استذكر مؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا من خلال بيان الشيخ سعيد بيران ورفاقه، جاء في نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
{لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} ﴿٤١ الأعراف﴾
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وخسرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى التي راح ضحيتها أكثر من ٢٠ مليون ضحية ما بين رجلٍ وشيخٍ وامرأةٍ وطفل، لجأت وريثتها الجمهورية التركية الناشئة المشبعة بالتعصب القومي إلى التنكر لكل الوعود التي قطعتها للشعب الكردي بالعيش المشترك في وطنٍ واحد، وَسَعَتْ جاهدة إلى إنكار الوجود الكردي واتباع سياسة القمع والإبادة.
ولَمّا تجسدت مقاومة الشعب الكردي المسلم في قياداتٍ دينية، من أبرزها الشيخ سعيد بيران الذي مثل انتفاضة الشعب الكردي في وجه العقلية القمعية والإقصائية للدولة التركية وسياسة إنكار وإبادة الشعب الكردي القائمة إلى يومنا هذا، هذا ولا يخفى على أحد أن معاداة الدين الإسلامي ومحاولة تسخيره لخدمة القومية التركية كانت إحدى ركائز نشوء هذه الدولة، وهذا ما يفسره القمع والاضطهاد والمجازر التي تعرض له الشعب الكردي المسلم المسالم وقياداته الدينية.
في مثل هذا اليوم وقبل حوالي قرنٍ من الزمان، استشهد الشيخ سعيد بيران مع ٤٦ من رفاقه وأقربائه على يد جنرالات الدولة التركية، لقد كان الشيخ سعيد مؤمناً بجهاده الحق في سبيل نيل حقوق شعبه المظلوم، وأشعل شرارة الانتفاضة في وجه الظُلم وأربابه؛ هذه الانتفاضة التي لا يزال أحفاد الشيخ سعيد من أبناء الشعب الكردي يقودونها، محققين آمال الشيخ سعيد في أن أحفاده سيرفعون راية الحق في وجه الظالمين.
وإننا في مؤتمر الإسلام الديمقراطي، نستذكر هذه الذكرى الأليمة من جملة المآسي التي تعرض لها الشعب الكردي في تاريخه، ونندد بتلك العقلية القمعية والإقصائية المستمرة إلى يومنا هذا وكل السياسات الداعية إلى إنكار وإبادة الشعب الكردي وأي شعب كان، فمن آيات الله عزَّ و جل تعدد الشعوب وثقافاتها ولغاتها، ونتعهد بأن نكون دوماً صرخة المظلومين في وجه الظالمين، مؤمنين بأن الله تعالى لا يقبل الظلم على عباده وسوف يجازي كل ظالم بما كسبت يداه، كما كانت آخر كلمات الشيخ سعيد بيران وهو يصعد خشبة الإعدام، موجهاً كلامه إلى جلاديه الظالمين: "يوم الحشر سيكون لنا معكم حساب".