لاعب نادي الجهاد يتحدث عن مجزرة 12 آذار

حسن جاجان يعمل في مجال العقارات في القامشلي في الوقت الحالي بعد أن أمضى 20 سنة في الملاعب. جاجان الذي كان لاعباً في صفوف فريق الجهاد أثناء مجزرة 12 آذار تحدّث عن الأحداث التي كان شاهداً عليها في ذلك اليوم.

نعيش اليوم الذكرى الـ14 لمجزرة قامشلو التي انطلقت بتاريخ 12 آذار من عام 2004 في شمال سوريا بين فريق الفتوة من دير الزور وفريق الجهاد الرياضي من قامشلو. وقد أسفرت "إبادة الكرد" التي بدأت بها الدولة السورية في ذلك الوقت عن طريق الاستفزاز بين فريقين أحدهما كردي وهو نادي الجهاد والآخر عربي وهو نادي الفتوة من دير الزور عن مقتل العشرات من المدنيين بالإضافة إلى إصابة العشرات الآخرين وممارسة التعذيب بحق أعداد أخرى.

في المباراة التي كان ينتظر أن يلعب فيها فريقا الجهاد والفتوة ضد بعضهما البعض في الملعب المسمى بملعب القامشلي في ذلك الوقت والمتواجد في الحي الغربي كل القرائن كانت تشير قبل بدء المباراة بأن الفتنة حضرت سلفاً لتتحول إلى حقيقة على أرض الواقع خطوة بخطوة. وكان الوضع السياسي في عام 2004 مناسباً لشن هجوم على الكرد فتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق أجج النعرات عند القوميين العرب ورفع من مشاعر الحقد تجاه الكرد واعتبر مناصرو صدام حسين وحزب البعث الكرد مسؤولين عن التدخل الأمريكي.  المباراة التي كان سيلعب فيها فريق من مدينة دير الزور التي تقع على حدود العراق والتي لها علاقات قوية مع حزب البعث كانت فرصة لا تعوض بالنسبة للقوميين العرب من أجل شن الهجوم على الكرد.

لكن الحسابات الخاطئة التي استهدفت أكراد روجآفا تسببت في انتفاضة الكرد لمدة عشرة أيام وجهزت الأرضية من أجل ثورة روجآفا التي تأخذ شكل الفدرالية الديمقراطية لشمال سوريا. لم يغادر شعب روجآفا في كوباني، عامودة، ديرك، سري كانية، عفرين ، حلب ودمشق الساحات لأيام عديدة مستنكراً مجزرة 12 آذار عن طريق الانتفاضات الشعبية. وفي أعقاب توجه النظام السوري والقومية العربية إلى قمع الانتفاضات عن طريق العنف فقد 30 كردياً حياته فيما أصيب المئات بجراح. كما أن موجة التعذيب في السجون والاعتقالات استمرت لمدة شهور. وليست هناك معلومات الآن حول العديد من الأشخاص الذين احتجزوا رغم مرور 14 عاماً على الأحداث.

الاستعداد للمجزرة جرى قبل يوم من الأحداث   

وقد أطلق مشجعو فريق الفتوة الذي أتوا من الحسكة ودير الزور بالباصات إلى القامشلي قبل يوم واحد شرارة الأحداث بتوجيه الإهانات إلى الكرد في سوق المدينة وبترديد الشعارات والهجوم على الدكاكين. ويفيد حسن جاجان الذي كان أحد لاعبي الجهاد في ذلك الوقت بأنهم أحسوا بالخطر المحدق ويقول:

"كنا على علم بأن أحداث ستحصل وعملنا جاهداً من أجل منعها لكننا لم ننجح."

فيما يقول أحد مشجعي نادي الجهاد، حمة عثمان، الذي ذهب في يوم 12 آذار إلى الملعب الذي يحمل اسم "ملعب شهداء 12 آذار" من أجل متابعة المباراة بأن الأمن فتشهم بشكل دقيق لكنه يضيف :

"سمحوا لمشجعي فريق الفتوة بالدخول إلى الملعب مع ما كانوا يحملونه من أحجار، هراوات وسكاكين قاطعة. حيث لم يفتشوهم."

تصاعدت حدة الأحداث يوماً بعد الآخر

حسن جاجان الذي يعمل الآن في القامشلي في مجال العقارات بعد 20 سنة قضاها في ملاعب كرة القدم يتحدث عن الأحداث التي عايشها أثناء مجزرة 12 آذار والتي كان خلالها لاعباً في صفوف نادي الجهاد إلى وكالتنا ANF.

حيث يفيد بأنهم تعرضوا لهجمات مماثلة قبل مباراة الفتوة أيضاً ويلخص الجو السائد في تلك الفترة بالشكل التالي:" كانت هناك مباراة لنا مع فريق أمية من إدلب. ووجهت إلينا إهانات في تلك المباراة أيضاً. كانوا يوجهون إهانات إلى الرموز الكردية. لكن في نهاية المباراة تدخلت قوات الأمن السورية وأوقفت الأحداث. كانوا يوجهون الإهانة إلينا في أية مباراة نذهب إليها. وكان التوتر يرتفع يوماً بعد الآخر."

التوتر الذي كان يرتفع يوماً بعد الآخر تحول إلى هجوم بتحضير المسؤولين عن أمن ملعب القامشلي الأرضية المناسبة لذلك. حسن جاجان أيضاً يؤيد أقوال المشجع حمة عثمان:

"دخل مشجعو الفتوة بالأحجار والهراوات إلى الملعب. وقد نزلنا إلى الملعب من أجل الإحماء. وتوجد هناك قاعدة تسري على ملاعب كرة القدم في كل مكان وهو أن المشجعون يأخذون أماكنهم في أماكن مختلفة على المدرجات. لكن مشجعي الفتوة دخلوا بين مشجعي فريقنا عنوة. كانت لديهم نوايا مبيتة. وقد هاجموا مشجعينا بالحجارة والهراوات ونحن لا نزال نجري حركات الإحماء. وحصل تدافع بينما كان يحاول مشجعو الجهاد الفرار."

الإعلان عن الأحداث في الإذاعة وانطلاق الهجمات

حسن جاجان الذي يشير إلى تفاصيل خلال أقواله يعزز من فكرة تحضير خطة المجزرة بشكل مسبق:

"كانت المباريات تذاع على المحطات الإذاعية في ذلك الوقت. حيث كان هناك برنامج باسم ملاعبنا الخضراء والذي كان يلقى رواجاً كبيراً. وقد أذاع ذلك البرنامج خبر مقتل طفلين أثناء الأحداث التي حصلت في قامشلو خلال المباراة. وعلى وقع الخبر انهمر جميع الأهالي إلى الملعب وبدأوا بالبحث عن أقربائهم وأطفالهم. فيما أوقف الحكم المباراة. نحن ذهبنا إلى غرفة تبديل الملابس وانتظرنا لمدة ساعتين من أجل البدء بالمباراة مرة أخرى. حيث كان الشعب مجتمعاً حول الملعب. وبدأت الأحداث بعد ذلك. فقدنا أول شهدائنا في ذلك الوقت. كنا على علم بأن أحداثاً ستحصل قبل بدء المباراة وحاولنا إيقافها لكننا لم نتمكن من ذلك. وكان بمقدور قوى الأمن أن توقف الأحداث فيما لو أرادت لكنهم اكتفوا بموقف المتفرج. وكانوا يريدون أن تكبر الأحداث."

الأمر بإطلاق النار صدر عن محافظ الحسكة

الأحداث التي قال عنها جاجان بأن النظام السوري كان "يريد لها أن تكبر" جرت كما خطط لها الشرطة والاستخبارات السورية. مشجعو نادي الفتوة الذين جاؤوا من دير الزور والحسكة هاجموا بدعم من المجموعات المتعصبة العربية الأهالي الذين تجمعوا حول الملعب المحاصر من قبل الشرطة والاستخبارات السورية . وهذا الأمر أخرج الأحداث من كونها "شجاراً بين المشجعين" إلى اشتباكات بين الكرد والدولة. ومع استمرار الانتفاضات في كافة أرجاء المدينة أمر محافظ الحسكة الذي جاء إلى القامشلي في صباح يوم 13 آذار قوات الأمن بإطلاق النار على الأهالي.

الجواب على حظر التجول: الانتفاضة

الدولة السورية التي أعلنت حظر التجوال في اليوم الثاني من الأحداث أنزل الجيش إلى الشارع. القوات التي جاءت من الرقة ودير الزور ومن غيرها من المحافظات كقوات تعزيز هاجمت الشعب الذي كان يذهب إلى مراسيم العزاء التي نظمت في مسجد القامشلي المتواجد في الحي الغربي . هذه الهجمات التي أثرت على الشعب الكردي كثيراً أدت إلى تمدد الانتفاضات إلى سري كانيه، عامودة، كوباني، عفرين، ديرك، الحسكة، دمشق وحلب الأمر الذي هز الدولة السورية لمدة عشرة أيام. وفي العديد من الأماكن سيطر الشعب على المؤسسات الحكومية.

هجمات 12 آذار التي خطط لها من أجل قمع أكراد روجآفا والتي تحولت إلى مجزرة بعد ذلك أعطى الشعب الكردي الجواب عليها بالانتفاضة وخطوا بذلك إحدى أهم الخطوات على طريق ثورة روجآفا التي حصلت بتاريخ 19 تموز من عام 2012. الشعب الكردي الذي نظم نفسه من جديد عن طريق انتفاضة قامشلو أسس فدرالية شمال سوريا الديمقراطية بعد 7 سنوات بتكاتف العرب، الكرد، الأرمن والمسحيين وكافة المعتقدات والشعوب.