ويرى كثير من المراقبين أن انحياز أوغان لأردوغان كان متوقعا، كون الأول ينتمي إلى تيار اليمين القومي المتطرف، فيما اعتمدت استراتيجية الرئيس التركي خلال السنوات الماضية على استنفار القوميين الأتراك لتوسيع قاعدته الشعبية، إلى جانب التيارات الدينية، والتي توافقت على العداء للمكون الكردي.
"أوغان" يدعو لمزيد من الضغوط على الأحزاب الكردية
وأتت تصريحات سنان أوغان خلال مؤتمر إعلان موقفه من الانتخابات الرئاسية لتكشف أن ما جمعه مع أردوغان بالأساس ملفان رئيسيان هما العداء للمكون الكردي، والتشدد تجاه اللاجئين السوريين واللاجئين في تركيا بصفة عامة. فمن بين القضايا التي تحدث عنها أوغان قال إنه يجب إزالة الامتدادات السياسية للإرهاب من السياسة التركية، على حد زعمه، وهي إشارة واضحة إلى الأحزاب الكردية وتحديدا حزب الشعوب الديمقراطي المناصر لقضايا الأقليات.
وخلال السنوات الماضية ومع قدوم الانتخابات الأخيرة كان النظام التركي يصعد ضغوطه على المكون الكردي، حيث واصل الاعتقالات في صفوف السياسيين والمحامين والصحفيين الكرد، وكانت التهمة جاهزة وهي الدعاية "لمنظمة إرهابية". كما أن المحكمة الدستورية العليا تناقش إجراءات إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي وفرض حظر على أعضائه وهو ما دعا الحزب لخوض الانتخابات الأخيرة تحت راية تحالف الخضر اليساري.
في المقابل، لم يقدم حزب الشعوب الديمقراطي مرشحا لانتخابات الرئاسة ما يعني أن أصوات الكرد التي تزيد على 6 ملايين صوت ذهبت في جملتها إلى كليجدار أوغلو الذي دافع عنهم وانتقد وصم السلطات التركية للكرد بالإرهاب، وهو أمر يختلف فيه كثيرا عن سنان أوجان الذي كما سبق وتمت الإشارة يرى أن الأحزاب الكردية امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يحظره النظام التركي.
"أوغان" المعارض القوي للاجئين السوريين
أما القضية الثانية التي تحدث عنها سنان أوغان فهي قضية اللاجئين، والتي قال إنها قضية قد يكون لها تكاليف أمنية واقتصادية واجتماعية في العمليات المستقبلية في بلدنا، حيث ينتمي أوغان إلى تحالف سياسي يعارض بقوة وجود اللاجئين السوريين في تركيا.
ورغم مخاطبة كليجدار أوغلو ود سنان أوغان بالإعلان عن عزمه طرد 10 ملايين لاجيء من جنسيات مختلفة حال فوزه بانتخابات الرئاسة، إلا أن الأول قرر الانحياز لـ"أردوغان"، في مؤشر على أن الملف الكردي ربما كان صاحب كلمة الفصل في حساباته مع الرئيس المنتهية ولايته والتشدد الكبير من قبل الطرفين تجاه الكرد.
قرار "أوغان" كان متوقعا
في هذا السياق، قال محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء، إن قرار أوغان كان متوقعا بدرجة كبيرة، لأن أردوغان عمل خلال الفترة الماضية على كسب ود القوميين الأتراك الذين تجمعوا على معاداة المكون الكردي، وبالتالي فإن أردوغان اكتسب ميزة كبيرة مقارنة بمنافسه كليجدا أوغلو، حيث أن هناك نحو 5.2 بالمئة صوتوا لسنان أوغان ستذهب أصواتهم في هذه الحالة إلى أردوغان.
وقال "الديهي" إن أردوغان يراهن بالأساس على القوميين الذين صوتوا بصورة رئيسية للمرشح سنان أوجان، والأخير أعلن من قبل أنه لن يؤيد كمال كليجدار أوغلو لأنه يدعم أو يؤيد الكرد، وبعد تفضيل أوغان رسميا لأردوغان فإن الانتخابات ستكون أكثر شراسة في الجولة الثانية، وإن كانت أقرب إلى أردوغان.
ويرى الباحث السياسي أن كليجدار أوغلو يسعى بطبيعة الحال إلى الاستفادة من الدعم الكردي الذي قدم له خلال الجولة الأولى، كما أنه يتطلع لجذب مزيد من الدعم لدى فئتي الشباب والمرأة، مشيرا إلى أن المرأة رغم كل ما يقال لديها امتعاض من كثير من سياسات حزب العدالة والتنمية، وكذلك فئات الشباب الذين غاب كثير منهم عن الجولة الأولى.
وفي ختام تصريحاته، قال "الديهي" إن أردوغان يبدو بهذا الموقف الأقرب إلى القصر الرئاسي لخمسة سنوات مقبلة، لكن كل شيء وارد والمفاجأة بفوز الانتخابات يمكن أن تحدث، خصوصا أن معسكر سنان أوغان ربما لا يذهب كله باتجاه دعم أردوغان وهذا ما ستكشف عنه الأيام المتبقية في ظل عدم وضوح مواقف الأحزاب الداعمة لسنان أوغان.