ولا يدلل على ذلك أكثر مما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساء السبت، من أن بلاده سلمت رسالة إلى إيران بشأن جماعة الحوثيين المتحالفة معها، قائلاً: "سلمنا الرسالة بشكل خاص، ونحن واثقون من أننا مستعدون جيداً"، ورغم أنه لم يوضح مزيداً بشأن تصريحه، إلا أن المقصود بلا شك ضرب مواقع الحوثيين.
واستهدفت أمريكا وحلفاؤها عشرات المواقع للحوثيين في 4 مدن يمنية مختلفة فجر الجمعة، قبل أن تعود وتقصف منفردة موقعاً آخر للرادار في قاعدة الدليمي العسكرية القريبة من مطار صنعاء، وكأن الجانب الأمريكي أراد القول إنه لا يأبه للتهديدات التي أطلقتها "أنصار الله" بعد هجمات الجمعة.
أهم رسائل أمريكا
في هذا السياق، يقول الدكتور محمد محسن أبوالنور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن الضربات الأمريكية – البريطانية التي طالت جماعة الحوثيين في اليمن تفهم أولاً على أنها رسالة من واشنطن للنظام الإيراني وأذرعه في المنطقة، بأن الولايات المتحدة مستعدة للرد في أي وقت على أي اعتداءات.
وأضاف، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن إيران تعلم جيداً أن استهداف مواقع الحوثيين رسالة أمريكية لها إذا كانت تفكر في الرد على الهجمات التي وقعت في كرمان قرب ضريح قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الراحل والتي راح ضحيتها نحو 100 شحص.
وأوضح "أبوالنور" أن طهران اتهمت إسرائيل علناً بأنها من تقف خلف ما حدث في كرمان، وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى أمر يتطلب أن يكون هناك رداً إيرانياً، وبالتالي فإنه إذا كان النظام الإيراني يفكر في الرد بأي هجمات فإن الضربات الأمريكية جاءت لجعلها تفكر جيداً قبل الإقدام على أي عملية انتقامية.
وقال الخبير في الشأن الإيراني إن الأمر الثاني الذي يفهم من تلك الضربات أن الولايات المتحدة لا تريد توسيع أنفاق المعركة، أي أنها لا تريد شغل إسرائيل بمعارك أخرى غير الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني وكذلك الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة.
ولفت إلى أن الأمر الثالث من تلك الضربات هو أن أمريكا تريد أن تقول إنها تقوم بما تقوم نيابة عن المجتمع الدولي، وذلك بعد أن اضطرت قرابة 2000 سفينة إلى تغيير مسارها من منطقة البحر الأحمر، والاتجاه نحو دولة جنوب أفريقيا أو طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب المخاطر، إلا أن ذلك يعني مزيداً من الوقت والتكلفة.
وتزعم جماعة الحوثيين أن ضرباتها التي تطال السفن في البحر الأحمر تهدف إلى دعم الشعب الفلسطيني، إلا أن واشنطن في المقابل تتهم طهران بالإيعاز إلى الميليشيات الحوثية بتلك الممارسات بحسب تصريحات لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن والذي أكد أن بلاده جاهزة للرد، في المقابل نفى الجانب الإيراني الاتهامات الموجهة له.
ضربات مهمة
بدوره، يقول أليكس بليتساس الخبير الأمريكي في شؤون الإرهاب ومنطقة الشرق الأوسط إن هذه الضربات كانت مهمة، لتعطيل جماعة الحوثيين التي تعمل كوكيلة لإيران في المنطقة من أجل تعطيل الملاحة الدولية، حيث تدعم إيران حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، ما يعني أن طهران تشعر بالألم الآن نتيجة الضربات التي طالت الميليشيات اليمنية.
وأضاف "بليتساس"، بحسب ما نقل موقع المجلس الأطلسي الأمريكي، أن هذه الضربات ضرورية لتعطيل وإضعاف القدرات العسكرية لأنصار الله لضرب إسرائيل وتعطيل الشحن التجاري، مؤكداً أنه ينبغي اتخاذ إجراءات إضافية لاستعادة الردع مع إيران، وقال كذلك إن التعامل مع الوكلاء فقط يشبه معالجة أعراض المرض فقط، بدلاً من معالجة المرض الأساسي.