زيارة رئيسي إلى دمشق.. "الأسد" يثبت مجددا للعرب أنه غير جدير بالثقة

وصل اليوم إلى العاصمة السورية دمشق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كأول زيارة لرئيس إيراني إلى سوريا منذ عام 2010 أي قبيل اندلاع الاضطرابات التي تطورت إلى حرب أهلية في سوريا.

وشهدت الشوارع الرئيسية في دمشق انتشار لافتات ترحيبية بالرئيس الإيراني كتبت باللغتين العربية والفارسية بين صورتي الأسد ورئيسي، وهي لافتات منطقية كون طهران لعبت دورا رئيسيا في قلب الدفة عسكريا إلى جانب روسيا لمصلحة النظام في مواجهة المعارضة المسلحة والتي قبلها كان النظام قاب قوسين أو أدنى من السقوط.

الإعلام الإيراني يحتفي بالزيارة: انتصر محور المقاومة

بحسب وكالة أنباء "ِشينخوا" الصينية، فإن الإعلام الإيراني بدوره احتفى بتلك الزيارة للرئيس الإيراني إلى دمشق، ووصفتها بأنها تعد انتصار مهم لما وصفته بـ"محور المقاومة"، في إشارة إلى التحالف السوري الإيراني.

وقال السفير الإيراني الجديد لدى سوريا حسين أكبري لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أمس، تعليقا على الزيارة إن "أمريكا وحلفاؤها فشلوا على كل الجبهات ضد المقاومة ولم يتمكنوا من تحقيق أي من أهدافهم".

وأشارت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" إلى أن إيران أرسلت عشرات المستشارين العسكريين وآلاف المقاتلين المدعومين من إيران من جميع أنحاء الشرق الأوسط للقتال إلى جانب الأسد. وبمساعدة روسيا وإيران، سيطرت القوات الحكومية السورية على أجزاء كبيرة من البلاد في السنوات الأخيرة.

الزيارة تأتي رغم الدعوات العربية لتقليص النفوذ الإيراني

المفارقة في توقيت الزيارة أنها تأتي وسط تحركات عربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وبحث عودة دمشق إلى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية، في وقت تقدمت الأردن بمبادرة ضمن شروطها أن يعمل النظام السوري على تقليص النفوذ الإيراني في البلاد مقابل عودة العلاقات العربية مع "دمشق".

في هذا السياق، يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء، إن زيارة رئيسي إلى دمشق تؤكد ما هو مؤكد، على حد تعبيره، موضحا أن ما هو مؤكد أن النظام السوري لن يتخلى ولن يبتعد عن النظام الإيراني، لأنه مدين بالفضل لطهران في استمراره.

وأضاف "العبيدي": "فضلا عن هذا، فإن الوجود العسكري الإيراني في سوريا على الأرض يفوق قدرات بشار الأسد نفسه على تقليصه، لأن طهران لن تتخلى عن نفوذها في سوريا، ولن تترك الأسد أن يقوم بذلك إذا تخيلنا جدلا أنه يمكن أن يقدم على هذه الخطوة".

وشدد المحلل السياسي العراقي على أن الرهان على أن "الأسد" يمكنه الابتعاد عن إيران هو درب من العبث، خصوصا وأن النظامين السوري والإيراني كلاهما يجب أن يحاكما بتهم جرائم الحرب سواء ما أحل منهم بالشعب السوري أو في العراق المجاور.

يجب عدم ترك الساحة السورية لإيران مهما كان

لكن ثمة وجهة نظر في المقابل ترى أنه مهما كان يجب أن تكون هناك علاقات عربية مع النظام السوري الذي بات استمراره أمرا واقعا بفضل الدعم الروسي الإيراني، وألا تترك الساحة تماما في سوريا أمام إيران.

ويرى الدكتور محمد صادق إسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية أن زيارة إبراهيم رئيسي إلى دمشق طبيعية في ظل التعاون الكبير بين النظامين السوري والإيراني على مدار السنوات الماضية، وحتى قبل بشار الأسد كانت العلاقات تفاعلية وممتدة، لكن الملفت للنظر تزامن الزيارة مع اجتماع الأردن حول سوريا.

ولفت إسماعيل، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، إلى أن ما يجب النظر إليه هو التقارب العربي مع النظام السوري، وألا تترك المساحة لإيران، معتبرا أن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية كان خاطئا، وأيضا يجب الأخذ في الاعتبار أن اعتماد دمشق على العالم العربي أكثر أهمية من اعتمادها على إيران.

لكن وجهة النظر هذه بحسب مراقبين ربما لا تلقى أهمية كبيرة في ظل أن النظام السوري نفسه غير جاد في التقارب مع العرب، ولا يزال يتعامل بمنطق المنتصر في المواجهة مع الدول العربية التي كانت تراهن على سقوطه.