فايننشال تايمز: سياسة أردوغان الخارجية تهدد النظام الدولي

ذكر تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز"، يوم الإثنين، إن الرئيس التركي أردوغان، يتبنى أجندة خارجية عدوانية تقوم على التدخل العسكري في دول الجوار، ما يهدد النظام الدولي.

وتناول تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية خطورة ا التدخلات التركية في المنطقة على استقرار النظام العالمي، حيث أكد التقرير أن تدخلات رجب طيب أردوغان وأجندته المزعزعة للاستقرار باتت بديله بعد "المقامرة الفاشلة" التي سعى من خلالها لاستعادة نفوذ بلاده في مناطق الامبراطورية العثمانية الساقطة.

ولفتت الصحيفة إلى تصريحات أردوغان، بعد قمة لندن للاحتفال بالذكرى السبعين لحلف الناتو، حيث اعتبرت انه كان لديه رسالة واضحة عن تصميم أنقرة على أن يُنظر إليها كقوة عالمية مستقلة، والشهر الماضي، قال أردوغان لأعضاء الجالية التركية في لندن: "اليوم، يمكن أن تبدأ تركيا عملية لحماية أمنها القومي دون طلب إذن من أحد".

وذكرت مراسلة الصحيفة في إسطنبول لورا بيتل، أن تصريحات أردوغان تعكس السياسة الخارجية أحادية الجانب، التي يتبعها خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة أن أنقرة تتحدى حلفائها الغربيين بإرسال قوات إلى شمال شرق سوريا ضد إرادة حلف شمال الأطلسي" الناتو" في تشرين الأول/ أكتوبر، وبعد شهرين، تعهد أردوغان بنشر جنود في ليبيا حتى عندما دعت الأمم المتحدة العالم إلى احترام حظر الأسلحة، واتهمت تركيا بخرقه.

وأعتبر التقرير أن رغبة تركيا في اكتساب نفوذ أكبر في البلدان المجاورة ليست جديدة، لكن مساعيه المتزايد أثارت غضب الزعماء الأوروبيين والعرب على حد سواء. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي قوله: "يبدو أن تركيا تزداد عدوانية أكثر فأكثر، والقضايا تتراكم".
"أنقرة كانت تأمل أن تساعد التدخلات في استعادة نفوذها في أجزاء من الإمبراطورية العثمانية السابقة، لكن المقامرة فشلت"، بحسب الصحيفة. 

وذكر التقرير إن نهج أردوغان الجديد لصالح العمل العسكري المباشر ظهر بعد أن أدى "الانقلاب المزعوم" ضد أردوغان في عام 2016 إلى إضعاف استقلالية الجيش ومكّن الرئيس التركي من تعزيز سلطته.

ومنذ ذلك الحين، نفذت تركيا 3 عمليات عدوان عسكري منفصلة في شمال سوريا، بما في ذلك هجوم تشرين الأول/ أكتوبر ضد القوات الكردية التي ساعدت الولايات المتحدة في حرب تنظيم "داعش" الإرهابي.

كما انحازت أنقرة إلى قطر إبان الخلاف مع الرباعي العربي، وأرسلت سفنا حربية لمنع شركات أوروبيين من التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط؛ وكذلك سعى أردوغان الذي بدأ الأحد زيارة إلى الجزائر وجامبيا والسنغال إلى توسيع نطاق تواجد تركيا في أفريقيا. 
لكن خطوة أردوغان الأكثر إثارة للجدل هي قرار الشهر الماضي بالتعمق أكثر في النزاع الليبي عن طريق إرسال مستشارين عسكريين، ومرتزقة سوريين لدعم الحكومة ما يسمى "حكومة الوفاق". 

ويسعى أردوغان من خلال التدخل في ليبيا إلى الحصول على مقعد على مائدة المحادثات حول مستقبل الدولة التي مزقتها الحرب، لكن الخطوة أثار انتقادات شديدة من واشنطن والعواصم الأوروبية، وأثارت استياء القوى الخليجية. 

وقال الدكتور عبد الخالق عبد الله، المحلل السياسي الإماراتي: "لدى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجهة نظر تركيا بأنها أصبحت عدوًا من نوع ما وقوة مزعزعة للاستقرار".

تفاقمت حدة التوتر الناجم عن انحراف السياسة الخارجية لتركيا بسبب تآكل الحريات الأساسية في البلاد خلال العقد الماضي، مما أثار قلق المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين. وقال عبدالخالق عبدالله إن هذه الخلفية المحلية جعلت من "الأصعب بكثير" على تركيا الانتقال بسلاسة إلى التغييرات المطلوبة في علاقاتها الدولية.

وأكد التقرير إنه على الرغم من المساعي الماضية لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، ينظر العديد من المسؤولين الأتراك الآن إلى أوروبا بازدراء وشك، لكن حتى لو كان لهذا الموقف صدى واسع في تركيا، فإن أردوغان مقيد بسبب اعتماد بلاده المستمر على الغرب كشريك تجاري ومصدر للاستثمار الأجنبي.