تجمّع أعضاء منظمة حقوق الإنسان عفرين - سوريا، وحقوقيو مقاطعة عفرين والشهباء وأهالي مخيم سردم في الساحة الرئيسة للمخيم بناحية الأحداث في الشهباء، للإدلاء ببيان، كشف إحصائية 7 أشهر من الجرائم في عفرين.
وحمل الحضور صور المجازر التي ارتكبها الاحتلال التركي، والمستوطنات التي يبنيها هناك.
قرأ المتحدث الرسمي باسم منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا محمد عبدو، البيان باللغة العربية.
وجاء في نصه:
"إن ما تتبعه الدولة التركية من سياسة التغيير الديمغرافي في منطقة عفرين هو امتداد للسياسة العثمانية التي قامت على التهجير القسري والتغيير الديمغرافي للمناطق التي كانت تحتلها، وإن ما تقوم به الدولة التركية في عفرين من انتهاكات وجرائم ترتقي إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وقد تعددت وتنوعت هذه الجرائم والانتهاكات بين قتل وخطف وتعذيب وإخفاء قسري وفدى مالية والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة وسرقة الآثار وبيعها في السوق السوداء العالمية والقيام بقطع الأشجار المثمرة والحراجية وحرق الأراضي الزراعية.
وقد بلغت إحصائيات هذه الانتهاكات والجرائم منذ بداية 2023 وحتى الآن:
الخطف: 208 مدني، بينهم 24 نساء واغتصاب فتاة قاصر.
القتل: 13 أشخاص، بينهم 3 نساء، واحدة منهن انتحار.
الأشجار: قطع أكثر من 16000 شجرة وقلع أكثر من 1000 وحرق أكثر من 70 هكتار من الأراضي الزراعية.
الآثار: نبش وتدمير أكثر من 5 مواقع.
التغيير الديمغرافي: بناء وتجهيز قرابة (8) مستوطنات بدعم وتمويل تركي ومنظمات خليجية وفلسطينية إحداها (مستوطنة أجنادين).
ومن أخطر هذه الانتهاكات والجرائم هي التغيير الديمغرافي، والذي وصل إلى مستوى الإبادة الثقافية.
وحيث إن التغيير الديمغرافي، حسب تعريف القانون الدولي:
هو ذاك التحوّل الذي يطرأ على البنيان والقوام السكاني لرقعة جغرافية، ناجماً عن فعل أو أفعال إرادية من قبل جهة ما تجاه أفراد أو مجموعات تفقد إرادتها في ذلك التحوّل.
بمعنى أنه لا يمكن أن يتم التغيير إلا إذا سبقه فعل إجرائي آخر كنقل جماعة أو مجموعة سكانية من مكان ما والإتيان بجماعة أو مجموعة سكانية أخرى لتحلّ محلها، وهذا الفعل أو الإجراء يسمى بـ التهجير أو النقل القسري ويندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني بموجب المواد (6-7-8) من نظام روما الأساسي.
وتسعى الدولة التركية منذ سيطرتها على الأراضي السورية إلى تتريك المنطقة بالكامل، وخاصة ما تقوم به في عفرين حيث تقوم بتغيير هوية عفرين ومعالمها وصبغها بالهوية التركية عبر تغيير أسماء الشوارع والقرى والميادين والمرافق العامة والمستشفيات ورفع العلم التركي فوق المدارس والمرافق العامة.
وقد غيّر الاحتلال التركي أسماء الساحات الرئيسة بمركز مدينة عفرين مثل ساحة آزادي (الحرية) إلى ساحة أتاتورك وفي إطار تغيير أسماء القرى، غيّر الاحتلال التركي اسم قرية قسطل مقداد إلى سلجوق أوباسي، ورافق تغيير أسماء الأماكن الاستراتيجية الكردية الى أسماء عثمانية، وضع العلم التركي وصور أردوغان في كل مكان وعلى لوحات الدلالة وفي كل قرية وناحية ومركز المدينة، فضلاً عن تعليم اللغة التركية في المدارس ووضع العلم التركي على ألبسة التلاميذ، ناهيك عن تغيير اللوحات التعريفية للمحال والشوارع وكتابتها بالتركية، تزامناً مع ذلك عبث الاحتلال التركي بالأماكن المقدسة ودمر المزارات الدينية للإيزيديين والعلويين والمسيحيين كما أن الاحتلال التركي أرغم الأهالي على إصدار هويات تركية للمدنيين السوريين ضمن الأراضي السورية التي تحتلها وتم تدمير أغلب الأماكن والمواقع الأثرية المُدرجة على لائحة اليونيسكو خلال الهجوم على عفرين، مثل معبد عين دارة والنبي هوري وكهف الدودرية وقبر مار مارون ونهب وسرقة اللقى الأثرية وبيعها في الأسواق السوداء العالمية.
وكذلك فكك الاحتلال التركي السكة الحديدية الممتدة من ميدان أكبس ناحية راجو مروراً بكفر جنة وقطمة بناحية شران وبيعها إلى تجار من إعزاز.
إن عملية التغيير الديمغرافي وبناء المستوطنات في عفرين المحتلة مستمرة بدعم وتمويل من منظمات تركية وخليجية وفلسطينية حيث تم بناء قرابة (30) مستوطنة من قبل سلطات الاحتلال التركي بتمويل ودعم من المنظمات الخليجية الإخوانية مثل جمعية الأيادي البيضاء وكويت الرحمة وجمعية بنيان القطرية وغيرها من الجمعيات التي تعمل في هذا المجال لتكريس الاحتلال التركي للمنطقة وتظهر خطورة ذلك في إحداث التغيير الديمغرافي وتشجيع التوطين وخاصة مسلحي الفصائل وعوائلهم من المكونين العربي والتركماني، مستهدفين خصوصية عفرين الفريدة كونها مركز للثقافة الكردية، وما شهدته عفرين عبر الغزو والاحتلال التركي كان استهدافاً وجودياً وممنهجاً للكرد فكان العدوان والتهجير القسري أول خطوة، أما الخطوة التالية كانت عبر تغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة الكردية بشكل عام واستقدام المستوطنين وإقامة المجمعات الاستيطانية باعتبارها أحد دوافع استمرار الاحتلال التركي للمنطقة.
ولا تزال القرى ومخيمات النزوح في مناطق الشهباء تتعرض للقصف الممنهج وبشكل شبه يومي من قبل القوات التركية والفصائل السورية المسلحة التابعة لها، والتي خلّفت العديد من المجازر بحق المواطنين المدنيين الأبرياء والتي راح ضحيتها العشرات، جُلّهم من الأطفال والنساء وناهيك عن الأضرار المادية في الممتلكات.
وكل ما يجري أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، دون أن يحرك أحد ساكناً تجاه هذه الجرائم بحق الإنسانية، وغاية الدولة التركية الضغط على سكان هذه المخيمات والقرى لإجبارهم على ترك المنطقة والابتعاد عن آمالهم وتطلعاتهم بالعودة إلى ديارهم ومنازلهم في منطقة عفرين عودة آمنة، وبالمقابل تقوم بعض الأبواق الإعلامية التابعة للدولة التركية بدعوة النازحين للعودة إلى منطقة عفرين مع إطلاق الوعود بالأمان واسترداد منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم دون أي مشاكل وبشكل آمن، إلا أن هذه الدعوات المبطنة والتي يعتليها الكلام المعسول وباطنها السم الزعاف هو ما تؤكده تلك الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها غالبية المواطنين الذين عادوا إلى ديارهم وقراهم وذلك واضح من خلال ما ذكر من الجرائم والانتهاكات.
ونحن كمنظمة حقوقية، نناشد كافة المنظمات الدولية والإنسانية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة بالقيام بواجبها الأخلاقي والإنساني قبل القانوني حيال ما جرى ويجري في منطقة عفرين، وندعوها للضغط على الدولة التركية للانسحاب من كافة المناطق التي تحتلها من الشمال السوري وخاصة عفرين ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات أمام المحاكم الدولية وتأمين عودة النازحين إلى مناطقهم عودة آمنة وبضمانات دولية وإعادة تأهيل هذه المناطق وفق المعايير الدولية وضمان سلامة شعب المنطقة".