أصبحت شركة أبحاث "متروبول"، إحدى أكبر شركات الأبحاث في تركيا، محط جدل مرة أخرى مع نتائج البحث التي تم الكشف عنها في أوائل شهر آب المنصرم، وأعلنت الشركة أنه وفقاً للأبحاث التي أجريت في جميع أنحاء تركيا، فقد انخفض تأثير الدين على الحياة الاجتماعية.
وبحسب البحث الذي قامت به الشركة، يعتقد 50.9% من الذين شملهم الاستطلاع أن تأثير الدين على الحياة الاجتماعية قد انخفض وسيستمر في الانخفاض.
وقيّم البرلماني عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب عمر فاروق غرغرلي أوغلو هذه القضية لوكالة فرات للأنباء (ANF).
وذكر غرغرلي أوغلو إنه ليس فقط وفقاً لاستطلاع شركة متروبول، ولكن أيضاً وفقاً لملاحظاتهم الاجتماعية والعديد من الاستطلاعات الأخرى، فإن الدين يضعف في الحياة الاجتماعية في تركيا، وأضاف قائلاً: "هذه حقيقة ويجب معالجة هذه الحقيقة وفهمها، وبشكل عام، كان هناك انخفاض كبير في استجابات الدين للحياة الاجتماعية على مدى قرون عديدة، ونتيجة لهذا الانخفاض برز وضع من هذا القبيل، وينبغي لرجال الدين أن يركزوا على هذه القضية وأن يقدموا إجابات مناسبة لاحتياجات الحياة الاجتماعية بما تتماشى مع متطلبات العصر، وفي الوقت نفسه، انقطعت علاقة الناس بالمشاعر الروحية في المجتمع الحديث، وهذا الوضع ليس له ارتباط فقط بالدين، ولا يجد الناس الكثير من الوقت للاهتمام بالمشاعر الروحية في خضم صخب حياتهم اليومية، وأعتقد أن لهذا الأمر دوراً أيضاً، هناك عالم ميكانيكي ومادي، ونتيجة لذلك، ربما برز وضع من هذا النوع".
وأشار النائب فاروق غرغرلي أوغلو إلى أن السلطة الحاكمة الحالية في تركيا تعمل على استغلال الدين، وأضاف قائلاً: إن " الحكومة التي روجت للمشاهد المصورة والرموز والأهداف الدينية ووصلت إلى السلطة بهذه الطريقة، تسببت في إحداث ضرر كبير للدين في تركيا، ولأنه باستغلالها للرموز والخطابات الإسلامية، تكون قد طعنت خنجراً في روح الدين وأفرغته من محتواه، وبرزت إلى الواجهة الخطابات الغير نابعة من القلب، وتم انتهاك المشاعر الطيبة مثل الأخلاق والعدالة والرحمة التي ينبغي أن يغذيها الدين.
فالدين ينمي الأخلاق الحميدة والأخلاق الحميدة تنمي الدين، حيث هناك مثل هذه المسار، فإذا ارتكبتم كسلطة أكبر الأخطاء وأكبر الشرور فيما يتعلق بالقيم الأخلاقية وانتهكتم القيم الروحية من أجل سلطتكم، فحينها، سيشكل ذلك الأمر أيضاً تأثيراً على الدين، وحينها لن يكون بمقدور الدين تغذية الأخلاق الحميدة ويبتعد الناس عن القيم الأخلاقية، والناس الذين يصفون أنفسهم على أنهم "مسلمين" سيفقدون الأخلاق الإنسانية".
وأوضح غرغرلي أوغلو أن المسلم الذي لا يتصرف وفق المعايير الأخلاقية لا قيمة له، وأردف قائلاً: "حتى لو صلى خمس مرات في اليوم، أو صام كل يوم، وقام بأداء العبادات الأخرى، فإنه بالأساس فقد ضميره، لأن الأخلاق الحميدة تغذي أيضاً الضمير، وإن الشخص أو المجتمع الذي فقد ضميره، ناهيك عن مساهمته في الدين من جهة، سوف يتسبب في إحداث ضرر كبير للدين، لا يوجد مثال آخر مثل المثال السيئ في العالم أجمع، وقد تركت السلطة الحاكمة في تركيا بصماتها تحت أخطاء فادحة للغاية، وجعلت الناس ينفرون من الدين ويعتريهم حالة من البرود، وهذه حقيقة، ففي الوقت الحالي، هناك مشهد للذين عانوا من قمع ارتداء الحجاب من قبل ثم وصلوا إلى السلطة وحالياً يقومون بممارسة القمع على الناس، وهذا أمر مزعج للغاية، والمجتمع بأكمله منزعج من هذا، كما أن الأشخاص المحجبين الذين يحاولون العيش بدينهم حقاً يشعرون بالانزعاج من هذا الأمر، فالناس مستاؤون بسبب هذه ممارسات التي تقوم السلطة الحاكمة، إلا أن الأحزاب الرئيسية والأحزاب القوية كانت دائماً تتستر على هذا الأمر، ولهذا السبب، يتجنب الناس توجيه النقد الذاتي، ويتصرفون وفقاً لمصالحهم الذاتية".
وذكر غرغرلي أوغلو أنه يتم افتتاح بعض المدارس الدينية والدورات تعليم القرآن، وتابع قائلاً: "يُقال، 'دعونا لا نضر بذلك الأمر'، لكن هذا الوضع بحد ذاته يسبب الضرر الأكبر للدين، لأن المدارس والمؤسسات التي تم افتتاحها من قِبل سلطة بعيدة كل البعد عن الأخلاق، تتسبب في نفور الناس عن الدين وابتعادهم عنه".
وأضاف غرغرلي أوغلو: "إنه لمن المحزن أن السلطة الحاكمة تلحق الضرر الأكبر بالدين من خلال استغلال الدين، ومن سيحولون دون تحقيق ذلك هم رجال الدين الحقيقيون، ويجب على الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين الأخلاقيين حقاً أن ينتفضوا ضد هذا التوجه للسلطة الحاكمة، لأنه لا يمكن لأي شخص آخر أن يرى هذا ولا يمكن إيقافه، وهذه حقيقة، ويجب على المسلمين الأخلاقيين أن يخوضوا نضالاً كبيراً ضد هذه البشاعة".