دلالات الانتخابات البرلمانية في الكويت والمشهد النيابي الجديد

فازت المعارضة مجددا بمجلس الأمة الكويتي الذي يمثل السلطة التشريعية والرقابية في البلاد في أول انتخابات نيابية بعد تولي الشيخ مشعل آل الصباح.

شهدت الكويت انتخابات برلمانية تعد أول إنتخابات برلمانية بعد تولي الشيخ مشعل آل الصباح، فازت فيها المعارضة مجددا، لتثار التساؤلات حول التغييرات في السياسة الكويتية بعد انتخاب المجلس الجديد، ودلالات فوز المعارضة بتلك الإنتخابات، والدور الذي ينتظره الشارع الكويتي من البرلمان الجديد.

كشف فهد الشليمي، المحلل السياسي الكويتي، أن المعارضة في البرلمان الجديد شيئ صحي، وان المواطن الكويتي قال كلمته، متمنياً أن يعمل البرلمان والحكومة لخدمة المواطن.

وأكد الشليمي في تصريح خاص لوكالة فرات أنه يجب على الحكومة والبرلمان مراعاة المادة ٥٠ من الدستور الكويتي، وهو التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لما هو في مصلحة المواطن، وان يعطي البرلمان للحكومة مهلة لا تقل عن سنة، خاصة وأن البرلمان تم انتخابه بعد شهرين فقط من تشكيل الحكومة.

واضاف المحلل السياسي الكويتي، أنه يجب إحداث توازن بين البرلمان والحكومة، وان تحدث تفاهمات بين الطرفين، خاصة وأن البرلمان يعي جيدا الظرف الدولي والإقليمي المحيط بالكويت، إلا أنه لا تزال توجد ثارات سياسية بين بعض أفراد البرلمان، وبين بعض أفراد البرلمان وبعض للوزارات، وهي عقلية قبلية لا تصلح لإدارة دولة.

وبين الشليمي، أن انتقاد امير البلاد للبرلمان السابق الذي بناء عليه تم حل البرلمان، بأن التوافق بين البرلمان والحكومة السابقة كان على مصلحة المواطن، هي حقيقة واقعة، لأن بعض المناصب تم توطينها واسنادها بناء على المجاملات، والثقل السياسي لاصحابها، وليس بناء على الكفاءة، كما أن البرلمان استجاب لبعض الضغوط الشعبية، وقام بأعمال مكلفة لخزينة الدولة واثقلت كاهلها.

وأوضح الشليمي، أن نسبة التغيير في البرلمان الجديد تبلغ ٢١ في المائة، مطالباً البرلمان الجديد تعلم درس حل البرلمان السابق من الحكومة، الاستجابة للملاحظات التي يبديها الشارع.

واردف المحلل السياسي الكويتي، أن هناك بعض القضايا مثل زيادة الاعتمادات المالية من أجل زيادة الرواتب، ومشكلة الإسكان، وحل المشكلة الديموغرافية في الكويت لن تأتي إلا بعد توافق البرلمان والحكومة، ولن يتم حل تلك المشكلات في فترة وجيزة من الزمن.

كشف حسين عبد الرحمن، المحلل السياسي الكويتي، أن مستقبل البرلمان الكويتي الحالي مرتبط بسلوك النواب انفسهم، لأن البرلمان مهمته رقابية وتشريعية وليس تأجيج الشارع الكويتي.

وأكد عبد الرحمن في تصريح خاص لوكالة فرات، أن مشكلة المعارضة الكويتية أنها معارضة أفراد لسياسات الحكومة أو بعض وزراءها وليست معارضة كتل برلمانية، لا تمتلك مظلة أو مظلتين يمكنها العمل تحتها، حيث يمكن أن يتشكل ٥ أو ١٠ نواب فقط كجبهة معارضة لموضوع ما، وهي معارضة لا تصلح للتنمية.

وأضاف المحلل السياسي الكويتي، أن السبب الرئيسي في نجاح المعارضة هو أنها تدغدغ عواطف الشارع وتسمع الشارع ما يريد أن يسمعه، وفي النهاية لا يمكن للنائب المعارض سوى تقديم بعض الخدمات، مشيراً إلى أن تلك المعضلة يمكن أن تحل إذا أشهرت الأحزاب السياسية والتي تمتلك برامج ومظلة يمكن للنواب العمل تحتها.

وطالب عبد الرحمن، من البرلمان القادم أن يشدد الرقابة على الحكومة ويلاحق الفساد والتجاوزات، وهو ما ينتظره الناخب الكويتي وليس أن ينشغل بالمناكفات بين أعضائه.

بينما كشف عبد الخالق بدران، الباحث المتخصص في شؤون جماعة الإخوان، أن الانتخابات الكويتية الأخيرة شهدت تراجعا في حضور الحركة الدستورية الإسلامية، (حدس) التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين والتي حصلت بشكل رسمي على مقعد واحد، في مقابل زيادة مقعدين للسلفيين، ومقعد للشيعة عن الانتخابات الماضية، فالتركيبة البرلمانية شهدت تغيراً طفيفاً، حصدت فيه المعارضة على أغلبية المقاعد، إلا أنها خليط من قوى سياسية متباينة الاتجاهات، مما يصعب تكتلها مجتمعة في اتجاه سياسي واحد.

وأكد بدران في تصريح خاص لوكالة فرات، أن جماعة الإخوان أعلنت رسمياً عن أربعة مرشحين لها هم محمد عبد الله المطر في الدائرة الأولى وحمد المطر في الدائرة الثانية وعبد العزيز الصقعبي في الدائرة الثالثة ومعاذ الدويلة في الدائرة الرابعة نجح منهم فقط عبدالعزيز الصقعبي، وخسر كذلك عدد من مرشحي الجماعة بصفة غير رسمية مثل عبد الله فهاد العنزي وعلي الكندري وحمد المدلج.

 وأضاف الباحث المتخصص في شؤون جماعة الإخوان، أنه يعود هذا التراجع إلى امتداد أزمة الجماعة الأم والتي ألقت بظلالها على مختلف الكيانات المنتمية لها، فضلا عن الانتهازية السياسة التي صبغت تحركات إخوان الكويت مما جعلهم يفقدون الثقة الشعبية، مع تراجع بريق الشعارات التقليدية لدى الأجيال الشابة التي مثلت غالبية المصوتين.

وبين بدران، أنه في مقابل ذلك يبدو أن الجماعة وبعد تراجع التنظيم الرسمي ستلجأ إلى دعم عناصر لديها دعما قبليا واجتماعيا، حتى وإن لم ينتموا رسميا للجماعة مثل ما حدث مع فلاح ضاحي الهاجري وعبد الله تركي الأنبعي، المقربين من الجماعة، في حين سيقتصر دور الحزب والجماعة على توفير الدعم المعنوى والمادي.

وأوضح الباحث المتخصص في شؤون جماعة الإخوان، أن الأداء البرلماني ليس من المنتظر أن يتغير كثيرا عما سبق خلال السنوات الأربعة الماضية، واحتمال حل البرلمان هو الخيار الأقرب للحدوث.

وأشار بدران، إلى أن الجماعة مع التطورات الأخيرة بدأت في الجنوح للتهدئة وادعاء الحكمة والحرص على البلاد، والدعوة لسرعة تشكيل الحكومة، بحسب بيان أصدرته تعقيبا على تطورات الوضع في الإقليم مع ضربات إيران لإسرائيل.