة التي تنتجها الولايات المتحدة وطائرات بدون طيار من كندا.
ولفتوا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تستفيد فيها تركيا من عضويتها في تحالف أنظمة الأسلحة المتقدمة، فعندما كانت الدول الأعضاء في الناتو تصوت في عام 2023 للسماح لفنلندا بأن تصبح جزءاً من الحلف، كانت تركيا واحدة من الدول القليلة التي تفكر في عدم التصويت، وبمجرد أن صوتت بالموافقة، بدأت إدارة بايدن في النظر في بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 لتركيا.
ضعف الإدارة الأمريكية
في هذا السياق، يقول توم حرب مدير التحالف الأمريكي الشرق أوسطي الديمقراطي والقيادي بالحزب الجمهوري الأمريكي، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الإدارة الأمريكية الحالية تواجه حالة من الضعف، كما أن حلفائها في المنطقة يتلاشون تدريجياً كل حسب مصلحته، ومن هنا فإن "بايدن" يشعر أنه بحاجة إلى "أردوغان".
وأوضح "حرب" أن الإدارة الأمريكية ترى أنها بحاجة إلى تركيا في إطار المواجهة مع روسيا بسبب حرب أوكرانيا، وكذلك بحاجة إليه في مواجهة النفوذ الإيراني، مشيراً إلى أن النظام التركي يدرك هذا الأمر، ولهذا فإنه يفعل ما شاء خلال الفترة الماضية، منوهاً إلى الضربات التركية التي تطال مناطق شمال وشرق سوريا.