سيكون لديهم نفوذ غير عادي... مراقبون: الكرد هم الرابحون حتى لو فاز "أردوغان" بالرئاسة

رغم كل القمع الذي تعرضوا له قبيل انتخابات 14أيار، يجمع كثير من المراقبين والمحللين للشأن التركي على أن الكرد هم الرابح الأكبر من هذه الانتخابات أيا كانت نتائجها، سواءً فاز أو خسر أردوغان أو خسر، والأمر نفسه لمرشح المعارضة الرئيسي.

يخوض المكون الكردي الانتخابات البرلمانية تحت راية حزب الخضر اليساري وليس حزب الشعوب الديمقراطي، في ظل مخاوف من إمكانية صدور حكم من المحكمة الدستورية بإغلاق الحزب وفرض الحظر السياسي على كثير من أعضائه وقياداته، كما لم يتقدم الكرد بمرشح لانتخابات الرئاسة.

إرهاق أردوغان وإحراجه أبرز المكاسب

أول مكاسب الكرد في هذه الانتخابات أنهم تسببوا في إحراج وإرهاق للرئيس التركي، إذ أنه منذ عام 2015 وعندما دخل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي البرلمان وكان سبباً في حرمان حزب العدالة والتنمية من الأغلبية البرلمانية، بدأ أردوغان على الفور حملة من القمع غير المسبوقة تجاه المكون الكردي، يكشف من خلالها عن وجهه الحقيقي، وجه المستبد الذي لا يؤمن إلا بسلطته المطلقة وأغلبيته البرلمانية، وتكشف كذلك على الفور أنه لا يؤمن بفكرة حل القضية الكردية، وإنما كان الأمر في وقت ما مجرد دعايا انتخابية.

كما أن موقف الكرد من الانتخابات الرئاسية أرهق الرئيس التركي، إذ أن إعلانهم عدم التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية، يعني على الفور أن أكثر من 6 ملايين صوت كردي غالبيتها إن لم تكن كلها ستذهب على الفور إلى مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو المنافس الرئيسي لأردوغان في الانتخابات الرئاسية.

وجعل هذا القرار كثير من استطلاعات الرأي تصب في مصلحة مرشح المعارضة، وبالتالي تأتي انتخابات اليوم كأكثر انتخابات صعوبة على "أردوغان"، بحسب كثير من الصحف والتقارير الغربية منها "سي إن إن" و"بي بي سي"، وربما يكون الرئيس التركي بحاجة إلى جولة ثانية، وحتى لو فاز من الجولة الأولى فإن الأمر لم يكن سهلاً بالنسبة له، بسبب مخاوفه من كتلة التصويت الكردية.

تقارير غربية: الكرد أصحاب الكتلة الحرجة

كثير من التقارير الغربية من بينها مجلة "ذا أمريكان" الأمريكية، حيث قالت" إن الكرد باتوا هم صانعوا الملوك في تركيا، وهم أصحاب الكتلة الحرجة للناخبين في تركيا، فقد أثبتوا بقراراتهم بشأن الانتخابات الحالية أنهم قادرون على إرباك حسابات المشهد الانتخابي بالكامل خصوصا لدى "أردوغان".

بل توقع تحليل لوكالة "بلومبيرج" الأمريكية أن يحصل الكرد على نفوذ غير عادي بعد الانتخابات التركية، حيث أكد التحليل أن السياسيين الكرد الذين تم استبعادهم من البرلمان لسنوات سيكون لديهم نفوذ غير عادي، ووفقاً لتحليل "بلومبيرج" فإن السياسيين الكرد، الذين صنفهم رجب طيب أردوغان إرهابيين، برزوا كقوة حاسمة في المعارضة التي اجتمعت للإطاحة بالرئيس، وقد يصبحون قوة في البرلمان بعد الانتخابات المثيرة للجدل.

المعارضة ستكون بحاجة إلى الكرد من أجل الأغلبية البرلمانية

وذكر التحليل أنه لن يتمكن أي حزب من الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان، حيث قال إمراه بكر، مدير مجموعة أوراسيا الأوروبية، إن حزب الخضر اليساري، الذي قرر حزب الشعوب الديمقراطي دخول الانتخابات على قائمته، في طريقه للحصول على مقاعد كافية للحفاظ على حصة ثالث أكبر حزب في البرلمان للكرد.

وأضاف بكر أنه لا يمكن للمعارضة أن تكسب الأغلبية إلا بدعم من حزب الخضر اليساري المؤيد للكرد وتحالفهم اليساري، وسيلعب الناخبون الكرد أيضاً دوراً رئيسياً في دعم مرشح تحالف الأمة، كمال كليجدار أوغلو في سباق الرئاسة التركية.

مكسب أكبر حال فوز كمال كليجدار أوغلو

قد يكون المكسب الأكبر للكرد إذا تمكنوا بدعمهم للمعارضة وللمرشح كمال كليجدار أوغلو في الإطاحة بأردوغان من الرئاسة، إذ تقول مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن مرشح المعارضة الموحد للرئاسة أبدى قدراً من التودد للكرد خلال الفترة الماضية، كما انتقد تعامل الدولة معهم وخصوصاً وصمهم بـ"الإرهاب" من قبل الرئيس التركي، كما انتقد حالة الاستقطاب العرقي التي تسببت فيها سياسات النظام التركي.

في هذا السياق، يقول مصطفى صلاح الخبير في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، أن كمال كليجدار أوغلو حتى لو لم يكن لديه تصور واضح بشأن حل القضية الكردية، إلا أنه على الأقل سيمنح الكرد حال فوزه مناخاً أكبر من الحرية ويعيد إليهم الكثير من الحقوق المسلوبة منهم.

وأوضح صلاح قائلا: "أعتقد أنه لن تكون هناك اعتقالات عشوائية التي يقوم بها النظام التركي الحالي، وبالتأكيد ستكون هناك إعادة نظر في مئات من الكرد المسجونين، وستتوفر لهم محاكمات عادلة بعيدة عن النزعات السياسية أو المحاكمات ذات الطابع السياسي، وهو مكسب مهم للكرد".

يذكر أن أردوغان إلى جانب حملة القمع والترهيب بحق الكرد خلال الفترة الماضية سعى إلى التحالف مع حزب هُدى بار، وهو حزب كردي بأفكار تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك على أمل تشتيت الصوت الكردي من ناحية، ومن ناحية ثانية إظهار تحالف أردوغان كذباً أنه تحالف يتسع للجميع بما في ذلك الكرد.

لكن في واقع الأمر، فإن حزب هُدى بار ليس له قاعدة واسعة بين الناخبين الكرد، ولا حتى في الأوسط التركية الأخرى، في ظل قناعاته التي تناقض مبادئ الجمهورية التركية، وأيضا هناك الكثير من الشكوك حول أجندة هذا الحزب الذي يرتبط بإيران، كما أن له يد في أعمال الفساد وغسيل الأموال وشراء أصوات من قبل لصالح أردوغان.