مساعد سابق لوزير الخارجية المصري: القيادة التركية مترددة ومصر تتخذ سياسة النفس الطويل تجاه التعامل معها

قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن القيادة التركية مترددة فيما تريده، وإن ما يتعلق بمسألة ترسيم الحدود البحرية مع مصر أحد الأمور التي توضح أنها تسير في اتجاه سلبي آخر.

أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أهمية حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال منتدى شباب العالم الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ، والذي تطرق فيه إلى مسألة ترسيم الحدود مع اليونان ودعا فيه البلدان إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وقال بيومي في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF: "إن مؤتمر الشباب الحقيقة فرصة، اعتبرها نافذة عرض لكل مصالح وسياسة مصر الداخلية والخارجية. أما بشأن تصريح الرئيس بأن ترسيم الحدود بين مصر واليونان وقبرص، وهي المعروفة بالحدود الاقتصادية في شرق البحر المتوسط وهو في غاية الأهمية لأنه يحافظ على ثروة مصر من البترول والغاز وربما أي معادن تكتشف في المنطقة ويحدد أسلوب يتمشى مع القانون الدولي، حقوق مصر في المنطقة وحقوق باقي الدول".

وأضاف "نفع هذا طبعا في أنه كان حائط صد أو نقطة دفاع مهمة جدا ضد بعض الدول التي تدعي أحلامًا إمبراطورية قديمة على أساس أن كان يوما ما من مئات السنين. هناك إمبراطورية تحكم هذه المنطقة. وبالتالي مصر حققت بهذا الاتفاق وأوضح هذا السيد الرئيس، كل مصالحها وحددت مصالح الأطراف الأخرى بكل احترام وبما يتمشى مع معايير القانون الدولي والقانون البحري الدولي".

وحول تقييمه لحالة العلاقة بين مصر وتركيا بعد جلستي المباحثات الاستكشافية، وعدم تحقيق تركيا أيا من المطالب المصرية قال: "نحن أمام حالة فريدة نوعه في العلاقة الدولية مع قيادة (التركية) مترددة فيما تريده حقا لبلدها، لكن الموقف المصري الرسمي عندما سحبنا السفير من أنقرة هو أننا نقدر الشعب التركي كشعب شقيق تربطنا به أوثق الروابط، بل إننا نعتز أن لدينا في مصر مصريون من أصول تركية. وهناك في تركيا أتراك من أصول مصرية، إذا فالعلاقة هي علاقة أخوية إسلامية ترجع إلى آلاف السنين، لكن نحن أمام قيادة مهتزة ولا استطيع أن أقول أقل من هذا، لأنها مترددة. ترسل نائب وزير الخارجية ليتفاهم مع مصر وفي اليوم التالي نجد انتخابات للإخوان المسلمين في تركيا في موقف معادي لمصر. ثم تستقبل ونائب وزير الخارجية المصري هناك لتحسين العلاقات ثم نسمع تصريح سلبي من رئيس الجمهورية".

وتابع: مصر في الحقيقة دولة من أقدم بلدان التاريخ العالمي، وتستطيع أن تأخذ نفسا طويلا جدا، حتى إما أن تعود هذه القيادة إلى عقلها، أو أن تنتهي هذه القيادة وتظل مصر موجودة وتزل تركيا الشقيقة موجودة ونعود إلى علاقات طبيعية كما ينبغي أن يكون الأمر بين مصر ومختلف بلدان العالم.

وحول حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان والتي جاءت تعقيبا على سؤال بشأن تصريحات وزير الخارجية التركي فيما يتعلق بمسألة ترسيم الحدود بين مصر وتركيا بدلا من ترسيم مصر لحدودها مع اليونان، وإن كان ذلك أن تركيا تضع حالة العلاقة المصرية اليونانية عقبة في إطار أي حديث أو تواصل بين البلدين، قال: إن هذا الموضوع تحديدا ليس محل نزاع أو شقاق بين مصر وتركيا. هو نزاع بين تركيا واليونان، لأن تركيا بسبب وجود الجزر اليونانية والتي تُحيط بك للحدود التركية المُطلة على البحر المتوسط صارت تركيا ليست دولة متوسطية. إذا يأتينا رئيس تركيا يدعي أن هذه الجزر واليونان بأكملها كانت جزء من الامبراطورية العثمانية القديمة. وهذا ضلال لا يقبله أي مجتمع ولا تقبله الأوضاع الدولية".

وأضاف "من هنا تجدي من الوضع القوي لمصر أن حلف الأطلنطي (ناتو) يعارض توجهات تركيا في هذا الشأن، مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، التي تسعى تركيا للانضمام إليها أنذرتها عدة مرات واوقفت الخاصة بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. إذا نحن نتخذ موقف مؤيد من المجتمع الدولي، لكن الأهم أنه مؤيد بحلفاء تركيا الأساسيين وهم الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلنطي".

وحول البعد الذي تمثله استضافة مصر بعد أيام قليلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجديدة والذي تحل فيه اليونان ضيفًا للشرف، وما إذا كان لهذا البعد الثقافي رسالة تقدمها مصر عبر قوتها الناعمة، أجاب: بالتأكيد؛ وهذا يؤكد لك أن مصر هي دولة متعددة الثقافات منفتحة على كل بلدان العالم، وهذا لأننا نتباهى بأن لدينا جالية مصرية يونانية هي التي تقود السياحة في اليونان، لدينا جالية مصرية معتبرة هي تُمثل ربع الأسطول التجاري اليوناني ولدينا عمالة مصرية في اليونان كلها محل اعتزازنا وكلها تحوذ أحسن رعاية ممكنة من دولة مضيفة كاليونان، ونحن نريد أن نضرب مثلا لتركيا ونقول: ها هي اليونان دولة صديقة معنا على البحر المتوسط ونُقيم معها أفضل العلاقات بما يتمشى مع مصالح كل الأطراف وما يتفق مع القانون الدولي. ما زالت القيادة التركية بحاجة إلى بعض الوقت لتتعلم أصول العلاقات الدولية كما ينبغي أن تكون".

وفيما يتعلق بمسألة العلاقات التركية الخليجية، والحديث عن زيارة أردوغان إلى لمملكة السعودية والإمارات والإشارات إلى أهمية هذه العودة التركية إلى الخليج لمواجهة التراجع الاقتصادي الواضح بسبب سياسات أردوغان، قال: هو كما نقول بالمثل الدارج "عين في الجنة وعين في النار".. هو يريد دعم من المنطقة، يريد دعم من البلدان الاسلامية الغنية وخصوصا بلدان الخليج، وبالتالي يحاول أن يقترب منها بأسلوب فيه كثير من التردد والشك.

وأضاف "لا يمكن لبلدان الخليج أن تساند تركيا طالما ان لديها نوايا عدوانية على مصر وكذلك ليبيا وأطماعها فيها والأزمة الليبية شق كبير مهم منها ونقل تركيا لمرتزقة صاروا مشكلة الآن كيف تتخلص من عشرين ألف مقاتل لا هوية لهم. فالمشكلة معقدة ولا أظن أن دول الخليج ستجعل تركيا تنال ما تريد طالما أنها بهذا الوضع الغريب مع مصر ومع اليونان. ليس فقط انتماءً إلى العلاقة المصرية الخليجية او اليونانية الخليجية. وإنما من يستثمر هل يغامر بأن يستثمر في بلد تعادي جيرانها وتعادي دول شرق المتوسط وتعادي حلف الاطلنطي وتخرج عن معايير القيادات في الاتحاد الأوروبي؟"

واختتم حديثه قائلا: "إذا هي مسألة أيضا محل توازن، ومحل توازنات كثيرة، سنرى الكثير في المستقبل القريب في هذا الموضوع".